إن مواساة الفقير والمريض وعموم الضعفاء ونجدتهم بما ينفس عنهم كربة أو يقضي لهم حاجة أو يدخل عليهم سرورا؛ من أعظم الأعمال وأجل الأحوال:
عن ابن عمر أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ أي الناس أحب إلى الله وأي الأعمال أحب إلى الله؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد (يعني مسجد المدينة) شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام، وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل“[1].
وفي شعب الإيمان للبيهقي وحسنه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أفضل الأعمال: إدخال السرور على المؤمن؛ تقضي عنه دينا، تقضي له حاجة، تنفس له كربة“.
وقد كان هذا من صفات نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم؛ حيث كان يزور المرضى ويبشرهم ويواسيهم.
عن أنس بن مالك قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض” [رواه ابن ماجه والترمذي في الشمائل]
قال في جمع الوسائل:
“أي: أي مريض كان؛ حرا أو عبدا، شريفا أو وضيعا، حتى لقد عاد غلاما يهوديا كان يخدمه، وعاد عمه وهو مشرك، وعرض عليهما الإسلام؛ فأسلم الأول، وقصته في البخاري.
وكان صلى الله عليه وسلم يدنو من المريض، ويجلس عند رأسه ويسأله عن حاله، ويقول: “كيف تجدك” أو “كيف أصبحت” أو “كيف أمسيت” أو “كيف هو“.
ويقول: “لا بأس عليك طهور إن شاء الله” أو “كفارة وطهور“.
وقد يضع يده على المكان الذي يألم، ثم يقول: “بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك الله يشفيك“.
وفي الصحيحين عن جابر: مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر، وهما ماشيان، فوجداني أغمي علي، فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ثم صب وضوءه علي، فأفقت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم ..
وعند أبي داود: “فنفخ في وجهي فأفقت”، وفيه أنه قال: “يا جابر لا أراك ميتا من وجعك هذا“.
وصح عند مسلم: “يجب للمسلم على المسلم ست“، وذكر منها: “عيادة المريض“.
فهو فرض كفاية خلافا لمن قال: بسنيته المؤكدة.
وصح: “أطعموا الجائع وعودوا المريض“.
وصح عن زيد بن أرقم: “عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعيني”اهـ.
[1] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير وصححه الألباني.