المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء في دورته 13 فضاء لنشر الفكر العلماني والشذوذ الجنسي عن طريق منع الكتاب الديني بقلم: إبراهيم بيدون أحمد السالمي

“يقولون أن المعرض الدولي للكتاب والنشر هو مناسبة لحوار الحضارات وتلاقح الثقافات وتبادل الأفكار.., وما دام أن الكتاب الإسلامي يدعو لخلاف ذلك فنحن قد منعناه من العرض, وإن كنا قد تجاوزنا الحدود في ذلك فهذا من صميم معتقدنا الذي ندين به للآخر, صاحب الفكر العلماني المتفتح والمحارب للفكر الإسلامي المنغلق”.

لسان حال منظمي المعرض

عرفت مدينة الدار البيضاء خلال الأيام الممتدة من 9 إلى18 فبراير المنصرم فعاليات المعرض الدولي الثالث عشر للنشر والكتاب, وشارك في هذه الدورة حوالي 59 بلدا 620 عارضا مباشرا وغير مباشر، وحوالي مائة ناشر من مختلف بلدان العالم، إضافة إلى أزيد من مائتي مفكر، ومؤلف، ومنشط ثقافي، مغاربة وأجانب, كما عرفت مشاركة لدور نشر إفريقية من خلال المشاركة المباشرة لخمس عشرة دولة إفريقية وتسع دول بشكل غير مباشر, وقد سعى المنظمون أن يشكل المعرض ملتقى مفتوحا للجمهور وفضاء للقاء والحوار من خلال مجموعة من الندوات واللقاءات العلمية والمعرفية.
كل هذا الإنفتاح لم يُنس القائمين على المعرض وعلى رأسهم وزير الثقافة الذي ترأس حملة قبل المعرض أعلن فيها التدابير التي اتخذها بخصوص أنشطة المعرض, وأكد كثيرا على موقفه السلبي من الكتاب الإسلامي وأنه حاسم في منع عرضه في أروقة المعرض, بل سيمنع دور النشر التي تنشر الكتاب الإسلامي, وفي هذا الإطار جاء عنه أنه قال بلغة مباشرة:” نحن ليست لنا سلطة المنع وإنما نرفض كل ناشر يخل بقانون العارض.. نحن حاسمون في قرارنا تجاه الكتاب الديني”, ويعني بذلك منعه, ومما يوضح ذلك تصريحه في ندوة صحفية بالمعرض قال فيها: “أن هيمنة الكتاب الديني لا فائدة منه ولا يخدم المعرض في شيء, ورفض أن يظل صنف واحد من الكتب هو المهيمن في إشارة منه للكتاب الإسلامي, وأشار إلى رغبته في التمكين لكتب الفلسفة والتاريخ والاقتصاد والعلوم البحتة!!”.
ولقد أعربت لنا عدد من الدور أن بعضا من عناوين كتبها التي كانت تعتزم المشاركة بها قد تم منعها من طرف القائمين على المعرض، معربين عن استغرابهم الواضح من هذا المنع الذي طال مجموعة هامة من الكتب, ومتسائلين عن طبيعة المعايير التي تم اعتمادها من طرف وزارة الثقافة المغربية لتمنع هذا الكتاب وتمكن للآخر.
وهناك دور أخرى منعتهم الوزارة هذه السنة من توزيع بعض الكتب مجانا على زوار المعرض، في إطار الخدمات المتنوعة التي يعملون على تقديمها لزبنائهم لتحبيبهم على قراءة الكتب التي تُعرف بشرائع الإسلام.
وقد طال هذا المنع أزيد من خمسين دارا حرمت من فرصة عرض كتبها داخل أروقة الدورة الثالثة عشر للمعرض الدولي للكتاب, ووصف الأشعري هذه الدور الممنوعة بـ “سماسرة الكتاب الديني”.
وفي رده على هذا القرار وصف محمد سالم عدنان نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب، قرار إدارة المعرض الدولي بالدار البيضاء، بإبعاد ناشري الكتب الدينية من المشاركة في الدورة: “بأنها خطوة سافرة إلى الوراء، تروم طمس هوية الثقافة العربية الإسلامية وتمارس هواية الرقابة على الكتاب بمزاجية وعشوائية”.

الحضور العلماني داخل المعرض
لقد عرفت هذه التظاهرة الفكرية والأدبية مشاركة العديد من الشعراء والروائيين والأدباء ذوي الفكر العلماني المتشبع بأفكار الغرب والفلاسفة, كعبد الله العروي، فاطمة المرنيسي، محمود درويش، أدونيس، سعيد الكفراوي، محمد الطوزي، محمد أركون ومالك شبل..
في حين لم تتم دعوة أي شاعر أو أديب إسلامي يحمل لواء الدفاع عن الثوابت والمقدسات التي على رأسها الوحيين القرآن والسنة, كأمثال حسن الأمراني وعبد الرحمن العشماوي وغيرهم كثر..
ومن العار أن يُقصى الداعون إلى الإسلام ويفتح المجال لأمثال محمد أركون الذي كان من الحكماء الأربعين الذابين عن علمانية فرنسا والمروجين لها، والذين أفتوا رئيس الدولة المذكورة “جاك شيراك” بمنع الحجاب في فرنسا، بل يكرمون ويقال لهم تكلموا كيفما وأينما شئتم فأنتم من يصحح الأفهام وينير درب الحداثة للمغاربة المنغلقين المتخلفين.
ومن هؤلاء كما ذكرنا “أدونيس”، كبير كهنة عقيدة الحداثة, الذي يُسائل في شعره كاهنة الأجيال بقوله:
“..كاهنة الأجيال..
قولي لنا شيئا عن الله
الذي يولد عن جماجم السماء..”.
فأين هو من قول الله تعالى: “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ”، أوليس هذه هي الحداثة العلمانية التي تدنس كل مقدس؟
هذا المُحْدِث! يستدعيه العلمانيون المغاربة لينشر شعره الحداثي المناقض للعقيدة الإسلامية, حيث ألقى محاضرة تطرق فيها إلى علاقته بالشعر والثقافة العربيتين واعتبرهما حبيستي التأويل المؤسس للنص الديني, وفي معرض كلامه قال أن لا اعتراض له على التجربة الدينية ما دامت تجربة شخصية لا تتجاوز حدود الفرد المؤمن (وهذا الكلام لب الفكر العلماني), وثالثة أثافيه أنه أكد على حق الإنسان في أن لا يؤمن, وأن حق اللاتدين يجب أن يكون مقدسا كحق التدين.
وأما محمد أركون فيقول في في كتابه (الفكر الإسلامي قراءة علمية، ص191): “إن المعطيات الخارقة للطبيعة والحكايات الأسطورية القرآنية سوف تُتلقَّى بصفتها تعابير أدبية، أي تعابير محورة عن مطامح ورؤى وعواطف حقيقية يمكن فقط للتحليل التاريخي السيولوجي والبسيكولوجي اللغوي, أن يعيها ويكشفهما”.
وأما فاطمة المرنيسي فهي قاهرة الطابوهات بالمغرب, وإحدى الباحثات المغربيات التي لا تخشى أن تنبش في الطابوهات لتحريتها والكشف عن خباياها تعمدت تجاوز مختلف العتبات المفروضة قسرا لتسليط الأضواء على كل ما تعتبر أنه يكنفه ظل ما, من مؤلفاتها كتاب:”الحريم السياسي: النبي والنساء” الذي نشر سنة 1987م، وهو كتاب منع نشره مع أطروحتها المعنونة بـ “الجنس كهندسة اجتماعية”، وكذلك كتاب “الحجاب والنخبة الذكورية”.
وأما عبد الله العروي فقال عنه الدكتور مفرح القوسي: “كاتب مفكر مغربي معاصر، ومن أشهر الماركسيين العرب، مختص بالدراسات التاريخية”.
وقال عن كتابه (العرب والفكر التاريخي): “الذي تبنى فيه الماركسية، واجتهد في الدعوة إلى الأخذ بها، بوصفها نظاماً فكرياً متكاملاً، يزود معتنقيه بمنطق العالم الحديث! -على حد تعبيره- ويتناسب مع كل فئات المجتمع المسلم”!!.
إن الأمر لم يقتصر على الكتاب العلمانيين الذين يتكلمون باسم الدين وهم بمنأى عن الوحيين, بل تعدى إلى استضافة الكاتبة التونسية اليهودية “جيزيل حليمي” التي نشرت آخر كتبها تحت عنوان “الكاهنة”, وهي التي قالت لإحدى المجلات الأسبوعية المغربية بأن الإسلام يقيد حرية المرأة المغربية, مثله مثل كل الديانات السماوية التي تنتقص من قيمة المرأة.
فهل من أجل ترويج فكر هؤلاء العلمانيين منع الكتاب الديني الذي يُعِّلم وينافح عن الإسلام المبني على نصوص الكتاب والسنة؟
الكتاب الإسلامي مُنع لأن مؤلفيه من علماء الإسلام ودعاته ما فتئوا ينبهون ويحذرون من خطورة الفكر العلماني في هدم كيان الأمة، والذين تولوا مهمة الدفاع عن مقدسات الإسلام وحرماته، فكتب التفسير والحديث ودواوين الإسلام كلها تدعو إلى الاستجابة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والمغربي إذا استجاب للوحيين حارب ما يناقضهما ومن تم كان الحل عند منظمي المعرض إقصاء الكتاب الإسلامي والدعاية للكتاب العلماني.

الأشعري ودعوى الإنفتاح والتنوع الثقافي!!
لقد اعتبر وزير الثقافة أن هدف المعرض هو الانفتاح على كل الثقافات للحفاظ على التنوع الثقافي واللغوي والتعامل مع دور النشر المعروفة من مختلف أنحاء العالم، فمما قاله بهذا الخصوص: “ولهذا فكل ما نعمله اليوم في المجال الثقافي مرتبط بهذا الاختيار وهو المحافظة على التراث في إطار إعادة الاعتبار للتنوع الثقافي المغربي واعتماد هذا التنوع أساسا لتقديم صورة مغرب مختلف، مغرب غني بتعدده، مغرب قوي بإرثه الحضاري والثقافي”.
وهنا لابد أن نوجه للوزير سؤالا مفاده, ألا ترون أن دعوى التنوع تلزمكم بعدم منع الكتاب الديني والدور التي تنشره؟
بل أليس من صميم الحفاظ على الإرث الحضاري والثقافي (بتحفظ) تشجيع نشر وعرض الكتاب الديني لأننا دولة مسلمة؟
ولعل جواب الوزير هو ما صرح به في حوار أجرته معه إحدى الصحف بعد انتهاء المعرض قال فيه: “إن الذين يتحدثون عن منع وزارة الثقافة للكتاب الإسلامي, مخطئون.. أما الكتاب الديني فهو موجود في أروقة المعرض..”
وردا على ذلك, لعل الوزير غيَّر خطابه الشديد تجاه الكتاب الديني, وهذا لأن الوزير لا يملك من الجرأة ليفصح عن تحيزه الإيديولوجي ضد الكتاب الإسلامي, وإلا لماذا منعت قرابة خمسين دارا مشهورة على الصعيد العالمي بنشرها لهذا النوع من الكتاب منها على سبيل الذكر لا الحصر دار الحديث ، دار طيبة ، دار علوم الحكم، دار السلفية, دار القلم، دار ابن كثير، دار ابن حزم..
وإذا كان مسموحا للكتاب الديني بالعرض فلِم اشتكت الدور المسموح لها من الضغوط المفروضة عليهم, بل هم صرحوا بأن ما عرضوه من الكتاب الديني إنما هو على سبيل المغامرة -التهريب-, ومما يؤكد ذلك أنه عند تواجدنا بالمعرض قدم بعض المشرفين على الرقابة واستنكروا على إحدى هذه الدور.
ثم إن استنكار محمد سالم عدنان نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب, دليل على هذا المنع, ولقد قام المفتش العام لحزب الإستقلال بجهة الرباط-سلا-زمور-زعير بكتابة مقال ينتقد فيه هذا العمل الإقصائي لوزارة الثقافة تجاه الكتاب الديني.., وكذلك مقاطعة المهدي المنجرة للمعرض, والسبب كما يقول هو المنع الذي مارسه الأشعري على الكتب بدعوى أنها كتب ظلامية فيكون قد مارس الرقابة التي ليست من حقه, بل من حق وزارة الأوقاف.., والذين يتولون مهمة الحسبة -إن هم وجدوا-.
وخدمة لهذا النهج الإقصائي فقد منحت الوزارة المعنية دور نشر أجنبية امتيازات وإكراميات واستضافات على حساب دور عربية إسلامية وذلك زيادة في التضييق, فما سلمت الدور الممنوعة ولا العارضة من شطط الوزارة وهذا عين التطرف الفكري.., وقد اعترف الوزير بهذه السياسة المقصودة رجاء النهوض والرقي بحال المعرض, لأن المعارض السابقة كانت تباع فيها كتب الشعوذة والبخور وأصناف من المعرفة الظلامية.
فهل الكتاب الإسلامي الذي كان يهيمن على المعارض السابقة هو من قبيل كتب الشعوذة والبخور؟ وهل المصحف برواية حفص عن عاصم, وصحيحي البخاري ومسلم, والموطأ والمدونة, وتفاسير القرآن هي من أصناف المعرفة الظلامية؟ سبحانك هذا بهتان عظيم, ثم إذا كان الوزير يحارب كتب الشعوذة, فلماذا عرضت العديد من كتب السحر والخرافات والأبراج, وكتب الجنس والشذوذ؟!
إن منهج الوزير في حربه ضد الإسلام وقيمه وثوابته بقصد أو بغير قصد, يظهر جليا فيما يوليه من اهتمام كبير بالمهرجانات والمواسم التي تنتشر فيها المخالفات الشرعية والقانونية بشتى أنواعها.
إن سماح الوزير بنشر الكتب التي تهاجم شرائع الإسلام مثل كتب فرج فودة ومن على شاكلته, ثم بالمقابل منعه للمصحف برواية حفص, وتضييقه على الكتاب الإسلامي في المعرض الدولي -الذي هو مناسبة لتعريف الآخر بديننا الإسلامي وبسماحته وقيمه وأنه منهج حياة يربط العبد بربه, وينظم علاقته بغيره-, يظهر بجلاء إصرار العلمانيين على خوض حربهم الإيديولوجية ضد الثقافة الإسلامية لكونهم يعتبرون أن نشر الكتاب الإسلامي ورقة تخدم مصالح وتوجه التيارات والأحزاب المنافسة لهم في اللعبة السياسية، ضاربين عرض الحائط بهوية المغاربة المسلمين مادام المنع والتضييق يخدم فكرهم العلماني المأفون..

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *