جديد الكتب
نعرّف، في هذا العدد، بكتاب “الدبلوماسية الروحية والمشترك الإبراهيمي: المخطط الاستعماري للقرن الجديد”، للباحثة الدكتورة هبة جمال الدين، مدرسة العلوم السياسية بمعهد التخطيط القومي.
الكتاب من نشر “مركز دراسات الوحدة العربية”، ويسلط الضوء على الجذور السياسية والإيديولوجية لما يسمى “الديانة الإبراهيمية الجديدة”، وكذا أهدافها في الوطن العربي الإسلامي، وآليات ووسائل اشتغالها واختراقها، والمشرفين على إنجاح مشروعها.
يقول الباحث والمناضل الأردني الدكتور موفق محادين معرفا بهذا الكتاب: “من الكتب المهمّة التي تستحق القراءة والبناء عليها، كتاب “الدبلوماسية الروحية والمشترك الإبراهيمي” لهبة جمال الدين، التي تبدأ عملها المذكور من التوظيف الأميركي السياسي للدين، سواء في الداخل الأميركي أو عبر الفاتيكان (مرسوم ضد الشيوعية بعد الحرب الباردة، ودور البابا البولندي بولس السادس لهدم المعسكر الاشتراكي وفتح صفحة جديدة في تاريخ الفاتيكان مع اليهودية والصهيونية)، وكذلك تصريحات دالاس، مدير المخابرات الأميركية الأسبق (الحرب الباردة حرب دينية بين الإيمان وموسكو)، وتصريحات الرئيس ترومان لتبرير قصف المدن اليابانية بالقنابل الذرية (كما غضب الرب على سدوم وعمورة)”.
ويتابع: “أما الأهداف الإبراهيمية، بحسب الكتاب، فهي:
1-جزء من الحرب الأيديولوجية الأميركية/ 2-التغطية على تصفية القضية الفلسطينية لمصلحة الكيان الصهيوني/ 3-مشروع الولايات الإبراهيميّة المتحدة كصيغة فيدرالية تجمع العرب مع “إسرائيل” وتركيا وإيران (في ظروف أخرى)”.
ثم يقول: “وبحسب الكتاب، إنَّ مهندس هذه الفكرة أصولي مصري يُدعى سيد نصير، وهو معتقل في السجون الأميركية لاتهامه بقتل الحاخام مائير كاهانا. وقد وصلت فكرته من السجن إلى أكثر من رئيس أميركي، كما إلى جامعة فلوريدا التي تبنّت المشروع”.
لا بد من قراءة الكتاب، ولا بد من الحذر من أن تنطلي علينا الإيديولوجيا الصهيو-أمريكية، فجزء من ذلك ترديد تلك الإيديولوجيا كأنها الحقيقة، بدل الكشف عن خباياها وما يجري تحتها من “مصالح منكرة”.
مكتبتك في تاريخ المغرب
كتاب “المغرب: تاريخه، حضارته، حقيقته” لمؤلفه علي طعمة، كتاب في تاريخ المغرب الحديث.
“إن هذا الكتاب شهادة.
وإنها لشهادة حق. فيها الوقائع صحيحة والأرقام دقيقة والمقدمات سليمة وربما كانت أقل من حقيقتها، توخيا للمعرفة وانتصارا للعلم. والشروح الأدبية والوجدانية التي فيه، ووصف مشاهد كالمسيرة الخضراء، التزم الكاتب فيها أن يلتجم دون الهوس والحماسة، ودون الشاعرية التي لو انفجرت لما كانت مأخذا ولا شينا، لأن مشهد مئات الألوف لشعب يمشي على الرمال المحرقة كيما يحج إلى أرض له سليبة، وإلى قسم من ترابه يستعيده بالصلاة والنذور، وبالأفطار على كومة من رمال الصحراء، مشهد عظيم يوحي للشاعر بشعر لا مثيل له وللناثر ببيان رفيع هيهات أن يعبر عن غصة علوية تخنق الحلق، وتكبت القلب، وتمزق الفؤاد”. (تقديم صبحي الصالح على الكتاب).
الكتاب من نشر “مؤسسة الهيثم للصحافة والطباعة والنشر-بيروت”، ويقع في ثلاثة أبواب: الوطن والشعب والعرش؛ قيادة ومسؤوليات جديدة، المغرب الجديد والإنسان الجديد.
قراءة الكتاب ستكون ذات فائدة، بالنسبة لقارئ، خاصة الباب الثاني، حيث الحديث عن قضية الصحراء المغربية، وحيث اعتمد الكاتب مراجع ذات أهمي، ككتاب “الصحراء المغربية: عقدة التجزئة في المغرب العربي”، للدكتور علي الشامي.
فنون: سينما من لا شغل له..
“سينما من لا شغل له”، أو لعلها “سينما من لا سينما له”؛ حيث يتوافد على السينما كل مرة مغنون وصحفيون، أو حتى ممثلون لا يتقنون صنعة التشخيص السينمائي، أو مخرجون لا يتقنون لا التقنية ولا المعنى.
عقولهم في الغرب، وأجسامهم في الشرق. تشخيص باهت، تقنيات مستوردة، وإشكاليات مستوردة.
فتختزَل الكفاءة في الحصول على جوائز دولية! وتلك جوائز لا تقدَّم جزاء كفاءة المخرج ومشخصيه، وإنما جزاء الوفاء لخط بعينه في المعنى السينمائي.
منتجون ومخرجون ومشخصون بطعم سياسي لا يعونه، أو يعونه بمقدار العجز والاستلاب والاغتراب عن الذات المغربية؛ فدائما ما ينزع المغلوب إلى تقليد الغالب، كما أكد ابن خلدون في “مقدمته”.
إلا أن غالب بداية الألفية أخذ يفقد السيطرة شيئا فشيئا، فماذا تراكم فاعلون؟! أتأخذون زمام المبادرة لتنقذونا وتنقذوا أنفسكم من تقليد الغالب، أم أنكم ستنتظرون الغالب الجديد لتسيروا سيره من جديد؟!
نافذة على مشروع فكري
مشروع العلامة عبد الله دراز (5):
(…)
– تعريف الظاهرة الدينية في علاقتها بالفلسفة وسائر العلوم
في تمييز الدين عن الفلسفة، يقول العلامة دراز: “غاية الفلسفة نظرية حتى في قسمها العملي، وغاية الدين عملية حتى في جانبه النظري”، ويقول: “فأقصى مطالب الفلسفة أن تعرفنا الحق والخير ما هما؟ وأين هما؟ ولا يعنيها بعد ذلك موقفنا من الحق الذي تعرفه، والخير الذي تحدده. أما الدين فيعرفنا أن الحق لا لنعرفه فحسب، بل لنؤمن به ونحبه ونمجده، ويعرفنا الواجب لنؤديه ونوفيه ونكمل نفوسنا حقيقة”. (محمد عبد الله دراز، الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان، دار القلم، ص:71).
وفي علاقة الدين بسائر العلوم، فإن العلامة دراز يؤكد: أنه ليس بالضرورة أن يباشر رجل العلم التجربة الدينية (وليس بالضرورة أن يحدث العكس أيضا)، وأن تصادق نتائج العلم والدين ضرورة وإلا فإن أحدهما هو الباطل والضلال. (نفسه، ص:78).
– الدين في تاريخ الإنسان
الدين أصيل وعريق في حياة الإنسان، والتدين لا دليل على تأخره عن نشأة الإنسان، وليس هناك ما يدل على أن “فكرة التدين ستزول عن الأرض قبل أن يزول الإنسان”. هذا هو تصور العلامة دراز للدين في تاريخ الإنسان، وهذا ما تناوله بمزيد من التفصيل في كتابه. (نفسه، من ص 82 إلى ص 91)
– الدين في النفس والمجتمع
في النفس: “فطرة، وتطلع، وشوق غريزي إلى الأزلي الأبدي، وطلب حثيث للكلي اللانهائي”. وفي هذا دلالة للإنسان: “على مطلوبه كدلالة الأثر على صانعه، وعلى أن فيه عنصرا نبيلا سماويا خُلِق للبقاء والخلود”. (نفسه، ص:97).
وفي المجتمع، فإن الدين “أكثر قوة تكفل احترام القانون في الأرض وتضمن تماسك المجتمع واستقرار نظامه والتئام أسباب الراحة والطمأنينة فيه”. وهو أكثر قدرة على التأثر في الحياة بالفكر والضمير، عكس ما يقول به كارل ماركس (وهذه في الحقيقة قراءة خاطئة للماركسية، وهي فهم للماركسية على أنها “اقتصادوية”). (نفسه، ص:99).