منوعات

المؤتمرات الحوارية مع الغرب بين التضليل والاستغلال
لا نذكر عن المؤتمرات التي عقدت للحوار بين فريقين مختلفي الرؤية والأفكار أنها خرجت بنتائج إيجابية لصالح المسلمين..
بل على العكس من ذلك؛ ففي مؤتمرات ولجان الحوار بين الأديان لم يستفد المسلمون شيئا؛ إذ انتزعت طوائف منحرفة الشرعية بمجرد قبول المسلمين الحوار معها.
وفي حوار ولجان التقريب بين السنة والشيعة التي عقدت بشأنها مئات المؤتمرات لم يستفد أهل السنة شيئا؛ واستفاد منها الجانب الشيعي (الرافضي)؛ فتغلغل بين أوساط أهل السنة واستطاع دس أنفه في العديد من المجالات تحت مسمى التقريب؛ واستغل انصياع العامة خلف بعض العلماء المشهورين؛ والتقط بعض كلمات المديح والمجاملة التي تلفظ بها بعض الرموز المغرر بهم؛ وأضاف إليها الكثير من الأكاذيب والأباطيل للترويج لنحلتهم ومذهبهم المنحرف.
فمنذ أيام قلائل؛ وفي قلب العاصمة الفرنسية؛ دعا عميد المركز الثقافي والاجتماعي بمسجد الدعوة بباريس إلى عقد مؤتمر حواري بين مفكرين وعلماء مسلمين وعدد من العلماء والقساوسة الشرقيين والغربيين، واختار له عنوانا “الغرب والإسلام من الارتضاض التنازعي إلى التقاطب العلائقي”.
وقد مثل المسلمين الدكتور عمر عبد الكافي والدكتور الجزائري أحمد بن نعمان وعدد من الأستاذة الجامعيين في فرنسا وسويسرا؛ والأستاذ كمال الهلباوي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، في حين حضر من الجانب الآخر عدد من الأساقفة والمطارنة منهم المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة الروم الأرثوذكس في فلسطين؛ وحضره أيضا عدد من أساتذة اللاهوت في جامعات فرنسا.
وناقش المؤتمرون موضوعات معقدة لم تخضع من قبل لمعايير المدح أو الذم في المؤتمرات، بل خضعت دوما لقانون البقاء للأقوى وحب الذات واستعراض القوة والاستيلاء على الخيرات من قبل القوي تجاه الضعيف، وتخضع أيضا لمعايير القضاء على الإسلام.
وكان من أهم الموضوعات التي نوقشت في المؤتمر من طرف الممثلين المسلمين:
– مشكلة الاستعلاء بالقوة والتخويف بها الذي يمارسه دوما العالم الغربي تجاه العالم الشرقي إجمالا والمسلمين خصوصا.
– الهيمنة الغربية بقيادة أمريكا مما يتنافى مع الأخوة الإنسانية لدرجة استباحتهم للحرمات الإقليمية والسيادية للدول وقتل الأبرياء تحت وهم مسميات مزعومة أولها مسمى الإرهاب.
– الانتقال إلى استعمار جديد عسكري وفكري وثقافي وسياسي باسم مساعدة الديمقراطية؛ ودعم فئات معادية لمصالح شعوبها كالدكتاتوريات سياسيا والليبراليين فكريا.
– الوقوف في وجه تنمية الآخرين وتقدمهم العلمي والبحثي والتقني واحتكار التقنية وعدم السماح لغيرهم من الاستفادة منها ومحاربتهم.
– المواقف السياسية المتخذة وفق معايير مزدوجة تجاه القضايا المتماثلة مثل دعم بعض الشعوب ضد حكامها بمساعدتهم في إثارة الثورات أو محاكمة بعض المسئولين بتهم إيذاء الشعوب أو ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين مثل نظام البشير؛ في حين تغض الطرف عن ممارسات في منتهى الظلم والقهر في فلسطين.
– الاستيلاء على ثروات الشعوب بسرقة النفط تارة وتجميد الأرصدة تارة أخرى.
– الدعوة لتدمير البنية الاجتماعية في الشعوب الشرقية كنظام الأسرة؛ ومحاولة محو العلاقة الأسرية والمجتمعية بين أفراد تلك المجتمعات.
ومع ثقتنا الكاملة بعدالة كل هذه القضايا التي طرحت؛ وحاجتنا إلى عرضها على الغرب ولفت أنظارهم إليها مرة بعد مرة، ومع يقيننا بجدوى الحوار والدعوة إلى الله في هذه البلدان؛ وعرض الشريعة والدين الإسلامي عرضا صحيحا بعيدا عن الغلو والجفاء والميوعة؛ لكننا على يقين أيضا أن دوائر صنع القرار في الغرب لا تتأثر مطلقا بحديث المؤتمرات؛ لأنها لا تعي إلا لغة وحيدة وهي: لغة القوة.
ومادام العالم العربي والإسلامي -للأسف الشديد- لم يُفعِّل بعد شرائع دينه الحنيف؛ ولم يطور قدراته العسكرية والاقتصادية والتقنية.. فسيظل الغرب غير مبال بحوارتنا ولا حتى تنازلاتنا.
هذا ما أكده قادتهم الحربيون وفلاسفتهم العسكريون؛ حيث قال الجنرال شارل: “الذي لا يمتلك مفاتيح الحرب، لا يمتلك مفاتيح السلام”.
وهي الكلمة نفسها التي قالها من قبله نابوليون بونابرت: “إن آخر قطعة أرض تستطيع الوصول إليها في المفاوضات هي أخر مدى لمدافعك”.
وفي مثله قال الألمان أيضا: “إذا أردت سلاماً طويلاً فهيئ مدافعك أولا”.
(ي.ب)

مؤتمر مشبوه لمهاجمة القرآن الكريم
في ذكرى رحيل”نصر أبو زيد”
يحيى البوليني

مر عام على وفاة نصر حامد أبو زيد بفيروس مجهول أصابه بفقد ذاكرته كليا، ذلك الرجل الذي كان يدعى بـ”المفكر الإسلامي” والذي حكم عليه القضاء المصري عام 1995م بالتفريق بينه وبين زوجته نظرا لعدم جواز زواج المسلمة من مرتد.
وسبق للأزهر الحكم عليه بالردة لمخالفة بعض أقواله للمعلوم من الدين بالضرورة؛ مثل قوله عن القرآن الكريم وفق ما جاء في كتبه أنه “نص بشري ومنتج ثقافي لا قداسة له”!!! ومطالبته بتحرر المسلمين من سلطـة النصوص وأولهـا القرآن الكريم؛ وأنه قد “آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها، بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا، علينا أن نقوم بهذا الآن وفورًا قبل أن يجرفنا الطوفان” (نصر أبو زيد في كتابه: الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية).
وفي الذكرى الأولى لوفاته عقد مؤتمر مشبوه جمعت فيه رموز مشبوهة ومشهورة بالهجوم على الدين وثوابته؛ وسعيها إلى إفراغه من مضمونه ومحتواه، وقد عقد المؤتمر تحت اسم بعيد كل البعد عن أهدافه حيث أسموه “مؤتمر الفكر الإسلامي الجديد” واختير لعقده مدينة ألمانية برعاية معهد إسن لعلوم الثقافات وجامعة زيورخ.
ونفث المؤتمرون سموما عدة؛ أخرجوها من عقول لم تعرف دينها حق معرفته؛ فصارت تتهجم على كل ثوابته وأصوله تحت مسميات الحداثة والتجديد؛ فكان من أوائل من تحدثوا أمينة ودود التي أثارت زوابع كثيرة منذ سنوات بمخالفتها لكل ثوابت الأمة وإجماع المسلمين في كل العصور، وأقامت أول صلاة جمعة تؤذن لها وتؤدي فيها خطبة الجمعة وتؤم الصلاة بالمسلمين فيها امرأة.
فقالت في مشاركتها متطاولة على الله عز وجل: “إن الله في النص المقدس هو “سجين” وينبغي علينا أن نحمي القرآن من نفسه، بل ونحمي الله من القرآن” -تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا-.
وقد اختارت اللجنة المنظمة للمؤتمر لإلقاء الكلمة الافتتاحية الإيراني شابيستاري؛ الذي كرر نفس أفكار نصر أبي زيد التي أودت به إلى الردة كما أفتى علماء الأزهر الشريف؛ وكان من ضمن ما جاء في كلمته: “هل القرآن بالفعل كلمة الله التي وصلت إلى الناس مباشرة وبلا تحريف، أم أنه كلام الرسول” أي أنه كلام بشري ليس له أية قداسة لا في أفكاره ولا في ألفاظه ولا أحكامه، كما طالب بتطوير علم تأويل جديد للقرآن الكريم يتكيف مع ما يسمونه بتطورات العقل البشري القاصر من أفكار وتصورات.
وكانت ثالثة الأثافي هي تدخل السوري عبد الكريم شروس الذي اتهم الفكر الإسلامي بالتقارب الكبير مع الفكر الماركسي! مدللا على ذلك بعدم نمو وتغلل الأفكار الليبرالية التي لم تجد لها رواجا داخل المجتمعات الإسلامية.
وكان رابع المتحدثين ويدعي فريد إيزاك وهو ناشط جنوب إفريقي في مجال حقوق الإنسان -ولا ندري ما علاقته بالفكر الإسلامي- حيث تجرأ على آيات قرآنية ادعى أنها تمارس تمييزا وتهميشا تجاه غير المسلمين مثل اليهود والنصارى، واعترض على وصف بعض الحيوانات في السنة بأنها نجسة مطالبا بحذف تلك الآيات والأحاديث؛ وطالب بتسليط الضوء فقط على القرآن الذي أسماه بـ”المقبول أخلاقياً وذلك عبر القراءة التاريخية للقرآن”.
إن هذه المؤتمرات وأشباهها التي تحاول النيل من الدين الإسلامي والتي يدعمها تحالف كل القوى المناوئة له من الليبراليين والشيعة والحداثيين وغيرهم لتحتاج من العلماء والمفكرين الإسلاميين يقظة وعملا دءوبا للذود عن دينهم، كما تتطلب من علماء الإسلامي تبيان الحكم الشرعي في من يتبنون تلك الأفكار حتى يحذرهم الناس وينفضوا عن أفكارهم المخالفة لثوابت ديننا.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *