منوعات

بقايا نظام مبارك.. “علي جمعة”
يرفع دعوة قضائية ضد الشيخ المحدث أبي إسحاق الحويني

ترجع أحداث هذه القضية إلى دعوَى قضائية أقامها المفتي ضد الشيخ أبي إسحاق الحوينى؛ واتهمه فيها بسبِّه في أحد البرامج الفضائية بقصد التقليل من شأنه، وقرّرت محكمة جنح كفر الشيخ تحديد جلسة 22 أكتوبر الماضي لنظر الدعوى، وأكّد الدكتور علي جمعة في دعواه أنّ الشيخ أبا إسحاق الحويني قام بسبِّه وقذفه بقصد النيل منه، والـتأثير على مركزه، ومكانته الدينية!
وأشارت الدعوى إلى أن الشيخ الحويني قال في برنامج “حرس الحدود” الذي يذاع له على قناة الحكمة الفضائية أن: “المفتي ولد مَيِّتًا” وهو ما يُعدّ سبًّا له.
وذكرت الدعوى أنّ ما نقله الشيخ الحويني ليس صحيحًا وعارٍ من الصحة، ويعاقب عليه القانون بالحبس والغرامة، خاصة أنّ المفتي عالم فاضل درس الشريعة والفقه، مما أهَلَّه إلى أعلى المناصب الدينية في مصر.
وطالب المفتى في دعواه بتعويض مالي قدره 10 آلاف وواحد جنيه، جراء ما أصابه معنويًا وأدبيًا ونفسيًا بسبب نقل أخبار كاذبة وألفاظ تخدش الحياء والسمعة وتهدف إلى التشهير به.
وفي يوم 22 أكتوبر الماضي توجه عدد من أنصار ومحبي الشيخ الحويني من علماء ودعاة لمؤازرته أمام محكمة كفر الشيخ خلال نظر أولى جلسات القضية، ورددوا العديد من الهتافات المناصرة للحويني والمطالبة بإقالة المفتي.
وقد قررت المحكمة تأجيل نظر القضية إلى أجل غير مسمى، بسبب عدم تمكن القضاة من الدخول إلى مقر المحكمة، لقيام عدد كبير من المحامين بإغلاق الأبواب احتجاجا على قانون السلطة القضائية.
ولنا مع هذه القضية وقفتان:
الوقفة الأولى: وهي تخص الدكتور على جمعة، نقول إن الأقباط قد أهانوه وشيخ الأزهر واعتدوا عليهما بعد حادثة كنيسة القديسين، عند خروجهما من كاتدرائية العباسية، ورغم ذلك لم يعتبروا الأمر إهانة أو سبا أو تعديا، كذلك أساء له الإعلام العلماني والليبرالي، وهاجموه في أكثر من موقف، وقالوا فيه ما قالوا..، ومع هذا لم ترفع على أحدهم قضية، ولم يتهمه بالسب أو القذف، وقد كان الأولى به أن يعمل هذا المبدأ مع أهل الديانة، خاصة الدعاة منهم إلى الله.
لكن الأمر بين المفتي والشيخ المحدث الحويني، وخلافهما خلاف فكر وعقيدة، فالمفتي معروف بتوجهه الصوفي الأشعري، وانتمائه للطريقة الجعفرية، وهو شديد العداء للدعوة السلفي، وله العديد من الدروس والكتب والمقالات التي يهاجم فيها علماء وأعلام السلفية، كان من آخرها كتابه الشهير (المتشددون)، الذي هاجم فيه السلفيين، ومقاله الأشهر التي نشره بجريدة “الواشنطن بوست” الأمريكية، والذي حاول فيه استعداء الرأي العام الأمريكي والبيت الأبيض لمحاربة السلفيين، متهمًا إياهم بأنهم يشكلون خطرا حقيقيا؛ لأنهم من يقفون وراء ما اسماه “استهداف الكنائس والأضرحة في مصر”.
الوقفة الثانية: وهي تخص المفتي أيضا، وهي مقارنة بين ما قاله الشيخ الحويني في حق المفتي، ومدى استحقاقيته له، وبين ما قاله المفتي في حق العلماء، فقد وصف المفتي الإمام الحافظ أبي محمد الدارمي صاحب السنن والتصانيف، بأنه “مجرم”.
وقال عن الدارمي وأمثاله من علماء أهل السنة: “كأنهم يعبدون الأوثان”، وقد ادعى المفتي أن الدارمي وصف الله بأنه كومة من الحجارة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وختم كلامه بوصف الدارمي وأمثاله بـ”السفلة”!! والمقطع الذي قيل فيه هذا الكلام موجود بموقع اليوتيوب.
وله مقطع آخر مصور قال فيه أن الإمام ابن حجر باع الحشيش مرة، ومن قبل استهزأ بالإمامين ابن القيم وابن تيمية، وتحدث عنهما بشكل مهين، فقال ساخرا منهما: أنهم -أي السلفيين- تعلموا من “اثنين قُبض عليهما” في إشارة منه إلى الإمامين ابن تيمية وابن القيم.. فهل تقارن هذه الأقوال بما قاله الشيخ الحويني للمفتي..؟!! (مركز التأصيل للدراسات والبحوث).
علق الدكتور أحمد النقيب على هذه الدعوى بقوله: أن الشيخ أبا إسحاق لم يسب المفتي لا في أمه ولا في عائلته ولا في عشيرته، وإنما قصد بموته قبل مولده: الفساد العلمي الذي يقول به الرجل.
وقد تقدم حسام مصطفى محامي علي جمعة بمذكرة جديدة لضم رئيس مجلس إدارة قناة الحكمة الفضائية الشيخ وسام عبد الوارث كمشكو في حقه في قضية سب الشيخ أبي إسحاق الحويني للمفتي.
وطالبت المذكرة التي رفعها المفتي -الذي احتفل بعيد ميلاده هذه السنة بنادي ليونز مصر الدولي الماسوني- ضد الحويني بضم رئيس قناة الحكمة كمتهم ثانٍ في قضية السب والقذف؛ وذلك بصفته المسئول عن القناة وبرنامجه الذي شهد الواقعة ضد المفتي، كما حمَّل رئيس القناة المسئولية القانونية عن محتوى البرنامج.
ليبيا التي يطوقونها

رغم إعلان تحريرها، ومشهد السجود الآسر للألباب الذي قام به رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل، أثناء خطابه الشهير الذي بشر فيه بتطبيق الشريعة وإلغاء كل قانون يخالفها، إلا أن طلب التمديد للناتو والتدخل البادي في الشأن الليبي يبعث على القلق.
لا أحد ينكر في الحقيقة أن تباطؤ الناتو في التدخل إلى حين اضطرار الثوار إلى تقديم جملة من التنازلات المعلنة وغير المعلنة حين تركت قوات القذافي لتقترب جداً من بنغازي، وازدياد الرعب من حصول مجزرة فيها، كان كله مقصوداً لابتزاز المجلس الانتقالي والثوار إلى الحد الأقصى من درجات الابتزاز.
ولا أحد ينكر أن الثوار حينها كانوا في وضع لا يحسدون عليه وأنهم لم يجدوا بديلاً حينها في ظل تقاعس الدول العربية والإسلامية المعتاد عن نصرتهم، ووقوعهم وقتها بين مطرقة القذافي بل مقصلته، وسندان الحلف الأطلسي؛ فاختاروا أهون الشرين في تقديرهم، وبالتالي فإن أي قراءة لما يحصل في ليبيا لابد أن تأخذ هذه اللحظة في حسبانها كي لا تعيش مع أحلام خطاب عبد الجليل طويلاً.
صحيح أن القسم الأكبر من الثوار كان من المتدينين، وأن الحضور الإسلامي في الثورة كان كبيراً، لكن الناتو لم يكن هيئة خيرية، ولا حتى شركة اقتصادية تسعى إلى تحقيق مكاسب تقتصر على الجانب الاقتصادي وحده؛ فمنح الدول الأوروبية المشاركة في المجهود الحربي ليس هو غاية ما يتمناه الأوروبيون والأمريكيون أيضاً.
وما تبدى خلال الأيام الماضية من التحفظ على خطاب عبد الجليل بل وطلب توضيح حول مسألة الشريعة منه، والتي صدرت على لسان مايا كوسيانسيتش المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون: “ننتظر من ليبيا الجديدة أن تستند إلى احترام حقوق الانسان والمبادئ الديمقراطية”.
ومثله ما أعلنته وزارة الخارجية الفرنسية أن فرنسا ستكون “متيقظة” بشأن احترام حقوق الانسان خصوصا المساواة بين الذكور والإناث في ليبيا، وقول المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في مؤتمر صحفي: “سنكون متيقظين بشأن احترام حقوق الانسان والمبادئ الديمقراطية خصوصا التنوع الثقافي والديني والمساواة بين الرجال والنساء التي تتمسك بها فرنسا بثبات”، وذلك كله غضباً من تصريح عبد الجليل حول السماح بتعدد الزوجات، وهو ما أقلق الحساسيات الخارجية من الإسلام..
والأهم منه الحديث المتكرر والمتواتر عن “فوضى السلاح في ليبيا”، وتسليط سيف “حقوق الإنسان” على قوات الثوار وابتزازها من جهة المطالبة بالتحقيق في “انتهاكات” حقيقية أو مفترضة، ومنها مسألة قتل القذافي التي كان الناتو -بحسب ما تعلن بعض أطرافه- ضالعاً فيها، والتي صارت مثل كرة الثلج تكبر مع ازدياد مخاوف الغرب من هيمنة الإسلاميين على ليبيا ما بعد القذافي..
صحيح أن ثمة فوضى سلاح في ليبيا، وأن ثمة انتهاكات يمكن توقع بعضها في ظل انفلات أمني محدود، ورغبات جامحة بالثأر لدى أسر عشرات الآلاف من الشهداء وأهالي الجرحى وعشائرهم، لكن ذلك لا يعني أن يترجم بتغليب فريق من الثوار على آخر ضعيف، ولا يبرر زرع عملاء غربيين في بعض دواليب الحكم في ليبيا، ولا يعني بالطبع تجريد الثوار من أسلحتهم، ولا تهميش قادة الثورة الحقيقيين لحساب جهات يرغب الغرب في أن تنفذ سياسته في ليبيا، وتحول دون صيرورة ليبيا دولة إسلامية تحكم بما يراه شعبها جديراً بالحكم فيها، وهو الشريعة الإسلامية الغراء..
إنهم يسعون الآن لتطويق ليبيا من أجل هذا، لا قوانين إسلامية، ولا سلطة في يد الإسلاميين، ولا سلاح في أيدي الثوار الحقيقيين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *