المتأمزغون ومبدأ “كن معي أو لا تكن” أ.يونس الناصري

استفحل مشكل الطائفة المتأمزغة ذات الأفكار المتطرفة الشوهاء، التي لم تعد تخفي عداءها السافر للإسلام الحنيف، ولعلماء الأمة الكرام، وللغة القرآن الكريم البينة البليغة، ولجنس العرب الشريف الذي اختار الله منه نبينا وحبيبنا محمدا صلى الله عليه وسلم، ليكون سيد ولد آدم أجمعين، وحامل لواء الأنبياء والمرسلين.
اشتد خطرهم وتفاقم أمرهم، ولم يعد ينفعهم نصحُ الناصحين، ولا شفقة المشفقين؛ لأنهم بارزوا بالحرب الإسلامَ وكلَّ ما يرتبط به من قريب أو بعيد، ومتعصبوهم كأحمد عصيد ومن يقدسه ويواليه مطلقا دون موالاة الله ورسوله، اتخذوا الأمازيغية مطية لتحقيق مآرب مادية ومعنوية.
أما المادية، فتتمثل في أموال طائلة لا يُدرى مصدرها، تُصبُّ في جيوب كبرائهم، وتموَّل بها مشاريعهم المتوحشة الداعية إلى تفرقة المغاربة المسلمين بدعوى الحفاظ على موروثهم الأصلي، والمعنوية تتجلى في البغضاء والشحناء اللذين يكنهما أربابُ المتأمزغمين المتطرفين لتعاليم الإسلام ومظاهره كسائر بني علمان.
وصدق المثلُ العربي القديم “على نفسها تجني براقش” في هؤلاء الشرذمة المستقوية بالغرب وطروحاته الفكرية العلمانية؛ إذ تنكر لهم ولدعوتهم أناسٌ كثيرون، بعدما فطنوا إلى أن غاية المتأمزغين الحقيقية، لا تقف عند حد الدفاع الوهمي عن اللغة والثقافة، وإنما تتجاوز ذلك إلى القضاء على الأمن والإيمان اللذين ينعم بهما المغاربة، وبان لكل أمازيغي مسلم حر أبيٍّ مؤمن بالله ربا وبمحمد نبيا وبالإسلام شريعة ومنهاجا، أن عصيدا وكوكبته فتانون متعصبون، ينفذون خططا عالمية محكمة، هدفها زرع التفرقة بين أبناء الوطن المسلم الواحد.
وقد سلط الله عليهم رجالا أمازيغيين منهم، لكنهم أحرار شرفاء، فألقموهم حجرا، ونسفوا مخططاتهم، وأظهروا مكرهم بالحجج البينات، والبراهين القاطعات، فكان رد المتأمزغين لهؤلاء الشرفاء العقلاء: أنتم خونة غير أمازيغيين، ونحن برآء منكم، وهم يعرفون أصلهم ولسانهم، إلا أن حال من فُحِمَ وحار جوابا أن يلجأ إلى التهديد والتشنيع والاتهام، ويقول لمنتقديه من بني لسانه وجلدته: أأنت أمازيغي أم عربي؟
فإن كنت الأول، فآمن بدعوتنا ومشروعنا، واعقد عليهما العزم، وإياك أن تخالجك الشكوك والأوهامُ، وضع غشاوة على عينك، فلا تبصر إلا ما نقول لك، وصُمَّ أذنيك، فلا تسمع ما يقول المشككون في دعوتنا، وإن كانوا أمازيغيين منا، فهؤلاء قد غسل العربان القومجيون عقولهم وسلبوهم تاريخهم ولغتهم.
وإن كنت الثاني، فأنت عدو لدود محتل، زحفت على بلادنا وواغتصبتَ أرضنا، وأغرتَ على لساننا، ونشرتَ عربيتكَ فينا، حتى غلبتْ لساننا، وقد آن الوقت لتحمل متاعك وتعود إلى الجزيرة العربية، فإننا نبغضك ولا نرضى ببقائك.
هذا كلام القطعان العصيدية، التي لا تمل من شحن تعليقاتها في جريدة هسبريس وهبة بريس بهذه المعاني الساقطة الطافحة بالغل والحسد لإخوانهم في الدين -إن كانوا يراعون الدين- وأبناء عمومتهم وأخوالهم منذ قرون.
وليت شعري بماذا نفسر تمسح أساطين المنظمة الأمازيغية التي تحمل كبر هذه النزعة الطائشة بفرنسا خاصة، وبالغرب على العموم، وتقبيلهم للأيادي، وعدم ذكرهم الفرنسية وشيوعها في المرافق العمومية في كل أرجاء البلاد، ولا ذكر أصحابها المحتلين للبلاد قديما وللعقول حديثا ببنت شفة؟!
بل إنهم على عكس ذلك يستنكفون من الكتابة بالعربية فيما بينهم، ويفضلون توظيف الحرف اللاتيني في كتابة الأمازيغية، ومن كان يشدو من الفرنسية شيئا، فإنه يتبجح بذلك متعصبا، ويكتب بها مفتخرا مختالا، في مقابل استنكاف من العربية وحروفها، أفلا يدعوا هذا إلى الشك المنطقي في مشروعهم المشبوه؟
لقد حق فيهم قولُ أحد المعلقين في جريدة هسبريس على موضوع “الأمازيغية والحركة الإسلامية” : (إنهم -يقصد المتأمزغين- أخذوا من النازية مسألة العرق الخالص الأمازيغي، وحاججوا بوهْم علم الجِينات، وأخذوا من الصهيونية المظلومية الأمازيغية..).
ويشهد الله أن تلميذا أدرسه من هؤلاء قد غُسل دماغه، جادلني بكلام خطير ينبئ عن تطرف أمازيغي لا يبشر بخير؛ إذ توعد كل عربي بالترحيل القسري أو السجن الجبري، أو ربما التصفية الجسدية إن هو تقلد حكما فيما يستقبل من الزمن ، وهو تلميذ مراهق في الثانية باكالوريا، فما بالك بالطلبة الجامعيين، ومن فوقهم من الباحثين وذوي المناصب العليا؟!
ولأمر ما اتحدت جهودُ العلمانيين العرب والمتأمزغين لشن الغارة على الإسلاميين عربا وأمازيغا، وحق عليهم قوله تعالى: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} (الحشر/14)؛ لأن العلمانيين العربي والأمازيغي يبغض أحدهما الآخرَ داخليا، باعتبار الأصل في زعمهم، ويحبان بعضهما أمام الملأ، باعتبار العداء للإسلام وشعائره، وهي معادلة تؤدي إلى نتيجة: كن عربيا أو أمازيغيا يحقد على الشريعة ويستهزئ بالمتدينين ويتكفف الغرب؛ تكن علمانيا؛ والعكس صحيح.
أما الإسلاميون -إن صح هذا الوصف- العرب والأمازيغيون، فلا حرب بينهم ولا بغضاء؛ لأنهم يؤمنون بقوله تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح/29)، ويقفون متحدين في وجه من يحيي الظهير البربري، وينفذ المشروع الصهيوني العالمي (فرق تسد)، وهم بذلك خير خلف لخير سلف، أعني: أجدادنا المسلمين الشجعان، الذين أبطلوا مفعول الظهير البربري الفرنسي الإسباني، وأحرقوه في وجه المحتل الغاشم.
إن شعار زعماء المتأمزغين وتابعيهم الملبَّس عليهم هو “كن معنا أو لا تكن”، شأنهم شأن الدول المهيمنة الكبرى، التي تفرض على الشعوب المقهورة ما لا يطيقونه إذا لم ينحازوا إلى صفهم، وإن هم طبقوا ما يملى عليهم بالقوة الاقتصادية العالمية، فإنهم ينعمون في سلام وأمن، ويوصفون بالمتقدمين المنفتحين.
كذلك المتأمزغون، قد أحبوا الصهاينة؛ لأنهم يشجعونهم على غيهم، ويقفون في صفهم، ولمَ لا فقد يمولونهم، وسمعنا من يدعوا منهم إلى إدخال المحرقة في المقررات الدراسية المغربية.
إن خطر هذه الجماعة تجاوز العروبيين القومجيين؛ كما يصفونهم؛ إلى إخوانهم الأمازيغيين الريفيين والشلوح (لسان الريفية والشلحة)؛ لأن كبراء المنظمة الأمازيغية بزعامة عصيد ذوو لسان سوسي، فهم يسعون إلى جعله المعيار المعتمد، لنصل مع تعصبهم إلى شعار آخر: “كن سوسيا أو لست بأمازيغي”.
ألا يوحي هذا الأمر بصراع قبلي -لا قدر الله- إذا ما تمادى العصيديون في غيهم وجهلهم؟؟ ولماذا السوسية دون الريفية أو الشلحة؟
أليس هؤلاء أمازيغا مغاربة لهم تاريخ وثقافة؟
أم أن التمويل والحقد على العربية والقرآن الكريم يسعيان إلى نشر الفوضى والدمار، حتى يفوز المموِّلُ الحاقدُ على الإسلام والمسلمين؟
وليعلَمَ كل أمازيغي مؤمن خطرَ هذه الدعوة الماسونية الهدامة، أنقلُ تعليقا لأحد قراء هسبريس المتأمزغين، يُظهرُ ملمحَ الشر الكامن في أعماق المتعصدين، إذ يقول منتقدا إحدى المقالات الهادئة لرمضان مصباح الإدريسي :
(حان الوقت لنوقف المهازل، وحان الوقت لتعرف أيها الكاتب أن الأمازيغية ليست مجرد فلكلور يعجبك في سهرة السبت، أو مجرد لَكْنَةٍ يتحدثها محمد مول الحانوت.. الأمازيغية أكبر من هذا، الأمازيغية وحش نائم في أعماق الجبال، وفي أحشاء الأغلبية الصامتة، التي بدأت تزعجها وخزاتكم المتكررة) اهـ.
ولينظر القارئ في عبارة “الوحش النائم” الذي سيمزق أشلاء ضحاياه من العرب حينما يستيقظ، ليعلم خطر الدعوة وطبعها الاستئصالي.
وقى الله بلدنا من نار الفتنة والتعصب والطائفية، والله المستعان والحمد لله على كل حال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *