إحرام عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع
اختلف الناس فيما أحرمت به عائشة أولاً على قولين:
أحدهما: أنه عمرة مفردة، وهذا هو الصواب لما ذكرنا من الأحاديث.
القول الثاني: أنها أحرمت أولاً بالحج وكانت مفردة.
لماذا أتت عائشة بعمرة من التنعيم بعد حجها؟
للناس في هذه العمرة التي أتت بها عائشة من التنعيم أربعة مسالك:
أحدها: أنها كانت زيادة تطييب لقلبها وجبراً لها، وإلا فطوافها وسعيها وقع عن حجها وعمرتها، وكانت متمتعة، ثم أدخلت الحج على العمرة، فصارت قارنة، وهذا أصح الأقوال، والأحاديث لا تدل على غيره، وهذا مسلك الشافعي وأحمد وغيرهما.
المسلك الثاني: أنها لما حاضت أمرها أن ترفض عمرتها، وتنتقل عنها إلى حج مفرد، فلما حلت من الحج، أمرها أن تعتمر قضاء لعمرتها التي أحرمت بها أولاً، وهذا مسلك أبي حنيفة ومن تبعه.
وعلى هذا القول فهذه العمرة كانت في حقها واجبة ولا بد منها، وعلى القول الأول كانت جائزة.
المسلك الثالث: أنها لما قرنت، لم يكن بد أن تأتي بعمرة مفردة، لأن عمرة القارن لا تجزئ عن عمرة الإسلام، وهذا أحد الروايتين عن أحمد.
المسلك الرابع: أنها كانت مفردة، وإنما امتنعت من طواف القدوم لأجل الحيض، واستمرت على الإفراد حتى طهرت، وقضت الحج، وهذه العمرة هي عمرة الإسلام، وهذا مسلك القاضي إسماعيل بن إسحاق وغيره من المالكية.
الفوائد التي تؤخذ من حديث عائشة في الحج
يؤخذ منه أصول عظيمة من أصول المناسك:
أحدها: اكتفاء القارن بطواف واحد وسعي واحد.
الثاني: سقوط طواف القدوم عن الحائض.
الثالث: أن إدخال الحج على العمرة للحائض جائز، كما يجوز للطاهر وأولى.
الرابع: أن الحائض تفعل أفعال الحج كلها، إلا أنها لا تطوف بالبيت.
الخامس: أن التنعيم من الحل.
السادس: جواز عمرتين في سنة واحدة، بل في شهر واحد.
السابع: أن المشروع في حق المتمتع إذا لم يأمن الفوات أن يُدخل الحج على العمرة.
الثامن: أنه أصل في العمرة المكية، وليس مع من يستحبها غيره، فجعل أصحاب العمرة المكية قصة عائشة أصلاً لقولهم، ولا دلالة لهم فيها.
زاد المعاد 2/159-162-163