عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: أعْتَمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَيْلَةً بِالعِشَاءِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أنْ يَفْشُوَ الإسْلامُ، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى قال عُمَرُ: نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ فَقَالَ لأهْلِ المَسْجِدِ: «مَا يَنْتَظِرُهَا أحَدٌ مِنْ أهْلِ الأرْضِ غَيْرَكُمْ»([1])
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ، فَأُرِيدُ إِطَالَتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ»([2])
وعَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنها، عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ، فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا، فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: “صَدَقَ اللَّهُ: ﴿اِنَّمَآ أَمْوَٰلُكُمْ وَأَوْلَٰدُكُمْ فِتْنَةٞۖ وَاللَّهُ عِندَهُۥٓ أَجْرٌ عَظِيمٞۖ ﴾[التغابن: 15]، رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِر”، ثُمَّ أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ([3])
وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلِأَبِي العَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا»([4])
وقد استفاد أهل العلم من هذه الأحاديث وغيرها جواز اصطحاب الأطفال للمسجد.
قال ابن سيد الناس : عن حديث أنس رضي الله عنه:” فيه جواز إدخال الصبيان إلى المساجد”([5])
قال الشيخ الألباني: “وفي هذه الأحاديث جواز إدخال الصبيان المساجد ولو كانوا صغارا يتعثرون في سيرهم، حتى ولو كان من المحتمل الصياح لأن النبي ﷺ أقر ذلك ولم ينكره، بل شرع للأئمة تخفيف القراءة لصياح صبي خشية أن يشق على أهله. ولعل من الحكمة في ذلك تعويدهم على الطاعة وحضور الجماعة منذ نعومة أظفارهم فإن لتلك المشاهد التي يرونها في المساجد وما يسمعونه -من الذكر وقراءة القرآن والتكبير والتحميد والتسبيح- أثرا قويا في نفوسهم -من حيث لا يشعرون- لا يزول أو من الصعب أن يزول حين بلوغهم الرشد ودخولهم معترك الحياة وزخارفها…”([6]).
ودخول الصبيان للمسجد له أثر تربوي عظيم في ربط الناشئة بشعيرة الصلاة التي جاء الأمر بتعليمها للأطفال وهم أبناء سبع وضربهم عليها في العشر.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» ([7]).
أما حديث وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ…»([8]).
فقد اتفق الحفاظ على رده لعدم صحة سنده إلى النبي ﷺ ونكارته لمخالفته للسنة النبوية الصحيحة والثابتة عن رسول الله ﷺ وقد مر بعضها([9]).
([1]) أخرجه البخاري (566)، واللفظ له، ومسلم برقم (638).
([2]) متفق عليه؛ البخاري (709) ومسلم (470).
([3]) رواه أحمد (22995)، أبو داود (1109)، والترمذي (3774)، والنسائي (1413)، وابن ماجه (3600)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1016).
([4]) رواه البخاري (516)، ومسلم (543).
([5]) النفح الشذي شرح جامع الترمذي (4/272).
([7]) رواه أحمد (6756)، أبو داود (495)، وأورده الألباني في صحيح الجامع (5868).
([9]) أنظر بيان الوهم والإيهام لابن القطان (231) و (903)، وتخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (332)، والبدر المنير لابن الملقن (9/565)، والتلخيص الحبير لابن حجر (6/3179)، والمقاصد الحسنة للسخاوي (372)، وكشف الخفاء للعجلوني (1077)، وضعيف ابن ماجة للألباني (163)… إلخ.