على الرغم من الهجمات المادية والمعنوية التي يتعرض لها المسلمون في أوربا عامة وفي بريطانيا خاصة، وعلى الرغم من حملات التشويه والاستهزاء التي تحاول صرف البريطانيين عن الإسلام ووسمه بسمات تنتقص منه وتقلل من قيمته الكبرى في أحداث التغيير في حياة البشر، وعلى الرغم من تعرض المسلمين كجماعة دينية لكافة الانتقادات التي لا توجه لجماعة أخرى مع الإلحاح على صورة سلبية دائمة من التعامل الإعلامي.
على الرغم من هذا كله إلا أن هناك دراسات تؤكد أن معدل اعتناق البريطانيين للإسلام في ارتفاع مستمر وأن معدل المسلمين في العاصمة البريطانية يرتفع كثيرا عن غيرها من المدن البريطانية الأخرى .
فتذكر صحيفة “الإندبندنت” البريطانية ناقلة دراسة أعدها مركز “Faith Matters” البحثي البريطاني التي تؤكد وجود أكثر من 100 ألف معتنق جديد للإسلام من البريطانيين الغير مسلمين بمعدل يقترب من 5000 شخص كل عام، في حين كان عددهم 60 ألفا و690 بريطانيا عام 2001، وأكدت أيضا أن الأرقام الحقيقية للمعتنقين الجدد للإسلام أكبر من ذلك، لأن الأجهزة الإحصائية لا تفرق بين المسلمين بالولادة والمسلمين بالتحول، ويؤكد ذلك تقارير أخرى سابقة أعلنت أن المعتنقين للإسلام ما بين 14 ألف و25 ألف بريطاني .
وقال فياض موغال -مدير مؤسسة “فيث ماترز” صاحبة الدراسة- أن 1400 بريطاني اعتنقوا الإسلام في العاصمة لندن وحدها خلال العام الماضي، وترجح الدراسة أن أحد أهم أسباب تزايد إقبال البريطانيين على اعتناق الإسلام يرجع إلى تزايد الحديث عن الإسلام وبروزه في المجال العام حتى لو كان الحديث عنه هجوما لأنه يجعل الناس في شغف لمعرفة المزيد عن هذا الدين فيبحثون عنه ويقرئون كتبا تدفع العديد منهم إلى اعتناقه.
بينما تؤكد دراسة أخرى نقلها موقع bbc عن “جامعة كارديف” التي أجرت هذه الدراسة حول دور الدعاة المسلمين في التواصل بين الجالية الإسلامية والمجتمع البريطاني، فخلصت إلى أن دور الدعاة المسلمين في غاية الأهمية لتفعيل التواصل بين المسلمين والمنظمات المجتمعية المختلفة في بريطانيا وخاصة في تلاحمهم مع المواطنين في أماكن الخدمات العامة الحكومية مثل المستشفيات والمحاكم والتعليم العالي والسجون والجيش وغيرها من مؤسسات الدولة الذين يظهرون فيها فعالية كبيرة في التواصل المجتمعي مع المنتمين إلى تلك المجموعات.
وقال الدكتور “صوفي جيليات من الدعاة الذين شملتهم تلك الدراسة: “أن هناك القليل مما يُعلم مجتمعيًّا عن دور الداعية من حيث الخلفية والتدريبات والدور الفعّال الذي يدور حول الإقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- كباعث ديني في القيام بالدعوة في المؤسسات المختلفة، إضافة للحماس العالي الذي يتميزون به، وهم يؤكدون سعادتهم بالعمل وثمراته”.
ويذكر أن بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر قد حذر في إحدى مواعظه القريبة من تنامي الوجود الإسلامي في أوروبا خصوصا في بريطانيا، وعلى إثر ذلك بدأ الإعلام في شن حملات متكررة على المسلمين ملفقين أخبارا عن وجود مخططات إرهابية يدبرها “متشددون إسلاميون” للنيل من أمن البلاد وسلامتها.
.فتعرض إثر ذلك مسلمو بريطانيا للكثير من المضايقات والأزمات لدرجة جعلت شهيد مالك -أول وزير مسلم في الحكومة البريطانية- يقول: “إن مسلمي بريطانيا صاروا كالغرباء في بلادهم، وإنهم مستهدفون من قبل الجماعات العنصرية المتطرفة، ومع كل هذا فإن كثيراً من المؤشرات الإيجابية تؤكد على المستقبل المشرق للإسلام في بريطانيا”.
وأضاف شهيد مالك “أن استهداف المسلمين عبر وسائل الإعلام أصبح يتم بصورة ممنهجة وعلى نطاق واسع” واتهم مالك بعض أجهزة الأمن بإمداد الصحف بمعلومات كاذبة عن المسلمين بهدف تشويه صورتهم وتكريس حالة العداء ضدهم.
وعلى الرغم من كل هذه المضايقات والملاحقات إلا أنها تبرز أن هناك نشاطا متزايدا وإقبالا كبيرا من البريطانيين على الدخول في الإسلام، وما هذه المشاهد إلا ردة فعل لخوف كبير يقر في أعين الساسة وأهل الديانات الأخرى التي تخلو أماكن عبادتهم تماما من مرتاديها، وأصبحت أبنيتها شبه مهجورة، في حين يرون المساجد تمتلئ بالمصلين في كثير من الأوقات.
مركز التأصيل للدراسات والبحوثتأصيل للدراسات والبحوثرئؤء