“البت بول” كــلاب المـــوت بقلم: أشرف بولسعاد

يعاني الغرب من تفكك على مستوى الأسرة والمجتمع، ويبدو ذلك واضحا في مخالفة الفطر السليمة في العادات والمظاهر والسلوك، ومن ذلك ظاهرة اقتناء الكلاب لغير حاجة، هذه الكلاب التي باتت سمة من سماتهم وظاهرة من ظواهرهم يعرفون بها عن غيرهم، حيث توجد هناك بكثرة على مختلف أشكالها وألوانها وأنواعها، حتى إنهم من شدة وَلَعهم بها أقاموا لها جمعيات ترعى أحوالها وتدافع عن حقوقها، وتؤمن لها الرعاية والعناية الكاملة، حتى إنك لا تكاد تجد بيتًا يخلو من كلب.
وقد انتقلت هذه العدوى إلى بلادنا -على غرار باقي البلدان الإسلامية- وأخذت تنتشر بكثرة خصوصا بين صفوف الشباب، لكن الغريب في الأمر هو تعاطي بعض الشباب بالمدن الكبرى كالبيضاء والرباط وسلا وغيرها للتربية والاتجار في نوع خطير من أنواع الكلاب تدعى: كلاب الموت “البت بول”، هذه الكلاب التي تم تهجينها لتكون آلة مناسبة للقتل والفتك، حيث إن فكي هذا الكلب إذا ما أطبقا في عضة فإن وزنها يفوق الثلاثة أطنان، مع العلم أن غالبية هؤلاء االشباب لايقومون بتلقيح كلابهم ضد مرض السعار وأمراض أخرى، مما يشكل خطورة كبيرة على هؤلاء الشباب من جهة وعلى المواطنين المغاربة من جهة أخرى.
إضافة إلى هذا النشاط الشاذ فهو يشكل مخالفات لنصوص كثيرة في شرعنا الحنيف تنهى عن اقتناء الكلاب، لغير حاجة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ أمْسَكَ كَلْباً إِلاَّ كَلْبَ حَرْثٍ أوْ مَاشِيَةٍ فَإنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ”. رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: “مَنِ اتَّخَذَ كَلْباً إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ أوْ صَيْدٍ أوْ زَرْعٍ انْتُقِصَ مِنْ أجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ”. (والقيراط: مثل الجبل العظيم) رواه مسلم.
يستفاد من هذين الحديثين تحريم اقتناء الكلاب إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية، فعُلم أنَّ العلَّة المقتضية لجواز الاتخاذ هي المصلحة، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا وُجدت المصلحة جاز الاتخاذ، حتى إنّ َ بعضَ المصالح أهمُّ وأعظمُ مِن مصلحة الزرع، وبعض المصالح مساوية للتي نصَّ الشارع عليها، ومِن المصالح الراجحة استخدام الكلاب في العثور على المخدرات والأسلـحة والمجرمين في وقتنا الحاضر، فمصلحتها أعظم مِن مصلحة الصيد أو الحرث أو الماشية، لأنَّها مصلحة عامة للمجتمع.
جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: أخبرني أبو طلحة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: “لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة”.
ثم إن المتاجرة بالكلاب محرمة، فقد جاء في صحيح البخاري من حديث أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، وقال في رواية: “ثمن الكلب خبيث”، فالأولى بهذه الأثمان المبالغ فيها أن تنفق في وجوه تنفع صاحبها في دينه ودنياه.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد يالنسبة لهذه الظاهرة بل تعداه إلى أعظم من ذلك حيث تتم المرهانة والمزايدة على هذه الكلاب ودفعها إلى الاقتتال حتى يفتك أحدها بالآخر أو يترك فيه جروحات بليغة.
وهذا السلوك اللاأخلاقي مخالف لسماحة الشريعة الاسلامية وعنايتها بسائر مخلوقات هذا الكون، وقد أجمع الفقهاء على حرمة المسابقة بين الدوابّ إذا كان السباق بينها يفضي إلى إضرار دابّة بأخرى على نحو ما سبق، لما ورد عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنه قالَ: “نَهَى رسولُ الله عن التَّحرِيشِ بَيْنَ البَهَائِمِ” رواه أبو داود، وهو الإغراء وتهييج بعضها على بعض كما يفعل بين الجمال والكباش والديوك والكلاب وغيرها، ووجه النهي أنه إيلام للحيوانات وإلعاب لها بدون فائدة بل مجرد عبث، كما فيه تعذيب للحيوان وتعريضه للهلاك فيما لا يفيد، فهو نفس وكبد رطبة ينبغي صونُها عما يُهلكها أو يعرّضها للتلف، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعذيب الحيوان، فقد رُوي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “عُذِّبَت امرأة في هرّة أوثَقَتها، فلم تُطعِمْها ولم تَسْقِها، ولم تَدَعْها تأكل من خَشَاش الأرض”. صحيح

ثم إن في اقتناء الكلاب وإدخالها البيوت جلب للنجاسة حيث يصعب التحرز منها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهنَّ بالتراب” أخرجه مسلم.
فغسله سبعا يدل على التغليظ في نجاسة الكلب، وولوغه في غفلة صاحبه ينجس الطاهر منه، فإذا استعمل في العبادة لم يقع موقع الطاهر، فمن حكم الإسلام لوقاية الأبدان تقريره بنجاسة الكلب، وهذه معجزة علمية للإسلام سبق بها الطب الحديث، حيث أثبت أن الكلاب تصاب بدودة شريطية تتعداها إلى الإنسان فتصيبه بمرض عضال، لذا يجب إبعادها عن كل ما له صلة بمأكل الانسان ومشرب، وفي كشف طبي آخر فقد وجد أطباء بيطريون مختصون في علاج أمراض الكلاب أن تربية الكلاب والتعرض لفضلاتها، ينقل ديدان طفيلية تعرف باسم (توكسوكارا كانيس)، تسبب فقدان البصر والعمى للإنسان.
إذاً ليست المسألة تقاليد اجتماعية وأفكار غير صحيحة، وإنما هو شرع ودين ولا ريب أن كل ما شرعه الله هو محض الخير للعباد، وكل ما نهى عنه فهو شر وفساد قال تعالى: ” فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” النور.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *