المنافسة الاستراتيجية الأمريكية الإيرانية
براندون فيت
مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية
ترجمة: مركز الشعلة للأبحاث والنشر والترجمة
لقد أصبحت المنافسة الأمريكية الإيرنية بمثابة لعبة الشطرنج ذات الأبعاد الثلاثة، ولكنها لعبة يستطيع كل طرف أن يغير قواعدها مع كل نقلة. كما أنها لعبة أيضًا مستمرة منذ ما يقرب ثلاثة عقود، ومن الواضح أيضًا أنها لعبة من غير المحتمل أن تنتهي بحوار أفضل وبفهم متبادل، وأن النسخة الإيرانية من “الديموقراطية” من غير المحتمل أن تغير الطريقة التي ستلعب بها في المستقبل المنظور.
وكرسي بورك في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية يعد تحليلاً مفصلاً لتاريخ وطبيعة تلك المنافسة، كجزء من مشروع تدعمه مؤسسة سميث ريتشاردسون، وهذا أدى إلى إعداد نسخة تقرير جديدة بمسمى “المنافسة على الأطراف في أمريكا اللاتينية وأفريقيا”.
وهذا التقرير يظهر أن إيران تحاول أن تحظى بتعاون عدة دول تقع على الهامش الاستراتيجي الجغرافي للمنافسة بين الولايات المتحدة وإيران من أجل خلق شبكة من العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية أو الشركاء الذين يستطيعون أن يقللوا من آثار العقوبات الدولية الموقعة على إيران، ويقاومون المحاولات الغربية للحد من طموحاتها الدولية.
وهؤلاء الشركاء على تلك الأطراف الجغرافية يقعون بصورة أساسية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، ويعملون أيضًا كأسواق بديلة للنفط الإيراني ويوفرون غطاءً دبلوماسيًّا للجهود النووية الإيرانية ويساعدون إيران في استحواذها على البضائع المحظورة عليها طبقًا للعقوبات الاقتصادية الدولية.
والاستراتيجية الإيرانية تعمل ببراجماتية بعيدة عن منطلقاتها الأيدلوجية والدينية من أجل هدف إنشاء تحالف من الدول غير الغربية أو المعادية للغرب تكون قادرة على التأثير في محددات التنافس بينها وبين الولايات المتحدة، وتلك الدول تعِدُها إيران بالمساعدات الاقتصادية في مجالات الطاقة وبالتحدي الإيراني للنظام الدولي العالمي الذي تهيمن عليه الدول الغربية.
كما تستمر “الجمهورية الإسلامية” في وصف عزلتها الحالية على يد الولايات المتحدة والغرب بأنها استمرار للإمبريالية الغربية، وتعتمد على كونها من دول حركة عدم الانحياز لاستدرار الدعم من الدول الفقيرة والمحبطة في القارتين الأفريقية واللاتينية والتي لها مظالم مع النظام الغربي ودوله الكبرى.
وطبقًا للقادة الإيرانيين فإن المنافسة الإيرانية مع الولايات المتحدة وحلفائها لا تعتبر مجرد مسابقة بين الدول، ولكن صراع بين الرؤى العالمية للفريقين، فالولايات المتحدة تمثل دولة مستغلة في حين تقدم إيران نفسها على أنها توفر الوعود بنظام بديل يؤدي إلى احترام سيادة الدول ومصالحها وخاصة الدول النامية منها.
فقد تحدث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للجماهير في نيجيريا عام 2010 ودعاهم إلى انفصال حاسم مع النظام العالمي الحالي الذي تسيطر عليه الدول الغربية، قائلاً: “يجب علينا أن نطور التعاون المثمر بين الدول النامية من أجل انتشال أنفسنا من هيمنة القوى الغربية، وهذه الجهود مستمرة في الدول النامية المستقلة اليوم، يجب علينا أن ننشئ منظومة عمل جماعية برؤية تهدف إلى إنشاء نظام اقتصادي عالمي جديد مستقل تمامًا يعتمد على العدل والمساواة”.
وبالرغم من أن معظم الدول التي تحاول إيران التواصل والتعاون معها هي دول فقيرة اقتصاديًّا وضعيفة عسكريًّا، إلا أن طهران بسطت شبكة واسعة تحاول من خلالها أن تبني منظومة من الشركاء لموازنة الثقل الغربي وهيمنته على النظام العالمي، كما أن إيران تهدف إلى أن تكون مركزًا للكتلة غير الغربية وتهدف إلى إضعاف النفوذ الأمريكي على إيران عبر العالم النامي.
وقدرة الولايات المتحدة لمقاومة تلك الجهود الإيرانية لتوسيع شبكتها في تلك الدول تكون في أشد حالاتها في الدول التي تستفيد بصورة أكبر من المساعدات الأمريكية، وتكون في أدنى مستوياتها في تلك الدول التي تفتقد إلى القواعد الأساسية من التفاهم مع الولايات المتحدة أو التي تختلف أيدلوجيًّا معها.
كما أن التحول الإيراني إلى دول الأطراف يحمل في طياته إمكانية إضعاف المحاولات الأمريكية لاحتواء وعزل إيران، فبالرغم من أن شبكة طهران شبكة هشة إلا أنها قد تكون خادعة.
فيجب على الولايات المتحدة أن تنتظر وترى إذا كانت إيران تستطيع أن تستفيد من وعود التنمية التي قطعتها على نفسها أمام أصدقائها المحتملين، فالخطة الإيرانية هي إعادة هيكلة النظام العالمي لمعارضة الولايات المتحدة ونموذجها الغربي الذي تقود به العالم، ولكن يخلص التقرير إلى أن تلك المحاولات من وجهة النظر الأمريكية تبدو ضعيفة ومن غير المحتمل أن تنتشر في الدول حول العالم.
عام 2034.. الصهاينة أقلية
والكيان الصهيوني دولة فقيرة ومكتظة
كشفت دائرة الإحصاء المركزية في الكيان الصهيوني أن الصهاينة سيصبحون أقلية في 2034 نتيجة الزيادة الطبيعية لدى فلسطينيي الداخل واليهود المتدينين الأصوليين (الحريديم).
من جانبه، علق السياسي الصهيوني البارز يارون لندن على التقرير بأن المعطيات الديموغرافية المذكورة تشير إلى أن “إسرائيل” ستصبح دولة دينية مكتظة وفقيرة ماديا وروحيا.
ووفقا لما نشره موقع “الجزيرة نت” فقد جاء في موجز بحث إحصائي جديد سينشر بالتفصيل نهاية الشهر ويتمحور حول الفئة العمرية الممتدة حتى 19 عاما، أن اليهود الصهاينة سيفقدون أغلبيتهم السكانية بعد 23 سنة.
وبموجب البحث الذي يشرف عليه الباحث المختص بالديموغرافيا الدكتور أريك فاتلئيل، هناك ثلاثة تنبؤات إحصائية، أولها يشير إلى أنه ضمن الفئة العمرية المذكورة سيقيم 1.4 مليون يهودي صهيوني فقط في البلاد عام 2034 مقابل مليون يهودي غير صهيوني (متدينون أصوليون يعرفون أنفسهم غير صهاينة) و750 ألف عربي.
وبموجب التنبؤ الثاني يتوقع فالتئيل أن اليهود الصهاينة سيصبحون 1.7 مليون نسمة في 2034 مقابل مليوني يهودي غير صهيوني (الحريديم) وعربي.
أما الثالث فيتنبأ بما هو أخطر بالنسبة للصهيونية، حيث يشير إلى 2.2 مليون لليهود الصهاينة مقابل 2.5 مليون للحريديم والعرب.
ويشار إلى أن اليهود المتدينين الأصوليين المعروفين بـ”الحريديم” يشكّلون شريحة واسعة في دولة الاحتلال الصهيوني؛ وينحدرون من أصول شرقية وغربية على السواء، لا يخدمون بالجيش بدوافع دينية ويتعلم شبابهم في مدارس دينية بدلا من الخدمة العسكرية.
وهناك مجموعة راديكالية لدى “الحريديم” تدعى “ناطوري كارتا” وهم يناصبون الصهيونية عداء كبيرا ويعتبرونها أكبر خطر على اليهودية ويتميزون بمناصرتهم للفلسطينيين.
وتؤجج هذه التنبؤات الديموغرافية مخاوف التيار المركزي في الكيان الصهيوني الذي صعد انتقاداته للحريديم في السنوات الأخيرة على خلفية تهربهم من الخدمة العسكرية، وإصرارهم على تعلم القليل فقط من الإنجليزية والرياضيات والعلوم داخل مدارسهم.
الحريديم: قنبلة داخلية
ويرى التيار المركزي لدى الصهاينة في الحريديم عبئا ثقيلا على الاقتصاد لأن شبابهم ينشغلون بتعلم التوراة بدل العمل والتعليم الجامعي؛ وهذا ما دفع إفرايم هليفي -وهو رئيس أسبق للموساد- إلى القول إنهم أخطر من قنبلة إيران على دولتهم.
وأكد هليفي -المعارض للخيار العسكري ضد المشروع النووي الإيراني- في مؤتمر نظمته كلية عسكرية في تل أبيب في الثامن من الشهر الجاري أن الخطر الوجودي الحقيقي على إسرائيل يكمن بالتطرف الديني لدى اليهود الحريديم الذين قال إنهم يعادون التقدم ويمعنون في اضطهاد المرأة وفي تحويل حياة الإسرائيليين إلى”ظلامية”.
كما انتقد هليفي رفض وزارة الداخلية -التي يشغلها عادة وزراء من اليهود الحريديم- الاعتراف بيهودية عشرات الآلاف من المهاجرين الجدد واعتبارهم “أغيارا.”
وحمل قادة اليهود الحريديم على هليفي واتهموه بالعنصرية، وانضم رئيس الكنيست رؤوبين ريفلين لهم وقال إن هناك مؤشرات لا سامية في تصريحات هليفي داعيا إياه للحذر في أقواله كي لا تستغل من قبل كبار اللاساميين في العالم.
دولة فقيرة ومكتظة
ويقول المعلق السياسي البارز يارون لندن إن المعطيات الديموغرافية المذكورة تؤكد بشكل قاطع أن الصهيونية تتجه نحو التحول من أغلبية إلى أقلية بعد حوالي عقدين.
وأوضح لندن أن “إسرائيل” ستصبح دولة دينية فقيرة ماديا وروحيا، مكتظة وتشبه إيران لحد بعيد إذا لم يغيّر اليهود “الحريديم” جوهر وروح حياتهم.
ويتفق لندن مع مخاوف إفرايم هليفي ويشير إلى أن اليهود “الحريديم” يؤمنون بالدين فقط وبالمسائل الغيبية التي تنتظر المسيح المنتظر ويعارضون الصهيونية والعلم أيضا.
يشار إلى أن الزيادة الطبيعية في عدد الفلسطينيين قياسا مع الصهاينة، والتراجع الكبير في هجرة اليهود من العالم وتوقفها بالكامل تقريبا من بلدان الاتحاد السوفياتي، جعل رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو يحذر في مؤتمر هرتزليا عام 2003 قائلا: إن عدو “إسرائيل” الحقيقي يعشش داخلها في إشارة لفلسطينيي الداخل، لافتا إلى أن دولة الكيان الصهيوني كدولة يهودية ستلغى إذا بلغ هؤلاء 40% من نسبة السكان بالدولة.