في إطار الأنشطة الثقافية بالمعرض الدولي 15 للنشر والكتاب المنظم هذه الأيام بالدار البيضاء والذي افتتح أيامه يوم 13 من هذا الشهر وسيمتد إلى غاية 22 منه، نظمت الرابطة المحمدية للعلماء ندوة تحت عنوان “قضايا الإسلام والمسلمين في الإعلام” بمشاركة العديد من الأساتذة والدكاترة وعلى رأسهم الأمين العام للرابطة د. أحمد العبادي.
والجدير بالملاحظة إجماع المحاضرين على فكرة مركزية مفادها أن الإعلام الغربي حين يتناول قضايا الإسلام والمسلمين فإنه يحيد عن الموضوعية والعدل، وينحو نحو التآمر.
وهو ما عبر عنه الدكتور حميد بسيوني القادم من القاهرة حين قال: “الغرب متآمر على الإسلام والمسلمين والقيم الإسلامية”، كما أكد أن “الدعوة إلى الحوار الثقافي أو الديني.. إنما هي دعوة إلى التقليد الأعمى للغرب”، هذا الغرب الذي يستنكف أن يكون موضوعيا حين يتناول قضايا الإسلام على حد قول أحمد العبادي.
في حين أن نور الدين ميلادي بيّن للحضور من خلال أمثلة عدة تحيز الإعلام الغربي للكيان الصهيوني في قضية غزة، ولا أدل على ذلك من تعامل قناة BBC مع أحداث غزة الأخيرة.
كما أن هذا الإعلام “يعتبر الحجاب نوعا من التعدي على القيم الحضارية الغربية ويراه تهديدا للمجتمع الغربي”، على حد قول الدكتور نور الدين ميلادي، الذي أوضح أيضا بأمثلة عديدة ازدواجية الإعلام الغربي حين التعامل مع قضايا الإسلام والمسلمين.
هذا الإجماع حول تعسف وظلم الإعلام الغربي للإسلام والمسلمين لم يخالفه كذلك الدكتور نور الدين أفاية حين أكد على أن نظرة الكنيسة في القرون الوسطى لقضايا المسلمين هي النظرة نفسها التي تسود اليوم في الإعلام الغربي.
وما دامت النتيجة المتفق عليها بين هؤلاء الدارسين، تؤكد تحيز الإعلام الغربي وعداءه للمسلمين وقضاياهم. فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو، لماذا نستورد ما ينتجه هذا الإعلام من أفلام وأشرطة وثائقية موجهة قصد خدمة مصالحه وأطماعه؟ خصوصا في غياب أية رقابة مسئولة عليه؟
كما لا حظ المتتبعون لما دار في الندوة أنه تم إغفال الحديث عن الإعلام في الدول العربية والإسلامية وتعامله مع قضايا الإسلام والمسلمين.
إن المتتبع للإعلام المغربي مثلا يجده يخلو من اهتمام بقضايا الإسلام والمسلمين، وحتى إذا تم تناول بعض المسائل بالتعليق والدراسة، فإن المعالجة العلمانية هي التي تتحكم فيها.
بل تناول بعض القضايا الإسلامية في إعلامنا يشابه صياغة الإعلام الغربي لها، وأهم تلك القضايا: قضية المرأة، وقضية القدس السليب..
الأمر الذي يدفعنا لنسأل الرابطة المحمدية للعلماء التي تمثل مؤسسة من مؤسسات العلماء في المغرب، لماذا لم تكن أكثر جرأة وشجاعة في طرح الموضوع الأجدر بالمناقشة والترشيد، وتسجيل المواقف التي تدل على دور مثل هذه المؤسسة في مجال من المجالات الحساسة.
فما دامت الرابطة المحمدية للعلماء هي التي كان لها سبق التنظيم والدعوة كان لزاما عليها مناقشة “قضايا الإسلام والمسلمين في الإعلام المغربي” لتكون صادقة مع نفسها أولا ومع الحضور ثانيا وحتى تضع يدها على داء من الأدواء الذي يعاني منه المجتمع المغربي، إنه الإعلام العلماني الذي يعمل على علمنة قيم وسلوك المجتمع من خلال خدمة السياسات الفرانكفونية والتغريبية.
والأكيد أن الإجماع الذي حصل في هذه الندوة، ما كان ليحصل لو أضيف إلى عنوانها كلمة “المغربي” حيث سيكون المحاضرون المشاركون أمام إعلام يعادي قيم الهوية وتعاليم الدين ويشابه ما نقلوه عن الإعلام الغربي الذي يبقى على الأقل خادما لمصالح أمته.