قوله: (والمد أرى) لما ذكر الناظم أن (ما تغير فيه سبب المد وكذا سكون الوقف) فيه خلاف؛ قيل: بالمد وقيل: بالقصر بين هنا الراجح فقال (والمد أرى) معناه: والإشباع أختار وأقدم وذلك لأنه المشهور وهذا عند قالون وورش.
نص:
وبعــدها ثبتت أو تغيـرت فاقصر وعن ورش توسط ثبت
هذا البيت عقده المصنف رحمه الله لبيان أحكام مد البدل.
قوله: (وبعدها) أي: وبعد الهمزة.
قوله: (ثبتت أو تغيرت) أي: ثبتت الهمزة أو تغيرت.
قوله: (فاقصر) أي: فاقصر أيها القارئ حروف المد.
وفي الكلام تقديم وتأخير تقديره: فاقصر أيها القارئ حروف المد بعد الهمزة سواء (ثبتت الهمزة) أي: كانت محققة أو تغيرت بالبدل أو بالتسهيل أو بالنقل.
نحو: (ءامن) (أوتي) (إيمانا)1 (من السماء.اية) (هؤلاء.الهة )2 فيما تغيرت الهمزة فيه بالبدل لقالون وورش.
ونحو: (ءأامنتم )3 و(ءأالهتنا ) فيما تغيرت الهمزة فيه بالتسهيل لقالون وورش.
و (جاء.ال لوط) و(جاء.ال فرعون ) فيما تغيرت الهمزة فيه بالتسهيل لورش.
4ونحو: (قلَ اَيُّ الفريقين) و(قلُ اوحى) و(قلِ اِي وربي) فيما تغيرت فيه الهمزة بالنقل لورش .
وقوله: (فاقصر) أي: لقالون من جميع طرقه.
قوله: (وعن ورش توسط ثبت) أي وثبت التوسط عن ورش وهو المختار والمشهور والمقدم في رواية أبي يعقوب لأنه به قرأ الداني على أكثر شيوخه.
6وروي فيه وجه ثان عن أبي يعقوب وهو القصر 5 وبه قرأ الداني عن شيخه أبي الحسن عبد المنعم طاهر بن غلبون .
وروي فيه وجه ثالث وهو الإشباع7 وبه قرأ الداني على بعضهم8 لكنه أنكره9 هو وشيخه ابن غلبون.
أحوال مد البدل لورش:
اعلم أن الهمزة المتقدمة على حروف المد عند ورش في كتاب الله تعالى على ثلاثة عشر قسم:
10الأول: أن يتحرك ما بعد حروف المد وليس قبل الهمزة سبب آخر نحو: (ءامن) (إيمانا) ففي قراءته وجهان: التوسط والقصر .
الثاني: أن سكن ما بعد حروف المد نحو: (ءامِّين البيت) و(ءانذرتهم) و(ءاقررتم) على رواية البدل فهذا يقرأ بالإشباع قولا واحدا تغليبا للسبب المتأخر فإنه الأقوى.
الثالث: أن يكون ما بعد حرف المد ساكنا في الأصل لكنه تحرك بحركة عارضة وهو: (ءالان) في الموضعين في يونس.
فمن اعتد بحركة اللام ففي المد الأول التوسط والقصر والخلاف في الإشباع، ومن لم يعتد بحركة اللام فليس في الأول إلا إشباع، وفي الثاني القصر والتوسط، والخلاف في الإشباع على ما مضى.
الرابع: أن يقع بعد حرف المد همزة أخرى نحو: (رئاء الناس) و(أنبئاء) و(رأى أيديهم) و(قل استهزءوا إن الله) و(وجاءوا أباهم) و(السوأى أن
11كذبوا) فهذا يقرأ بالإشباع قولا واحدا تغليبا للسبب المتأخر .
الخامس: أن تكون الهمزة قبل حرف المد متغيرة بالبدل نحو: (هؤلاء.الهة ) ففيه التوسط والقصر والخلاف في الإشباع.
السادس: أن تكون الهمزة قبل حرف المد متغيرة بالتسهيل نحو: (ءأامنتم) و(ءألهتنا) و(جاء.ال) ففيه التوسط والقصر والخلاف في الإشباع.
السابع: أن تكون الهمزة قبل حرف المد متغيرة بالنقل وما بعد حرف المد ساكن نحو: (رحيمٌ ـ اشفقتم) فليس فيه على رواية البدل إلا الإشباع تغليبا للسبب المتأخر.
الثامن: أن يكون حرف المد مبدلا من همزة أصلية وقد تقدمت عليه همزة الوصل نحو: (اوتمن) فليس فيه عند وصل القراءة إلا القصر بلا خلاف وأما عند الابتداء فبالقصر على رواية أبي يعقوب.
التاسع: أن يكون حرف المد مبدلا من التنوين في الوقف نحو: (خطأ) و (ملجأ) و(شيئا فهذا يقرأ بالقصر في مذهب الداني على المشهور.
العاشر: أن يكون ما قبل الهمزة متحركا وبعدها حرف مد في كلمة واحدة نحو:
(شَنَئَان) (متكئين) (مستهزءون) ففيه في الوصل التوسط والقصر والخلاف في الإشباع.
12وفي الوقف عليه تفصيل وهو: أنه إذا قرئ بالقصر وصلا جاز فيه القصر والتوسط و الإشباع .
13وإن قرئ بالتوسط وصلا وقف عليه بالتوسط وجاز فيه الإشباع مراعاة للسكون .
الحادي عشر: أن يكون بعد الهمزة حرف مد وقبلها حرف مد نحو: (النبيئين).
(ليسوؤوا وجوهكم)15 و(دعاءي ربنا)14 فهذا يقرأ بالإشباع في المد الأول وبالتوسط والقصر في الثاني .
الثاني عشر: أن تكون الهمزة في وسط الكلمة وبعدها حرف مد وقبلها سكون صحيح نحو: (الظمئان) و(القرآن) فهذا يقرأ في الوصل بالقصر بلا خلاف وأما في الوقف فيرجع إلى ما قيل في سكون الوقف.
الثالث عشر: أن تكون الهمزة متوسطة وبعدها حرف مد وقبلها حرف لين ساكن نحو (سوءاتهما) و(الموءودة) ففي مد البدل التوسط والقصر والخلاف في الإشباع.
وأما حرف اللين فسيأتي حكمه.
16استدراك: وقع في العدد السابق تحت قسم الوقف بالسكون الخاص ذكر لفظ (مرضات) في هذا القسم وليس كذلك بل إنها من المستثنيات .
وعليه فصواب العبارة: ..فقيل لا يوقف عليه إلا بالإشباع، وليس منه: (مرضات) لأنه يوقف عليها بالتاء لا بالهاء.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.
—————-
1- في هذه الأمثلة الثلاثة تغيرت الهمزة بإبدالها حرف مد
2- في هذين المثالين تغيرت الهمزة بإبدالها ياء صحيحة مفتوحة
3- في ثلاثة مواضع
4- وأما التغير بالنقل لقالون وورش فنحو: (ءالَان) و(عادا لُاولى) ولم أذكرها في الأمثلة لأنه لا يتناولها قول الناظم: وعن ورش توسط ثبت
5- وقد يكون مرادا للناظم في قوله: (فاقصر) فيكون المعنى فاقصر لقالون وورش من طريق الأزرق في وجه
وقال بعضهم إن المراد بقوله (فاقصر) أي: لقالون وورش من طريق الأصبهاني وعبد الصمد و(عن ورش) من طريق الأزرق (توسط ثبت)
قلت: وهذا بعيد لأن الناظم لم يعقد نظمه للأصبهاني ولا لعبد الصمد لكن هذا المعنى صحيح
6- وإليه أشار الشاطبي في الحرز قائلا: (وعاد الاولى وابن غلبون طاهر بقصر جميع الباب قال وقولا)
7- وهذا الوجه ذكره الشاطبي بقول يقتضي تضعيفه فقال في الحرز: (وما بعد همز ثابت أو مغير فقصر وقد يروى لورش مطولا)
8- ينظر المطلوب في بيان الكلمات المخلف فيه على أبي يعقوب لعلي الضباع
9- انظر إنكار الداني للإشباع جامع البيان له 162 الطبعة الحجرية
ومن هنا حصل الخلاف فيه فمن اعتمد على ما روى الداني أخذ بالإشباع ومن اعتمد على إنكار الداني لم يشبع
قلت: لكن رواية الداني محتملة فترد إلى منصوصه
10- ويروى فيه الإشباع لغير الداني
11- لأنه متى اجتمع سببان: قوي وضعيف عمل بالقوي وألغي الضعيف إجماعا الإتقان للسيوطي 1/337
12- لأنه لا موجب للمد إلا السكون العارض
13- انظر الفجر الساطع لابن القاضي 2/158
14- في سورة إبراهيم
15- والخلاف في الإشباع
16- واعتبرت من المستثنيات لاشتباهها بذوات الهاء قراءة في الوصل