منذ إنشائه قبل حوالي أربع سنوات، أصبح مصلى التراويح بتجزئة المنزه وليلي في حي الانبعاث بمدينة سلا مقصدا لآلاف المصلين الذين يأتون إليه لأداء صلاتي العشاء والتراويح والتهجد، لاسيما مع تميزه بقراء ذوي أصوات ندية يحيون ليالي رمضان فيه بتلاوات مباركة لآيات الذكر الحكيم.
وقد التقت «السبيل» في إحدى ليالي رمضان هذه السنة بالمقرئ المتميز محمد إراوي، إمام مسجد رياض الألفة بالدار البيضاء، بعد إمامته للمصلين بمصلى حي الانبعاث، فكان لنا معه هذا الحوار:
1- الشيخ محمد إراوي، كيف حفظت القرآن الكريم، وكم كان سنك آنذاك؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين، بداية أشكر الإخوة الكرام القائمين على شؤون هذا المصلى في هذه الليالي المباركات، وأشكرهم على هذا التنظيم الرائع في هذه الخيمة القرآنية بامتياز، وأبارك لكم وللقراء وللأمة الإسلامية جمعاء هذه العشر الأواخر، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا فيها من المرحومين.
قصة حفظي للقرآن الكريم كانت كبداية أي طفل صغير، ما إن يبدأ بتعلم النطق والمشي حتى يتم إدخاله إلى الكُتاب، وبعد دخولي إلى الكتاب ومكوثي فيه سنوات، كان إتمام حفظي لكتاب الله في سن 14 سنة تقريبا.
2- باعتبارك إماما تؤم آلاف المصلين، ما تقول في دور الصوت الحسن والتلاوة الجيدة في تحصيل الخشوع لدى المأمومين وتدبرهم لكلام الله؟
من المعلوم أن الصوت الحسن يزيد القرآن جمالا وبهاء، حتى إن بعض أهل التفسير فسر قول الله تعالى: {يزيد في الخلق ما يشاء} بأن المقصود به الصوت الحسن، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «زينوا القرآن بأصواتكم»، وقال: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»، فالصوت الحسن يزيد معاني القرآن وضوحا، ولهذا فليس مستغربا أن نرى كل هذا الإقبال من المصلين على المساجد والمصليات التي فيها قراء ذوو أصوات مميزة، وقد كان هذا الأمر مشهورا حتى في زمن رسول الله وصحابته الكرام، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: «لقد أوتيتَ مزمارا من مزامير آل داوود».
3- هناك ظاهرة تتكرر في كل سنة مع حلول شهر رمضان، وهي الإقبال الكبير على الصلاة في المساجد من أناس كانوا يقاطعونها طيلة السنة، فما نصيحتك لهؤلاء؟
رمضان هو الشهر الذي تصفد فيه الشياطين، وهو شهر الخيرات والبركات، وشهر العبادة، فالذين كانوا بعيدين عن الله سبحانه وتعالى وبعيدين عن طاعته، ونراهم في رمضان يقبلون على بيوت الله وعلى تلاوة كلامه والتقرب إليه، أنصحهم بأن يراجعوا أنفسهم، وألا يكونوا من عُبّاد رمضان، وإنما من عباد رب رمضان ورب الشهور كلها سبحانه وتعالى، فالذي يقبل على الله في رمضان ثم يعود إلى ما نُهي عنه بعده عليه أن يتقي الله فإن هذا لا يليق بمسلم، ولهذا أناشد الإخوة والأخوات الذين تابوا إلى الله عز وجل في رمضان أن يستمروا على الطاعة حتى يَلقَوا ربهم سبحانه وتعالى.
4- في الختام، هل من كلمة توجهها للإخوة القائمين على هذا المصلى الكبير، والساهرين على تدبير شؤونه ليكون في هذا المستوى الجيد؟
الحقيقة أن ما سأعبر عنه ليس رأيي فقط، وإنما رأي مجموعة من الإخوة الذين رافقوني، كلنا نجمع على إعجابنا بهذا التنظيم الرائع، ونتوجه بالشكر الجزيل لكل المنظمين ولكل من أسهم من قريب أو بعيد في تهيئة هذا المصلى، ونقول لهم جميعا: جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم، وهنيئا لكم أن هيأتم هذا المكان الجميل لتجمعوا الناس حول كتاب الله عز وجل.
فتقبل الله منكم، ونسأله سبحانه أن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.