لم يكن يخطر على بال كثير من المغاربة، أن يظهر من بينهم دعاة إلى الزنا، وممارسة الفاحشة، بكل صفاقة وقحّة، وبلا خجل ولا حياء، بناء عندهم على الحرية الفردية، وأن الناس أحرار في ما يصنعون، ورشداء فيما يقررون، فلماذا التحجير عليهم، وتجريم فعلهم، والإنكار عليهم.
هذه الدعوة الخبيثة، يروج لها ما أسميهم بحزب الزنا والرذيلة، منهم “رجال” و”نساء”. وفي هذه الأيام يدور في أسواق التواصل الاجتماعي شريط فيديو لإحدى المناضلات الجنسانيات الداعية إلى الزنا في حوار مع الأستاذ الحسن السكنفل، الذي صرحت صاحبته بوقاحة أن الرجل والمرأة من حقهما أن يقيما علاقة جنسية خارج إطار الزواج، وهذا عندها ليس زنا.
هذه الدعوة الخبيثة للزنا نعلق عليها بما يلي:
أولا: حزب الزنا والرذيلة لا تهمه القيم الأخلاقية، ولا هوية ومرجعية الشعب المغربي الإسلامية، ولا يلتفت أصلا إلى الدستور المغربي الذي ينص على إسلامية الدولة، ولا على إمارة المؤمنين، فقط يهمه أن يصير المجتمع على النمط الغربي العلماني، فتراه يستقوي بالمواثيق الدولية، ويتبجح بالقيم الكونية، إذن فالفلسفة والمرجعية المؤطرة لحزب الزنا هي المرجعية الغربية العلمانية، المبنية على الفلسفة المادية، والمناهضة للدين وقيمه، معتبرة القيم الأخلاقية والدينية رجعية وتخلفا.
ثانيا: هذا الحزب الدخيل على المجتمع المغربي، كان دعاته سببا في تخريب عقول الشباب، وتشتيت كثير من الأسر، والجناية على المرأة نفسها، لأنه حين تقع المرأة والرجل في الزنا، وينتج عنه حمل، ويختفي صاحب القضية، تبقى تلك الفتاة في معاناة نفسية واجتماعية، لا تنقضي أبدا أوجاعها، وتنقلب تلك اللذة العابرة إلى آلام دائمة، فيختفي حزب الزنا من الوجود ويدع تلك الفتاة خاصة في تعاسة ونكد، وقد يفضي بها الأمر إلى الانتحار وقد وقع، فلا يتحملون تبعات دعوتهم الفاجرة.
ثالثا: حزب الزنا والرذيلة لا يهمه ما تتحمله الدولة من نفقة على الأطفال المتخلى عنهم، وأعني بهم غير الشرعيين، الذين بلغ عددهم بالآلاف، وما يعيشونه من حرمان الأبوة، ودفئ الأمومة، حتى اضطروا ليبتكروا لهم مصطلحا هجينا ومتناقضا للمرأة التي تقوم بشأنهم، فسموها “الأم العازبة” ومن شر البلية ما يضحك، أم وعازبة.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل بعض هؤلاء الأطفال تتولى رعايتهم منظمة مسيحية، لا ندري ما تصنع بعقولهم، ولا كيفية تربيتهم، ولكن إذا ظهر السبب بطل العجب، وماذا ينتظر من هؤلاء؟ ثم إن هؤلاء الأطفال يعانون نفسيا كما يعانون اجتماعيا، فيكونون قنبلة موقوتة لكل اختلال واضطراب اجتماعي، ولكل نكد وحقد وكراهية على المجتمع. هنا يختفي أيضا حزب الزنا والرذيلة، إذ لا يهمه نتائج ما يدعو إليه، ولو كان على حساب استقرار المجتمع والدولة، وعلى حساب الطفولة المشردة، والشباب الضائع، ولو كان أيضا على حساب قيم المجتمع الأخلاقية والدينية والحضارية.
رابعا: من وقاحة حزب الزنا والرذيلة، الذي اجتمع فيه الشر كله، أن يرفع صوته عاليا ومجاهرا بكل صفاقة بإلغاء، أي تجريم، العلاقات الجنسية خارج الزواج، ولو كان فاعلها متزوجا، فلا تهمه الخيانة الزوجية، ورفع ذلك يعني فتح الباب على مصراعيه لكل فساد، حتى يصبح شرا مستطيرا، فتتحول البيوت إلى أوكار للدعارة والفسق والفجور، فينتج عن ذلك هدم بنية الأسرة المغربية، وتفكيك وحدتها الترابطية، وإفساد العلاقات بين أفرادها، حتى ما يصبح عندنا أسرة تحترم فيها القيم والعلاقات، من المودة والرحمة، والتعاون، والتآزر، والسكينة.
وهذا مخطط استعماري غربي خبيث، يتولى حزب الزنا والرذيلة تنفيذه في المغرب وباقي دول العالم الإسلامي بالوكالة، فلا يرتاح لهم ضمير، ولا يهنأ لهم بال حتى يروا الأسرة مدمرة ومفككة.
نحن أمام عاصفة هوجاء، دعاة على أبواب جهنم، دعاة الزنا والرذيلة والفسق والفجور، باسم الحرية الفردية الجنسانية، فأين العلماء والمفكرون وأصحاب الغيرة على هذا البلد، ليقوموا قومة رجل واحد للتصدي إلى هذا الحزب الخبيث، حزب الزنا والرذيلة؟! فالسكوت عنه لا قدر الله، موقع في النقمة والعذاب، وتسهيل له لينتشر ويزداد قوة وغطرسة وذيوعا.
ثم أين هي الدولة المغربية ومسؤولوها مما يقع؟ ألا يعنيهم شأن هؤلاء الذين يخربون المجتمع، أليس هؤلاء مثلهم مثل الإرهاب، فهناك إرهابان: إٍهاب دموي، وإرهاب جنساني، وكلاهما خطر على الدولة والمجتمع، فلا ينبغي السكوت عن الإرهاب الجنساني، فهو لا يقل خطرا عن الآخر.
ثم لا يخفى أن الدولة المغربية دولة مسلمة، وبها إمارة المؤمنين حسب دستور المملكة، والله تعالى يقول في محكم آياته القرآنية الخالدة {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا} ويقول عز وجل {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}. ألا يكفينا هذا الدستور الخالد الرباني في مناهضة حزب الزنا والرذيلة، للتصدي له ومحاربته. إنها مسؤولية الجميع حكاما وعلماء ومفكرين ومجتمعا، وإن فتح الباب على مصراعيه يوشك أن يعصف باستقرار البلد كله.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أُخذوا بالسنين، وشدة المئونة، وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله، وعهد رسوله، إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم” رواه ابن ماجه، والحاكم وغيرهما.