على ما الضحك.. وسوريا تغرق في بحر الدم؟ إبراهيم بيدون

أعلن الفكاهي الفرنسي “جمال الدبوز” عن تنظيم الدورة الثانية لمهرجان الضحك ما بين 6 و10 يونيو الجاري بعاصمة النخيل مدينة مراكش، وقد أشار الدبوز في لقاء صحفي نظم قبل أيام وحضره مجموعة من الفكاهيين إلى أن تنظيم الدورة الثانية لهذا المهرجان تأتي استجابة لطلب الجمهور المغربي.. وسيكون من ضيوف هذه الدورة عمر سي الممثل الفرنسي السينغالي الأصل٬ والفكاهي الشهير فرانك ديبوسك٬ والجزائري عبد القادر السكتور٬ والمغربي الكندي رشيد بدوري٬ إلى جانب كوميديين آخرين!!

توقيت المهرجان!
في الوقت الذي يموت فيه يوميا عشرات وأحيانا مئات من إخواننا وأبنائنا في سوريا، ويقنصون بالرصاص كالأرانب، ويقذفون بالراجمات والدبابات فتدك عليهم بيوتهم..، وتغتصب النساء وتدنس الأعراض؛ ويذبحون كالنعاج من طرف النصيريين البعثيين المجرمين؛ في هذا الوقت العصيب يحلوا لدعاة الفكاهة الممجوجة ومن يبيع للناس الكذب بزور القول وسفيهه تنظيم مهرجان للضحك، فعلى ما الضحك؟
أنضحك على خذلان إخواننا وعدم استجابتنا لندائهم؟
أم نضحك على آهات الثكالى وأنات اليتامى ونداء المغتصبات؟
أم نضحك على واقعنا الديني والأخلاقي المنهار، أم على واقعنا الاقتصادي المتردي، أم على واقعنا الاجتماعي الذي صار يعاني سلوكيات لا تمت إلى هويتنا وقيمنا من قريب ولا بعيد؟
فهل نحن في حاجة إلى مهرجانات الغناء الماجن والرقص الساخن ومهرجانات الضحك، أم في حاجة إلى برامج تربوية أخلاقية، وإلى مشاريع تنموية حقيقية، وإلى تحقيق الإصلاح الشامل لمنظومتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقضائية والعسكرية؟!

مهرجان الضحك والاستهزاء بالدين
ذكر الدكتور الشيخ رشيد نافع -وفقه الله وسدده- في إحدى محاضراته العلمية أن أصل الفكرة التي يقوم عليها هذا المهرجان هي مخالفة شرعية؛ لأن قوامه على النكت واختلاق الأكاذيب من أجل إضحاك الناس، والأدلة الشرعية المانعة من ذلك كثيرة منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها جلساءه تهوي به في النار أبعد من الثريا” رواه أحمد، وفي رواية “ألا هل عسى رجل منكم يتكلم بالكلمة يضحك بها أصحابه فيسخط الله بها عليه فلا يرضى عنه حتى يدخله النار”، وقوله صلى الله عليه وسلم: “ويل للرجل يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويله” صحيح الترمذي..
وضرب الدكتور مثالا على الاستهزاء والتنقيص في هذا المهرجان من شعيرة عظيمة من شعائر الدين وهي الصلاة (صلاة الظهر)، في عرض المهرج الجزائري عبد القادر السكتور وهو ثمل.
حيث عمد إلى توظيف عبادة الصلاة وأقوالها وحركاتها لمتابعة أغنية جعلها أحد المصلين كمنبه لهاتفه، وقد بدأ الرنين-الأغنية بعدما دخلوا في الصلاة، والمصلي صاحب الهاتف لجهله لم يكلف نفسه إغلاق الرنين الأغنية حتى لا يزعج المصلين، فما كان من المهرج الذي يفتري كل هذا الحديث إلا أن تابع الأغنية بكل خشوع شيطاني، فطابق بين فقرات الأغنية وبين أقوال وحركات الصلاة، فلما انتهى من الصلاة وسأله بعضهم فيما بعد عمن أمّ بهم الصلاة، فكان جوابه زيادة في الاستهتار والسخرية من الصلاة، أن الذي أمّ بهم تلك الصلاة هو مغني تلك الأغنية.
فالتنكيت والسخرية والاستهزاء بالدين وشرائعه حاضر بقوة في عروض هؤلاء المهرجين المشبعين بالثقافة الغربية، الذين لا يعظمون شعائر الله، ويجعلون السخرية منها بضاعة ممجوجة يقدمونها لمتابعيهم.
وتساءل الدكتور رشيد نافع في محاضرته؛ لماذا يتم الاستهزاء بديننا وبشرائعه في قنوات تصرف عليها أموال المغاربة، كما ذكر بحادثة سب الله عز وجل من طرف المذيع الرياضي سابقا، وهو يستغرب هذه التجاوزات التي وصل إليها المغاربة في الاستهتار بدينهم والتنقص منه والإتيان بموبقة سب الرب سبحانه؟!
وإمعانا في التضليل وكسر حاجز التعظيم للدين وشرائعه عمدت القناة الثانية بعد مرور 6 أشهر من عرض هذا المهرج على إعادة بث هذه المهزلة مرة أخرى، وهو العمل الذي يدفعنا إلى التساؤل بإلحاح عن دور الرقابة في القطب الإعلامي العمومي ومدى أهلية أطر هاته المؤسسة على ممارسة الرقابة؟ وكذا عن الخط الإعلامي للقناة الثانية التي لا تعير اهتماما البتة لدين وشرائعه؟
ومع أن إخواننا وأشقاءنا الجزائريين أخذتهم الغيرة على دينهم وتوعدوا هذا المهرج برميه بالبيض إذا ما حضر يوما إلى الجزائر، إلا أن منظمي مهرجان الضحك لا زالوا عازمين على تقديم الدعوة مرة ثانية إلى هذا المستهزئ بشعائر الله للمشاركة في الدورة الجديدة.
ألا يعد هذا العمل تحد صارخ للدين الرسمي للبلد؛ ومسٍّ بأعظم ثوابته وأركانه وزعزعة لأمن سكانه؟

أما آن لهذا العبث أن ينتهي؟!
قال الحق سبحانه: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}الأنعام68، وهذا حال غالب هؤلاء المهرجين الذين يخوضون في آيات الله بالاستهزاء والاستهتار، والمسلم مطالب بالإعراض عن حديثهم، فكيف نقيم مهرجانا دوليا على أراضينا للتطبيع مع هذه المخالفات الشرعية؟
كفانا ضحكا على آلامنا وجراح أمتنا، فكيف إذا كان الضحك بالباطل؟
بل يكفينا أن الفاسدين قد حرمونا العدل والعيش الكريم، وهم يضحكون ملء أفواههم على مآسي أمتنا، وعلى جراح بلدنا الغائرة: فقر وضياع، جرائم بكل أنواعها؛ فساد أخلاقي وإداري وسياسي؛ تخلف علمي واقتصادي، وتبعية مقيتة للغرب..
أما آن لهذا العبث أن ينتهي؟!
أما آن لهذا الظلام أن ينجلي!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *