بلاجي حاوره: نبيل غزال

بلاجي*: واهم من يعتقد أن جذوة قضية فلسطين والقدس والمسجد الأقصى ستخبو ما دام في الأمة إسلام وإيمان

‏كيف تقرأ التصعيد الأخير الذي عرفه المسجد الأقصى؟
أتى هذا التصعيد في فترة حساسة جدا، حيث تنشغل كل البلدان العربية والإسلامية تقريبا بشئونها الداخلية إلى درجة الانكفاء على الذات وعدم الاهتمام بشؤون وقضايا الأمة، فضلا عن سيادة أنظمة الظلم والاستبداد.
وهذا الوضع المتردي المتميز بالاستفراد بالفلسطينيين شجع سلطات الكيان الصهيوني على اتخاذ إجراءاتها في حق المسجد الأقصى، بل راجت بعض التقارير والأنباء لا ندري مدى وثوقيتها تشير إلى أن بعض الأنظمة العربية وجهات فلسطينية متورطة معها في ذلك.
ولكن الرياح ولله الحمد جرت بما لا تشتهي هذه الأطراف الصهيونية أصالة أو تبعا.

‏بعد إزالة الأبواب الالكترونية هل تتوقعون أحداث أخرى مشابهة في المستقبل القريب؟
لا ينتظر من سلطات الكيان الصهيوني أن تتوقف عن كل الإجراءات الكفيلة في نظرها بإتمام خطتها في التهويد التام للقدس الشريف والمسجد الأقصى، وتبعا لذلك فلا يمكن توقع توقف هذه السلطات عن اتخاذ إجراءات مماثلة مستقبلا، فهي سلطات صهيونية استعمارية وعنصرية ومتطرفة وتنطلق من اعتقاد راسخ بوجوب السيطرة على القدس والمسجد الأقصى وتحويله إلى معبد الهيكل المتوهم عندهم.
وهكذا ستستمر هذه المحاولات الصهيونية وسيستمر تصدي الأمة عامة والفلسطينين والمقدسيين خاصة لهذا الصلف الصهيوني حتى تتغير موازين القوى ويقضي الله بنصره للأمة في نهاية المطاف.

في ظل الإرهاصات الدولية والخلافات الإقليمية (أزمة الخليج.. ثورات الربيع العربي) هل تتفق مع من يقول أن جذوة القضية الفلسطينية خفتت، وأنها باتت شأنا فلسطينيا لا إسلاميا؟
واهم من يعتقد أن جذوة قضية فلسطين والقدس والمسجد الأقصى ستخبو ما دام في الأمة إسلام وإيمان، وما دامت عروقها تنبض بالحياة رغم خيانة واستسلام عدد من الأنظمة وانتشار التصهين في بعض النخب المتاجرة بقضايا الأمة.
فلا خيانة الخائنين ولا تراجع الربيع العربي بفعل تآمر بعض الأنظمة مع الصهيونية، ولا أزمة الخليج ولا غير ذلك من الظروف ستقضي على جذوة قضية فلسطين وتوابعها في وجدان الأمة. فعلا سيتأثر زخم القضية سلبا أو وإيجابا بالظروف والعوامل والظروف ولكنه لن يخبو أبدا.
وقد رأينا مؤخرا أن الفلسطينيين وخصوصا المقدسيين أبلوا البلاء الحسن وصمدوا بفضل الله حتى نصرهم الله على الصهاينة.
ما تعليقكم على من ينفي العامل الديني في الاحتلال الإسرائيلي وتهويد القدس، ويعتبر إقحامه مزايدة إسلامية ليس إلا؟
العامل الديني في القضية الفلسطينية يفرضه العدو الصهيوني وواقع الحال.
فمن جهة العدو فقد بنى أطروحته وحجته في تأسيس الدولة الصهيونية على مفهوم أرض الميعاد وبناء هيكل سليمان الموهوم. ولا شك أن هذا الأساس ديني محض رغم أبعاده السياسية الاستعمارية.
ومن جهة الفلسطينيين، ومن ورائهم الأمة الإسلامية، فهم أساسا يدافعون لتحرير فلسطين التي بالإضافة إلى كونها أرض محتلة بالمفهوم السياسي فهي أرض مقدسة بالنسبة لهم ولباقي الفلسطينيين المسيحيين، وخاصة القدس وبيت المقدس فهي قبلة المسلمين الأولى وإليها كان مسرى النبي صلى الله عليه وسلم ومنها معراجه.
فالبعد الديني والعقدي حاضر بقوة منذ الحروب الصليبية إلى الآن.
والحل يكمن في تحرير فلسطين والقدس وسيادة المسلمين عليها فهم المؤتمنون على حفظ حقوق أتباع الديانات الأخرى في التعبد كما فعل المسلمون منذ فتح الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلسطين ومدينة القدس وإلى ما قبل الاحتلال الصهيوني بشهادة كل المنصفين.
ـــــــــــــــــــــــ
د.عبد السلام بلاجي: مفكر إسلامي وأستاذ القانون الدستوري وعضو حزب العدالة والتنمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *