قراءة في كتاب فتنة التفجيرات والاغتيالات الأسباب-الآثار-العلاج تأليف: أبي الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني. نشر : دار الكيان، الرياض، الطبعة الثانية 1426هـ/2006م. مجلد، عدد صفحاته: 503. قراءة: رشيد مومن الإدريسي.

يعلم العقلاء فضلا عن العلماء ما في فتنة التفجيرات والاغتيالات من فساد عريض، مما يلزم أهل العلم وطلابه أن يُحذِّروا منها وأن يبينوا أسبابها وآثارها وكيفية تجنبها والتخلص منها.

ومن الجهود المشكورة في هذا المقام كتاب مستطاب للشيخ الفاضل أبي الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني فقد ألف مؤلفا أثنى عليه ثلة من أهل العلم لكونه جامعا مانعا في بابه، حيث صور هذه الفتنة وشخص أسبابها وآثارها تشخيصا وتصويرا بيِّنا واضحا يُنبِي عن غزارة علم الشيخ ودقة فهمه، وقد أسماه: “فتنة التفجيرات والاغتيالات، الأسباب-الآثار-العلاج”.
وجعله من عدة فصول نافعة، قدم بين يديها بمقدمة ماتعة تطرق فيها إلى جملة مسائل وهي باختصار ترجع إلى أمور خمسة:
1- أن الغلو بجميع صوره منهي عنه شرعا وعقلا وعرفا.
2- أن الغلو والبغي قد وقع من بعض غير المنتسبين للإسلام، مما يدلّ على أن محاولة ربط الغلو بدين الإسلام محاولة ماكرة وسياسة جائرة.
3- أن معالجة هذا الفكر المخالف للسنّة يجب أن يكون باعتدال وإنصاف.
4- أن هذا الكتاب يعالج هذه الفتنة المضلة بشكل عام ولا تعلق له ببلد معين أو قطر من الأقطار.
5- الإشادة بكتاب: “مشكلة الغلو في الدين في العصر الحاضر: الأسباب، الآثار، العلاج” للدكتور عبد الرحمن بن معلا اللويحق، وهو حقيق بهذه الإشادة فقد اطلعت عليه -بحمد الله- فوجدته كما وصفه الشيخ بقوله: “رأيت فيه ما يجعله رحلة الطالبين وروضة الناظرين في التحذير من الغلو الذي وقع فيه الشباب..”.

الفصل الأول: في نعمة الأمن وأهميتها، وسبيل تحققها، والحفاظ عليها.
الأمن والاستقرار نعمة عظيمة يتمتع بها الجميع، والحفاظ عليها -مع وجود مخالفات كثيرة في المجتمعات- مع النصح بالتي هي أحسن هَدْيُ السلف، ومن سلك سبيلهم من أئمة الخلف، وعلماء هذا العصر.
وأن هذه النعمة لا تتحقق إلا بدولة قوية -وإن كانت ظالمة- ولا تكون الدولة قوية؛ إلا بطاعتها ربَّها، وطاعة الأمة لها في طاعة الله عز وجل، وعند اختلال هذا الميزان من جهة الدولة المسلمة، بأن تفرِّط في حق الله أو حق الرعية؛ فلا بد من الصبر من الرعية مع النصح، والاستمرار في الدعوة، وإطفاء الفتن، ونُصْح الذين يُهَيِّجون الدهماء على الملوك والرؤساء، بأن يتركوا هذا المسلك الثوري الخارجي..

الفصل الثاني: في أطوار ومراحل الفكر الذي أفضى إلى التفجيرات والاغتيالات.
المرحلة الأولى (مرحلة العاطفة): أناس وضعوا البذرة الأولى لشجرة الغلو -في هذا الباب- فأثمرت ثمرة مرة حنظلية وهي التفجيرات والاغتيالات وتتمثل في أمرين:
أ‌- التهييج على الحكام وذكر مثالبهم وعيوبهم وإيغال صدور الناس عليهم..
ب‌- ذم كبار أهل العلم وتنقصهم ورميهم بالسطحية والجهل للواقع..
المرحلة الثانية (مرحلة التقعيد والتأصيل لهذا الفكر): طائفة وضعت لذاك التهيج والحماس الثوري قواعد وأصول فاسدة..
المرحلة الثالثة (مرحلة التنفيذ): فلما اقتنع كثير من الشباب المحبين للدين -مع قلة البصيرة- بتلكم الأصول الفاسدة؛ ضحَّوْا بأنفسهم خدمة للدين -في ظنهم الباطل- فلبسوا الأحزمة الناسفة، وقادوا السيارات التي تحمل أطنان المتفجرات فجنوا على أنفسهم وعلى أمتهم.!!
الفصل الثالث: في الآثار السيئة المترتبة على التفجيرات والاغتيالات.
لقد جرت العادة على أن هذه الأعمال التخريبية -بغض النظر عن الأدلة الشرعية بتحريم ذلك- لها من الآثار الوخيمة ما يعود على الإسلام بشر كبير وفساد مرير من هذه الآثار:
1- أن هذه التفجيرات والاغتيالات تُزْهِق أرواح الأبرياء، ومنهم أطفال وشيوخ ونساء، وتقتل أنفساً معصومة الدم بالإسلام..
2- تهدم البيوت، وتفسد المصالح والمنشئات العامة،وتُهلك أموال المسلمين.
3- تزعزع الأمن والاستقرار، وتنـزع الطمأنينة والهدوء، وتثير الرعب والفزع بين الناس.
4- تصد الناس عن سبيل الله، وتُنفِّر من أراد أن يدخل في الإسلام، وتُضْعِف حجة الدعاة إلى الله تعالى في بلاد الشرق والغرب.
5- هذه التفجيرات يتذرع بها المتربصون بالإسلام وأهله في الداخل والخارج، ويُنَفِّقون من ورائها بضاعتهم الكاسدة، وعقائدهم الفاسدة.
6- هذه التفجيرات جلبت الضغوط على المسلمين في كل مكان، مما جعل الكثير من المسلمين يسيئون الظن بدينهم وعلمائهم, بل زادت هذه الضغوط الوحشة بين الحكام ورعيتهم.
7- هذه التفجيرات أثارت جدلاً علمياً واسع النطاق بين طلاب العلم، بين مُعَارِضٍ ومُنْتَصِر، فنتج عن ذلك اختلاف وتهارج، وساءت الظنون، ووقع الفتون، وتجرأ الصغار على الكبار.

الفصل الرابع: في أسباب فتنة التفجيرات والاغتيالات.
لا شك أن لكل مشكلة أسباباً ساعدت على إيجادها وتعقيدها، فأسباب هذه الفتنة المضلة كثيرة ومن ذلك:
1- أسباب تتعلق بالجهل: سواء كان جهلاً بكتاب الله، أو بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بمنهج السلف، أو بقواعد أهل العلم وكلامهم في مسألة التكفير، أو كان جهلاً بمقاصد الشريعة وكلياتها..
2- أسباب تتعلق بموقف هؤلاء الشباب من كبار أهل العلم المخالفين لهم، وذلك بالطعن فيهم، فتسقط بذلك هيبتهم، ولا يُوثَق بقولهم!! ولذا اتخذوا لأنفسهم مرجعيات غير موثوق بها عند عموم الأمة قبل هذه النوازل!!
3- أسباب تتعلق بأمور داخلية وخارجية: فمن ذلك الإعراض عن الحكم بشريعة الله، أو إهمال ذلك، أو البطش بمن طالب بذلك -وإن أخطأ في الأسلوب- ومن ذلك التحديات السافرة من بعض المسئولين أو الإعلاميين، وكذا المواقف الساخرة من ثوابت دينية، كما يقع من بعض الصحفيين والفنانين، وكل هذا، يُقابل بغلو من هؤلاء الشباب، ولو عالجوا ذلك بهدْي السلف؛ لكان خيراً لهم وأقوم..
ومن الأسباب الدولية: احتلال بعض بلاد المسلمين، والضغط على البعض الآخر، وما يلاقيه أهل البلاد المحتلة وغيرها من ذلّ وهوان، كل ذلك يُقابل بالعنف من الشباب، وهذا من رد الخطأ بخطأ، والله المستعان.
4- ومن ذلك أسباب تتعلق بغياب أو ضعف دور بعض العلماء، لا سيما عند بداية الانحراف، وذلك لاشتغالهم بما هو أهم – في نظرهم -.
5- وأسباب تتعلق بشخصية بعض الشباب: كالاستعجال، والغضب، والجفاء في الطبع، والتعصب لشيخ، أو أمير حزب، أو قائد، ونحو ذلك.
6- التعبئة الخاطئة للشباب، ووضع أحاديث فضل الجهاد والشهادة في غير موضعها!!
7- وجود طائفة غالية في التبديع والتضليل للمخالف.

الفصل الخامس: في كيفية علاج فتنة التفجيرات والاغتيالات
جعل الشيخ جماع علاج هذه الفتنة المضلة في النقاط الآتية:
1- تلقي العلوم عن المشايخ المأمونين، والصِّدْق في هذا التلقي.
2- الإشادة بجهود العلماء، ونَشْر مناقبهم، وذِكْر محاسنهم، وبيان فضل اتباع أهل العلم في الحق.
3- الرجوع إلى المرجعية الصحيحة في بابها.
4- نهوض العلماء والمربين بدورهم في العلاج والتوجيه والتربية.
5- الاهتمام بمعرفة مقاصد الشريعة وروحها، وقواعدها العامة وكُلياتها، وسلوك منهج أهل العلم في معرفة تحقيق المناط، وإيقاع الأحكام العامة على الفروع والجزئيات، وحُسْن معرفة المصالح والمفاسد.
6- نشر مذهب السلف في كيفية التعامل مع المنكرات الظاهرة، وعلاج الفكر المفضي إلى التكفير الغالي والتفجير.
7- قيام ولاة الأمور (العلماء والحكام) بما أوجبه الله عليهم.
8- محاربة الغلو بجميع صوره.
9- مراعاة التربية الصحيحة في جميع الميادين.
10- الاهتمام بدراسة قصص الأنبياء عليهم السلام والدعاة إلى الله في كل عصر.
11- تعاون عدة وزارات في البلد الإسلامي بما يوجب عليهم الشرع لعلاج الغلو.
الفصل السادس: شبهات المجيزين للتفجير والاغتيالات والرد عليها
حرص الشيخ في هذا الفصل الكبير على إيراد جملة من الشبهات التي أوردها بعض الناس تبريرا وتجويزا لهذه الأفعال التخريبية، فجاء عليها مسهبا بالرد والكشف عن حقيقتها بالكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة، وبتأصيلات العلماء والأئمة.

الفصل السابع: فتاوى كبار أهل العلم في هذا العصر في التفجيرات والاغتيالات
ذكر فيه الشيخ بعض فتاوى علماء العصر من أهل السنة، بينوا من خلالها بالأدلة القاطعة والنظر السديد حرمة الأفعال التخريبية، بغية معرفة موقف أهل العلم المعتد بهم من تلك الأفعال، حتى لا يغتر المرء بفتاوى من ليس أهلا للكلام في مثل هذه الأمور العظام.

خاتمة
جعلها الشيخ كفهرسة لهذا الكتاب تقرب ما بعد من فوائده، وتجمع ما تناثر من فرائده وشوارده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *