منوعات

بالأمس العراق واليوم السودان وغدا…؟! عبد الله الزناسني

لا يخفى على كل ذي بصر وبصيرة المؤامرة الكبيرة التي يقودها الغرب بزعامة أمريكا والكيان الصهيوني لتفتيت العالم الإسلامي إلى دويلات صغيرة؛ وإعادة تشكيل خريطته وفق ما اصطلح على تسميته بالشرق الأوسط الكبير؛ بدءا بالعراق الذي قرر الكونجرس الأميركي تقسيمه إلى مناطق ثلاث، كردية في الشمال، وسُنية في الوسط، وشيعية في الجنوب؛ ومرورا بالسودان وتقسيمه إلى شمال عربي مسلم، وجنوب نصراني، وغرب عرقي وشرق قبلي؛ وانتهاء بمناطق الخليج العربي ودول المغرب العربي بتقسيمها طائفياً ومذهبياً وعرقيا بين سُنة وشيعة وعرب وأمازيغ.

وها نحن نعيش جميعا اليوم حادث تقسيم جنوب السودان عن شماله! في إطار مخطط تفتيت بدأته المملكة المتحدة وأنهته والولايات المتحدة والكيان الصهيوني.
حجة الانفصال التي يدعيها قادة الجنوب هي أن للجنوبيين ثقافة تختلف عــن ثقافــة المواطنــين بالشمال؛ وذكر الدكتور جعفر إدريس أن “أوَّل من قال بهذه الحجة في الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي كان الحزب الشيوعي، وهو حزب شمالي لم يكن فيه -إن وجد فيه- إلا أفراد من الجنوبيين”؛ ومعلوم من كان يدعم الأحزاب الشيوعية آنذاك.
والمشكلة في مثل هذه الاستفتاءات كما يقول الدكتور جعفر إدريس دوما: “أن القرار فيها كثيراً ما يكون قرار أقلية؛ ذلك لأن الذين يشاركون في التصويت هم بعضُ لا كلُّ الذين سجلوا أسماءهم؛ فحتى لو افترضنا أن الذين سجلوا أصواتهم كُثُرٌ، وأن نسبة من صوَّتوا منهم كانت نسبة كبيرة، فإن الحقيقة ستبقى أن نسبتهم لن تكون نصف المواطنين بالجنوب.
ومشكلة أخرى في مثل هذه الاستفتاءات أن أكثر من يشارك فيها هم من عوامِّ المواطنين الذين لا علم لهم بعواقب قراراتهم؛ ولذلك فإن رأيهم سيكون في الغالب تبعاً لرأي قادتهم من السياسيين وغير السياسيين”.(السودان: اتصال أم انفصال؟).
ويعلم العقلاء وكبار السّاسة أنَّ الوضع في السودان لن يستقرَّ بمجرد انفصال الجنوب، وإنما ستكون هناك بؤر توتُّر مستمرة بين الشمال والجنوب، وأنَّ تقرير المصير في جنوب السودان لن يكون آخرَ تقرير مصير في السودان، فهناك دارفور التي يتصاعد فيها الآن الحديثُ عن العمل المسلح لإسقاط النظام، كما يتصاعد تدريجيًّا الحديث عن تقرير المصير. وليس دارفور وحدها، بل هناك أيضاً منطقتا جبال النُّوبة والنيل الأزرق، اللتين تقول بعض القيادات الجنوبية: إنّهما سيلحقان عاجلاً أم آجلاً بالجنوب، باعتبارهما جزءاً من نضاله على حدِّ تعبيرهم. (مستقبل السودان بعد انفصال الجنوب؛ د. مدثر إسماعيل).
ويلعب الكيان الصهيوني دورا رئيسا في لعبة تقسيم السودان؛ كيف لا وهو من عمل منذ فتره ليست بالقصيرة على استمالة زعماء التمرد في الجنوب، ودعمهم وتسليحهم وتدريب العصابات التي يتزعَّمونها؛ كما عمل جاهدا على استمالة حركات التمرُّد والانفصال في دارفور.
وننقل هنا مقتطفات من محاضرة ألقاها وزير الأمن الصهيوني السابق “آفي ديختر” بتاريخ 4 شتنبر 2008م، في معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني؛ قال فيها:
“يتساءل البعضُ في إسرائيل: لماذا نهتم بالسودان، ونعطيه هذا القدر من الأهمية؟
ولماذا التدخل في شئونه الداخليَّة في الجنوب سابقاً، وفى الغرب -دارفور حاليًّا- طالما أنَّ السودان لا يجاورنا جغرافياً، وطالما أنَّ مشاركته في إسرائيل معدومة أو هامشية، وارتباطه بقضية فلسطين حتى نهاية الثمانينات ارتباطٌ واه وهشّ؟
وحتى لا نُطيل في الإجابة، يتعيَّن أن نسجل هنا عدة نقاط محورية، تكفي لتقديم إجابات على هذه التساؤلات:
– السودان بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه، كان من الممكن أن يصبح دولة إقليميَّة قويَّة منافسة لدول عربية رئيسة مثل مصر والعراق والسعودية.
– لا يجب أن يُسمح لهذا البلد رغم بعده عنا، أن يصبح قوة مضافة إلى قوة العالم العربيّ؛ لأنَّ موارده إن استمرت في ظل أوضاع مستقرة، ستجعل منه قوةً يُحسب لها ألف حساب.
– لابد أن نعمل على إضعاف السودان، وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة، رغم أنَّها تعد بالتعددية الإثنية والطائفية”.
وراح ديختر يورد المعطيات عن وقائع الدور الصهيوني في إشعال الصراع في جنوب السودان، انطلاقاً من مرتكزات قد أقيمت في أثيوبيا وفى أوغندا وكينيا وزائير سابقاً الكونغو الديمقراطية حالياً، وقال:
– إنَّ جميع رؤساء الحكومات في إسرائيل، من بنجوريون، وليفى أشكول، وجولدا مائير، وإسحاق رابين، ومناحم بيجين، ثم شامير، وشارون، وأولمرت، تبنوا الخط الاستراتيجي في التعاطي مع السودان، الذي يرتكز على تفجير بؤرة وأزمات مزمنة ومستعصية في الجنوب وفى أعقاب ذلك في دارفور.
– ما أقدمنا عليه من جهود على مدى ثلاثة عقود، يجب أن لا يتوقف؛ لأن تلك الجهود تضع نصب أعينها أنَّ سوداناً ضعيفاً ومجزأً وهشّاً، أفضلُ من سودان قويٍّ وموحد وفاعل.
– لحسن الطالع أنَّ العالم يتَّفق معنا، من أنه لا بدَّ من التدخل في دارفور، سياسيًّا واجتماعيًّا وعسكريًّا، الدور الأمريكيُّ في دارفور دور مؤثِّر وفعَّال، ومن الطَّبيعيِّ أن يُسهم أيضاً في تفعيل الدور الإسرائيلي ويسانده.
– صانعو القرار في إسرائيل، كانوا من أوائل المبادرين إلى وضع خطة للتدخل الإسرائيليِّ في دارفور 2003م، والفضل يعود إلى رئيس الوزراء السابق إرييل شارون، في كلمة ألقاها خلال اجتماع الحكومة في عام 2003م: “حان الوقت للتدخل في غرب السودان، وبنفس الآلية والوسائل، وبنفس أهداف تدخلنا في جنوب السودان!” (انظر الموقع الإلكتروني لمركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية).
وبذلك يتبين لنا كيف تتدخل الأفعى الصهيونية بدعم مطلق من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الشؤون الداخلية العربية والإسلامية؛ وتحرك الخيوط من وراء الستار لحماية مصالحها وخدمة أطماعها التوسعية؛ مقابل غياب رد الفعل العربي والإسلامي؛ فلا ترى لقادتها حراكا ولا تسمع لهم صوتا.

تقرير: الإعلام الغربي ينشر الخوف من الإسلام

كشفت تقارير أوروبية حديثة أن وسائل الإعلام الغربية ساهمت بشكل كبير في نشر ثقافة الخوف مما يسمى “الرهاب الإسلامي” التي هي أبعد من أن تكون ظاهرة حقيقة واقعة، كما تؤكد ذلك الأرقام الخاصة بالإرهاب الذي ضرب القارة الأوروبية سنة 2009.
وذكرت وكالة “يوروبول” التي تحظى بمصداقية كبيرة في أوروبا في تقرير لها أن القارة الأوروبية تعرضت خلال 2009 لنحو 294 عملاً “إرهابيًا”، نسب واحد منها فقط للإسلاميين، وقد نسب ذلك العمل المنفرد إلى “التطرف الإسلامي” في إيطاليا عندما انفجرت قنبلة على الأراضي الإيطالية.
وقد دفع تقرير “يوروبول” الأوروبي الصحافي الكندي المتخصص في شئون “الإرهاب”، دان غاردنار إلى القول: “ما يسمى التهديد الإرهابي الإسلامي لأوروبا في عام 2009 لم يزد في خطورته عن التهديد الذي مثلته على سبيل المثال لجنة الدفاع عن الكروم الفرنسية التي لا تتوقف عن التهديد باستخدام القوة لوضع حد لاستيراد النبيذ من الخارج لحماية النبيذ الفرنسي”.
وأضاف غاردنار في تقرير نشره في صحيفة “ناشيونال بوست” الكندية: “تقرير “يوروبول” يؤكد أن هناك سياسة مدروسة لبث ثقافة الخوف مما يسمى “الرهاب الإسلامي” رغم أن النشاط الإرهابي المتعلق بالحركات الانفصالية في أوروبا يزيد بكثير عن نشاط الحركات الإسلامية”.
وأردف: “ما يؤكد ذلك هو عدد العمليات التي قامت بها حركة إيتا الانفصالية في أسبانيا أو الانفصاليين في جزيرة كورسيكا الفرنسية”.
وكشف تقرير “يوربول” أن الإرهاب المتعلق بالحركات الانفصالية في أوروبا يتحمل مسئولية معظم العمليات الإرهابية التي ضربت أوروبا في عام 2009، فقد نفذت حركة “إيتا” الانفصالية في عام 2009 الغالبية العظمى من 237 عملية “إرهابية” منها 89 عملية نفذت على الأراضي الإسبانية و148 جرت على الأراضي الفرنسية.
وفيما يتعلق بالمنظمات التابعة لليمين المتطرف ولليسار المتطرف فهي تتحمل مسئولية 40 عملية شهدتها أوروبا في عام 2009.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *