أقبل رمضان وأقبلت الخيرات معه وإن من أروع مشاهد هذا الشهر الكريم الإقبال المتزايد من طرف عدد كبير من المسلمين على المساجد، فيتصالح الكثير مع صلاة الجماعة وتلين قلوبهم لفريضة الصلاة..، فترى المساجد وقد ضاقت بأهلها بعدما تراصوا صفوفا، حتى إذا امتلأ المسجد تواصلت الصفوف خارجه، وهو وضع لا يسبب حرجا لأي أحد، لأن القلوب انخرطت في مأدبة الرحمن تنهل منها نفائس الإيمان، إلا قلوبا ضاقت على أصحابها فما وسعها حب ولا تسامح ولا بذل للخير..
فلقد خرجت علينا جريدة الصباح بسيل من الفتاوى من ميزابها العفن جمعت فيه بعض جهالات السوقة، وأدخلت بعضا من فتاوى العلماء مع التحريف والتأويل الفاسد ولبس الحق بالباطل، كل ذلك لبيان تهافت كلام العلماء ورفع الحجية على فتاويهم، وحتى يصير الصحفي هو صاحب الحق في تأطير وخطاب المجتمع بما يحتاجه.
وفي عددها ليوم الأربعاء 10 شتنبر 2008 (ع:2620) كانت الفتوى المنزلة تتكلم على استغلال مصلي أحد المساجد بمدينة سلا للطريق في صلاة التراويح، وقد أفتى الناس نكرة بأن قطع الطريق جائز عن الكفار الذين لا يشهدون مع الناس الصلاة، ولم تشر الجريدة لصاحب هذه الفتوى ولعله لا يوجد إلا في مخيلة كاتب الفتوى الذي صور مجموعة من الناس بالقراصنة الذين يقطعون الطريق ويكفرون المارة..
وهذا هراء لا يحتاج إلى رد لأن الذي يكفر المسلمين لا يصلي في مساجدهم كما هو حال الخوارج، وحتى إن تلفظ بذلك جويهل فهذا لا يساق مساق فتاوى السلفيين المغاربة كما عنونت على ذلك الصباح، لأن السلفيين هم أهل علم وليسوا يفتون بغير ما عليه علماء الأمة من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمننا، ولا يخرجون على كلام الأئمة..
إن جريدة الصباح وغيرها من الجرائد العلمانية في استهتارها بالفتاوى ولو كانت خاطئة ليس القصد عندها رد زلات العلماء ونصح الأمة باتباع صحيحها، وإنما قصدهم محاربة العلماء ومحاصرة فتاويهم التي تؤطر المجتمع وتربطه بربه، وتدعوه ليكون عبدا في كل زمان ومكان، وهو ما لا توافق عليه العلمانية التي تعتبر الدين خاصا بالأفراد ولا دخل له في تأطير المجتمع.
إن الصحافة العلمانية في بلدنا تريد إسكات خطاب العالم من خلال محاربة فتاويه عبر اجترار ما دوّنه المستشرقون المغرضون من الشبه حول ديننا، وما شجبهم لفتوى زواج بنت التسع سنوات إلا اتباع لسنن المستشرقين من قبل، الذين اتهموا النبي صلى الله عليه بـ”البيدوفيليا” بسبب زواجه بأمنا عائشة رضي الله عنها ولها سبع سنوات.