– 90% من النساء الفرنسيات العاملات يطالبن بالعودة إلى المنزل.
– المرأة العربية العاملة لا تساعد أسرتها إلا بـ 18% من مرتبها.
– 30% من دخل المرأة العاملة ينفق على زينتها.
– كيف يمكن للمرأة أن تكون عاملة منتجة في بيتها؟
“نرفض أن نكون أشياءً.. نرفض أن نكون سلعاًً للتجارة.. سعادتنا لا تكون إلا في المطبخ.. نريد أن تبقى المرأة في البيت.. أعيدوا إلينا أنوثتنا..”.
كانت هذه هتافات حملتها لافتات أعداد كبيرة من الفتيات وطالبات الجامعة في مظاهرة نسائية اخترقت شوارع “كوبنهاجن” عاصمة الدانمرك عام 1970م، ولم تكن هذه هي المرة الأولى ولا الأخيرة في تلك المجتمعات التي دعت إلى عمل المرأة وشجعته.
ففي فرنسا أجريت مجلة “ماري كير” استفتاءً للفتيات الفرنسيات من جميع الأعمار والمستويات الاجتماعية والثقافية، وقد كان عنوان الاستفتاء “وداعاً عصر الحرية، وأهلاً بعصر الحريم”.
وشمل الاستفتاء رأي 2.5 مليون فتاة في: العمل، وفي الزواج ولزوم البيت، فكانت النتيجة 90% نعم، والأسباب هي كما قلنها: مللت المساواة مع الرجل، مللت حياة التوتر ليل نهار، مللت الاستيقاظ عند الفجر للجري وراء “المترو”، مللت الحياة الزوجية التي لا يرى الزوج فيها زوجته إلا عند النوم، ولا ترى فيها الأم أطفالها إلا على مائدة الطعام.
وفي ألمانيا قامت إحدى الهيئات باستفتاء آلاف من البنين والبنات في سن 14- 15 سنة وكانت الإجابة أن 84% منهم يأملون في تكوين أسرة، ولزوم المنزل.
وفي اتجاه عام للرأي في سنغافورة يطالب المسئولون طالبات الجامعات بعدم العمل خارج المنزل للتفرغ لرعاية الزوج وإنجاب الأطفال لأن هذا أفضل ما يرونه للحياة الاجتماعية والاقتصادية.
أما عن مشاحنات العمل فهناك تقارير من “أمريكا” و”انجلترا” ومعظم الدول “الاسكندينافية” بأن المرأة في مجال العمل هناك تتعرض لمعاكسات ومغازلات ومطاردات من قبل الشباب والرجال إلى الحد الذي يطالبون فيه بتقنين عقوبات صارمة ضد الرجال في هذا الصدد.
رغم هذه الإحصائيات فقد تدَّعِي بعض الأقلام أن عمل المرأة ضرورة اقتصادية في بعض المجتمعات العربية.
لكن الدراسة التي أجرتها الدكتورة “زينب النجار” بكلية التجارة جامعة الأزهر مؤخرًا تؤكد أن 18% فقط من دخل المرأة في مجال العمل هو الذي تستفيد منه الأسرة وأن الباقي ينفق في الملابس والأحذية والمواصلات ومتطلبات العمل.
كما أكدت دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر أن 30% من دخل عمل المرأة ينفق في أدوات الزينة.
تقول إحدى النساء المسلمات التي كانت تعمل في إحدى المؤسسات المرموقة لكنها استقالت من عملها: إن الزوجة الصالحة إذا اتقت الله في مال زوجها فالقليل منه مع حسن التدبير يوفر الحياة الكريمة، فلماذا أجهد نفسي وأحملها عبء المواصلات والخروج للعمل يومياً تحت برد الشتاء وشمس الصيف وأرهق صحتي وأعصابي؟ من أجل ماذا؟.. إنني استطعت بسكني وقراري في البيت أن أكون ملكة في بيت زوجي وأولادي، أحظى بالاحترام وأسعد بالاستقرار، أما في العمل فقد اضطررت لسماع كلمات قاسية من رئيسي في العمل أو من أصحاب المصالح كانت تؤذي مشاعري وتنعكس عليّّ وعلى زوجي وعلى أطفالي، أما الآن فقد أدركت معنى السكن والقرار.
يقول د. “محمد البسيوني” أستاذ إدارة الأعمال بجامعة حلوان: “إن مجال المرأة الحقيقي هو الأسرة وليس أعظم ولا أنبل من رسالة الأم المباشرة والدائمة والمتصلة يوماً بيوم مع أطفالها وزوجها، ليس فقط من أجل وجبات الطعام والشراب ولكن من أجل الحنان والتربية والخلق وبناء الشخصية، أما عمل المرأة خارج البيت فإنه يخلق لديها روح التمرد على الالتزامات الأسرية وينهك قواها وعاطفتها فلا تجد شيئًا تقدمه لأولادها وزوجها سوى الشكوى أو التمرد.
يقول د. “إبراهيم المحمدي” أستاذ شعبة الاقتصاد: إن هناك تقدماً ملحوظاً في المجال الصناعي والتقني مما سبب تغيرا في حياة الناس وطبائع أعمالهم التي يمارسونها، وبعد ثورة المعلومات، فإن معظم الناس يستخدمون المعلومات في عملهم بدلا من الأشياء المادية، ولن يكون العاملون بحاجة ماسة للانتقال إلى المصانع أو المكاتب في مركز المدينة من أجل العمل، فشبكات الاتصال الحديثة أصبحت قادرة على نقل المعلومات إلى حيث يوجد الناس وحيثما أرادوا العمل.
وستفضل أعداد كبيرة من الناس العيش والعمل خارج نطاق المدن الكبرى، فهنالك الآن إمكانية للعمل عن بعد، فالتقنية التي تسمح بذلك.
ونتيجة لهذا التقدم يتزايد كل يوم عدد المؤسسات التي تختار إبقاء العاملين معها في منازلهم، ربما في مدينة أخرى أو حتى بلد آخر، بسبب الميزات العديدة التي يمكن أن تنتج عن هذا الأسلوب في حالات كثيرة والتي لا تتوقف على خفض التكاليف فقط، نتيجة عدم الحاجة إلى مساحات المكاتب والتكاليف الأخرى، بل أثبت هذا الأسلوب فائدته الكبرى في حالة النساء العاملات اللائي يطمحن دائماً إلى صيغة تمكنهن من الجمع بين العمل ورعاية أُسرهن.
ففي أمريكا مثلا يطبق هذا المشروع، فقد كشفت دراسة نشرت في الولايات المتحدة عام 2004م أن ما يقرب من 48 مليون من أصحاب الأعمال المنزلية في أمريكا – معظمهم من النساء- يعملون من منازلهم لإيجاد موازنة أفضل بين العمل والأسرة، ويكسبون دخلا أكثر من دخل أصحاب المكاتب بحوالي 28% .
إن المرأة العاملة خارج بيتها تنفق من دخلها 40% على المظهر والمواصلات، أما تلك التي تعمل في بيتها فهي توفر من تكلفة الطعام والشراب مالا يقل عن 30%، والمرأة التي تمكث في البيت توفر مالا يقل عن 70% من الدخل الذي يمكن أن تحصل عليه، بل يمكنها أن تحقق دخلا أكثر مما تحققه الموظفة، إذ تستطيع أن تحول بيتها إلى ورشة إنتاجية بأن تصنع في وقت فراغها ما يحتاج إليه بيتها ومجتمعها.
وعمل المرأة عن بعد من المنزل مطبق أيضاً في المجتمعات الصناعية، فقد ذكر التقرير الصادر عن الأمم المتحدة عن القيمة الاقتصادية لعمل المرأة في البيت أن النساء الآن في المجتمعات الصناعية يساهمن بأكثر من 25% إلى 40% من منتجات الدخل القومي بأعمالهن المنزلية.
تقول الدكتورة “علية هاشم” أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: خروج المرأة للعمل في هذا العصر يجب أن يكون مقيداً بالضرورة والضرورة تقدر بقدرها، بمعنى أنه استثناء للأصل وخروج عن القاعدة، فإذا زالت الضرورة التي من أجلها خرجت المرأة للعمل فإنه يجب على المرأة أن ترجع إلى الدور الكريم الذي شرعه الله لها.. وهو دورها في بيتها تنشئ الأجيال وتربي العقول، فإذا تعارض خروج المرأة للعمل مع دورها الأصلي، وترتب على ذلك ضرر يلحق بأسرتها فإنها يجب أن تترك عملها، وهذا لا يضرها في شيء طالما أن هناك زوجًا مسئولاً عن الإنفاق.
والدور الذي رسمه الله للمرأة في الحياة لا يتعارض مع قيامها بنشاط في الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالمرأة في الإسلام لها أهلية وصلاحية دينية واجتماعية قال تعالى: “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ” وكلمة المعروف واسعة تشمل كل ما يؤدي إلى تحقيق البر وإرساء قواعد الشرع، أما الأهلية الاقتصادية للمرأة فلها حق التملك والميراث ولهذا الحق في أن تبيع وتشتري وتهب من أموالها.
وهكذا فإن الدول الغربية ساهمت في نشر العمل عن بُعد، ونحن –المجتمعات الإسلامية- أحق بهذه الفرص الوظيفية من الغرب، لأنها توافق ديننا وعاداتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية، ولها الكثير من الانعكاسات الإيجابية على المرأة والأسرة والمجتمع، ويمكن أن تؤدي إلى إغناء المرأة وحفظ كرامتها، عن طريق توفير الدخل الإضافي، وكذلك توفير الراحة النفسية لها وجعلها مطمئنة على الأولاد والزوج، وتفتح هذه السياسة كذلك فرص وظيفية للنساء المعاقات جسديا، ويساعد العمل عن بعد على التخفيف من الزحام المروري الحاصل بسبب الذهاب والإياب من العمل.