إنها رائحة الموت تنبعث من قاع قناة عين السبع، قناة دوزيم التي تبث كل ما عافه السبع وكرهه الضبع من برامج ومسلسلات اختلفت أسماؤها واتفقت على القبح والرذيلة والفجور.
هذه القناة خصوصا وإعلامنا عموما صار وجهة عكس وجهة الهوية والدين والتاريخ، وأصبح السلاح الفتاك والعامل المتصدر للريادة في إفساد الشعب فكرا وعقيدة وسلوكا.
وأزعم أنهم نجحوا في الإفساد وانتهى مشروعه، واليوم يعملون جاهدين وبكل الوسع للحيلولة دون أن يندحر هذا الفساد المستشري؛ وأن نعود إلى سالف العهد من الأخلاق والقيم والفضائل…
فكتيبة المفسدين عين لا تنام؛ ونبض لا يتوقف من أجل مشروع القتل؛ قتل كل جميل في الحياة، قناة دوزيم اختصت في هذه الجريمة وصارت لها خبرة مع طول السنين، فلا غرابة أن نقرأ على صفحات الجرائد والمواقع أن طفلا بريئا لا يتجاوز تسع سنوات ومن البادية قتلت فيه دوزيم البراءة أولا، ليقتل نفسه انتحارا بسب مسلسل تركي يسمى ” خلود”.
وللاسم معنى ودلالة على خلود الشعب في مهاوي الأخلاق القبيحة والتخلف الحضاري بعد “سنوات الضياع” التي عاشها الشعب المغربي، حتى وصل اليوم الذي تموت فيه الأجساد قهرا بسبب ما يبث في هذه القناة المتسلطة، وذلك بعد أن قتلت في أكثر المواطنين الروح التي هي سر الحياة، والإنسان بالروح لا بالجسم يستحق هذا الوصف.
لقد مات هذا الطفل بسبب مشاهد رآها على شاشة دوزيم، القناة التي تأخذنا إلى الهاوية، فهل ستحاسب على ذلك باعتبارها تتحمل المسؤولية المعنوية في هذه الواقعة، ولا سيما تعلقها بناشئ قاصر الإدراك والوعي، لم يجد من البرامج ما يقوم مساره المعرفي والأخلاقي غير الخنا والرذيلة ورائحة الموت، والظاهر أنه لم يجد في البيت غيرها والله أعلم؟
فأين الذين أقاموا الضجة من أجل القاصر… (أمينة الفيلالي) وحملوا الإسلام والعلماء ما لا يحتمل!!
هل بحت حناجرهم؟ أم عميت أبصارهم؟ أم استغشوا ثيابهم ووضعوا أصابعهم في آذانهم وأعرضوا إعراضا؛ لأن ما حصل ضمن أجندات الحداثة وذاك ما يريدون.
كثير هم الذين قتلت فيهم القناة بسمومها الرجولة والشهامة والغيرة والحياء والعفة والشرف وكل خلق نبيل، فهم كالبيوت الخربة أشباح بلا أرواح، وآخرون كانت سببا في ذهاب عقولهم التي تميزهم عن الحيوان فصاروا في الخلق -بضم الخاء- سواء وإن هم في الخلقة مختلفون، وآخرون أصابتهم أمراض الوسواس والصرع والاضطرابات النفسية.
فقد كتب أحد الإخوة على صفحته في الفايسبوك أن أبا جاءه بابنه الذي بدأ يتصرف تصرفات غريبة ويضحك بدون سبب، بسبب مشاهدته لبرنامج “أخطر المجرمين”، ولا أخطر إجراما من هذه القناة التي تقتل وتسرق وتسلب وتختلس وتنتشل كل مقومات الحياة الطيبة السعيدة الفاضلة.
هذه القناة المغربية المولد والنشأة، الغربية الهوى والمشرب، تربع على عرشها شرذمة قليلون يفسدون ولا يصلحون، ويتصدون لكل من يسعى في الإصلاح؛ ولا أدل على ذلك من تصديهم بكل قوة ومجاوزة لحدود المسؤولية لدفاتر تحملات الإعلام العمومي الذي أعده الوزير بصفة تشاركية، لكن تماسيح الماء العكر تأبي الصفاء.
يخربون بيوتنا وقلوبنا بأموالنا، فيا للخيبة!
فنظرة متأملة على ما يبث على أثيرها من برامج متنوعة لا تخرج عن سمة التغريب والإفساد والتحكم الممنهج فيما يقدم للمشاهدين؛ حتى في البرامج الحوارية لا ترى إلا ضيوفا من لون واحد، لون الفساد والإفساد، ولتذهب التعددية التي يتغنون بها إلى الجحيم.
عندها يتساءل المرء عن جدوى تناسل المسلسلات المكسيكية والتركية والهندية والبرازيلية و… ذات الموضوع الواحد؛ الحب والغرام والعلاقات المحرمة وأبناء الزنا والخيانة وهلم جرا. والتي تتوزع على فترات متتالية، بمعنى من أخطأته قذيفة هذا المسلسل لم تخطئه التي بعده.
وهكذا فالإفساد منثور بين أفراد الشعب بالتساوي، ومراعاة لأوقات فراغ السادة المشاهدين الأسرى عند جنود قناة دوزيم، إضافة إلى البرامج الاجتماعية والترفيهية (استديو دوزيم، لالهم العروسة، المدام مسافرة، الخيط الأبيض، أجيال!…) التي تتناسل كالفطر السام والبكتيريا القاتلة، والتي لا تنتهي دورة منها حتى تبدأ الأخرى، ولا يتركون للمتابعين لحظة يعيدون فيها الأنفاس، أو يرتبون فيها الأوراق، لعلها تأخذهم نفحة من صحوة، أو يدركهم بلسم من دواء يستأصل سرطان القناة الماحق.
والملاحظ على هذه البرامج أنها تزداد جرأة وقبحا وهي عندهم قياس لمدى تماهي الشعب المغربي مع سياسة القناة التميعية وتأثيرها عليهم، وإلى أي حد بلغت نسبة نجاحهم في عزل المغاربة عن دينهم دين القيم والأخلاق السامية.
لقد كانت القناة تغرد خارج السرب، لكن السرب اليوم صار يغرد مع القناة، وليعلم الجميع أن أساس البلاء المحدق بالمغرب والمغاربة هو الإعلام غير المسؤول وغير الجاد، الإعلام المرتزق الذي لا يهمه إلا المصلحة المادية وإن بتبني مخططات الأعداء، ما دام ذلك يعود عليهم بالدينار والدرهم والحظوة، ولا مجال للحديث عن الوطنية ومصلحة الوطن إلا بالقدر الذي يحقق ذات المصلحة. فما من ظاهرة سلبية يعرفها المجتمع إلا والمتهم الرئيس بها هو الإعلام وعلى رأسه “دوزيم” و”الإثم” القناة الوطنية يا حسرة!
وكم هو مؤلم أن ترى كثيرا من الناس يشتكون وينددون بسياسة هذه القنوات على المواقع والمنتديات وشبكات التواصل الاجتماعي حتى اضطرت القناة الزجاجية أن تغلق صفحتها على الفايسبوك لكثرة من هاجم توجهها لا سيما مع أزمة دفاتر التحملات التي كشفت كثيرا من المخبوء، وذلك من ذوي الضمائر الحية من أهل هذا الوطن، من الذين لم تستطع أن تسرقهم من أنفسهم وتختطفهم من قيمهم.
ومع كل هذا لا زال رجال الظل مستمرون حتى ينتهي كأس السم الذي نتجرعه قطرة قطرة، وتنفذ بنود المخطط كاملة، ويموت في المواطن المغربي كل إحساس وشعور بالإنسانية، ونصبح جميعا قطعانا من الماشية تقودنا شرذمة إلى الموت.
فاحذروا يا مغاربة فإن إعلامنا يقتل ويجنن، وإنه لأذى فاعتزلوه حتى يتطهر. نسأل الله السلامة للوطن وأهله.