خفافيش الظلام الطاعنون في صحابة خير الأنام أنس بويبرين

يأبى الله سبحانه إلا أن يفضح المتسترين وراء الأقنعة الباهتة التي لم تعد تخفى على ذي بصيرة؛ لتعلم الأمة بيقين كما تعلم بدليل أن ثمة وجوها كالحة؛ خانت دينها وباعت وطنيتها لتسود عناوين عريضة مغرضة بعناوين صريحة تكشف جوهر الهوية والانتماء، وتجلي بوضوح حقيقة الطبل الفارغ الذي ما تزال بعض الصحف الرخيصة تدق عليه؛ عساه يسعفها في تلفيق رنة ترضي روافض إيران؛ أو تجلب رضى من خارج الحدود في سياق المؤامرة التي تدبر لهذا البلد الحبيب لطمس مرجعيته وتشويش عقيدته وثوابته والله المستعان.

وقد طلعت علينا أسبوعية الأيام في عددها في عددها: 475 الصادر في: 13-19 ماي 2011م، في أول صفحة بعنوان (الوجه الخفي للخلفاء الراشدين) وبعناوين فرعية من قبيل:
الخلفاء نجوم الأمة وأمنتها، لكن خفافيش البصائر يزعجها النور؛ ولذا تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تستخفي في الظلام وراء العناوين العريضة التي تنم عن قلوب مريضة، وحق للخفافيش ألا تنال من هذا النور، ويكفيهم نارهم التي أوقدوها بخبيث أفكارهم، وأشعلوها بسوء ظنهم، وليس يخبوا أوارها إلا وقد أتم الله نوره ولو كره المعاندون.
أبو بكر اتهم باغتصاب الخلافة!! وعمر شرب الخمر وكان من أشد أعداء محمد قبل إسلامه!! وعثمان أحرق المصحف!! وعلي اتهم بإشعال الفتنة!!

العمائم الصحفية!!
من يقرأ هذه العناوين يظن لأول وهلة أنها صحيفة بارسية أقصد فارسية؛ ناطقة باسم الولي الفقيه، أو هي مقالة لأحد المعممين الإيرانيين، كتبها في قم في أحد الأحواز هناك، يسطر فيها شبهات الروافض المخبولة، وللأسف يتفاجأ القارئ أن العمامة مغربية؛ وأن الصحيفة صادرة في بلد إسلامي؛ يدعو خطباؤه في كل خطبة جمعة بقولهم (اللهم ارض عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر عثمان وعلي ومن سار على دربهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين)؛ ويختتم علماؤه محاضراتهم ومؤلفاتهم بالترضي عنهم ويدينون لله بمحبتهم والولاء لهم ويكفون عما شجر بينهم.

كنت أظن أن السفارة الإيرانية في مغربنا الحبيب أغلقت منذ زمن؛ وكانت هذه خطوة جريئة مباركة من الدولة المغربية؛ هلل لها المخلصون للدين والوطنية لأن الذود عن ثوابت الدين واجب شرعي وحتمية عقدية؛ وخيار ديني ووطني جسده التاريخ العريق للمغرب وملوكه منذ زمن بعيد فلم تكن ثمة محاباة فيه؛ ولا هوادة مع من يريد المساس بهذا الخيار، لكن يبدو أن هناك من يطل من البوابة الإيديولوجية للسفارة ليزور مثل هذه العناوين الباهتة ويلعب الدور الرافضي بمنتهى الوقاحة (وبلا حشمة وخا العمامة أكبر منو) في محاولة لزعزعة الأمن الروحي للمغاربة من خلال إثارة الشبهات حول الثوابت والمسلمات.
في اعتقادي أن الولي الفقيه إذا لم تنفع معه الديبلوماسية المغرضة راح يعمم من يتبنى عقيدته الخرقاء فيسخر قلمه اليتيم ليكون ناطقا رسميا باسمه تحت ستار حرية الرأي والتعبير؛ في جناح صحفي يعرف كل أحد إلى أين يتجه خطه التحريري؛ وأهم أسسه إسقاط الرموز ليتهيأ له جو الفساد فيتمتع هو وأقرانه كما تتمتع الأنعام، لكن بالعمامة!!
وقد كشفوا بشنيع قولهم وسوء صنيعهم عن عوار أنفسهم الحاقدة؛ ووجهم الخفي البائس، وظاهر ما يرى بالعيان مفض إلى ما يصدق عنه الخبر لمن خبر…

منظومتنا التربوية!!
إنني أعتقد جازما أن منظومتنا التربوية بصيغتها الحالية لا يمكن أبدا أن تقف في وجه هذا التيار الجارف الذي يهدد كيان الأمة ويضعف في النشء هيبة الدين وهوية الدولة، لأن مناهجنا الدراسية ببساطة لا ذكر فيها لسيرة هؤلاء القادة العظماء بكل المقاييس.
نعم نجد عناوين النصوص القرائية تشير إلى “الفنون الشعبية” وأهميتها؛ وإلى “ليلة الحناء” و”الملاكمة” و”حديث النخلة والنملة” لكن أين هو ذكر العظماء؟!
وكم تمنيت أن تتضمن مجالات القيم الإسلامية والوطنية والإنسانية سيرة الخلفاء الراشدين حتى يعرف الجيل الصاعد أصله ويصون هويته؛ وحتى لا نحتاج مستقبلا إلى إشغال أنفسنا بكتابة رد على مراهق يفهم في الرياضة والتعليم والتاريخ لأن الورق الذي نكتب عليه أكرم عندنا من ملء الأرض من مثله.

لماذا الطعن في هذه المرحلة بالذات؟!
يتوجه هاهنا سؤال جوهري، وهو: ما الدافع إلى إثارة مثل هذه المواضيع المحسومة في هذه المرحلة بالذات التي يعيش فيها المغرب توجهات إصلاحية مهمة تؤسس لمرحلة يتوق المغاربة إلى أن تكون مستجيبة لتطلعاتهم وطموحاتهم؛ وحفظ وصيانة ثوابتهم وهويتهم؟
وجوابا عن السؤال يتوجب المزاوجة بين أمرين:
الأول: بلادة الفهم وسوء النية.
الثاني: الحرص على الدراهم؛ والدراهم مراهم.
في تقديري أن من يثير مثل هذه القضايا في هذه الظرفية التاريخية يريد أن يحاكم المغاربة في أصولهم التي لا يبغون عنها حيادا حتى يتسنى له أن يضع الثوابت وراء القضبان؛ فيشغل الأقلام المخلصة بدل أن تكتب عن المستقبل المأمول وترسم خطة الإصلاح، بدلا من هذا يقاضيها ويحاكمها في تاريخها العريق وماضيها المجيد الذي ترفع به رأسا فيضعها في خندق الدفاع وإن كانت التهمة هرطقات بليدة وشبهات باردة…
لكن هيهات رقدتم فحلمتم!!
والغرض أن يعطلها عن مسار الإصلاح الذي اختاره المغرب ملكا وشعبا رغم أنوف المرتزقة -أعداء الإصلاح- وهؤلاء لا يمثلون حتى أنفسهم بل لا يمثلون عند التأمل إلا فترة من تاريخ أسود، لفظه التاريخ فأقيم له مزار نجس وهو عدو الإصلاح الأكبر، سموه بابا شجاع وأخاف أن يكون له رواد من الداخل يصلون به الرحم من خلال الطعن في المصلحين الذين رضي الله عنهم في كتابه في غيرما موضع..
ولو كان هؤلاء يبحثون المسائل بما يستوجبه المنهج العلمي لسُقتُ لهم النصوص وكلام الأئمة؛ لكن يبدو أن عقدتهم كامنة في النص الديني، ونصوص الوحيين لا تعقلها قلوبهم المريضة ولا تتحملها عقولهم السخيفة؛ ولذا أخاطبهم بما يفهمون وديننا أمرنا أن نسير بسير ضعفائنا؛ وهم ضعاف من كل جانب، ولو كشفت صحيفتهم لرأيت ضمائرهم مواخير لكل فكرة مقيتة وأطروحة ضعيفة.
وأقسم غير حانث لو كتب هذا المغرض ثلث ما كتبه عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لو كتبه عن مسؤول مهم في الدولة لعومل بما يستحق لكن الأمر كما قيل أسد علي وفي الحروب نعامة..!!!
حنانيك يا هذا فإن الله تولى الدفاع عن أوليائه بنفسه فقال: (إنَّ اللَّه يَدْفَع عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّه لاَ يُحِبّ كُلّ خَوَّان كَفُور) فاهنأ إذن بحرب الله يا مفلس!!
والعيب الأكبر أن يتخلى من يزعم الموضوعية والبحث عن كل منهج علمي ويتجرد من كل ضابط نقلي، حين ينبش في كتب التاريخ؛ أو على الأصح يتناول بالتحرير ما جهزه له غيره لأجل التلميع الموهوم والسبق الصحفي المنكوس؛ وأكبر من هذا العيب أن يعيش المرء في نفس غيره أكثر مما يعيش في نفسه، وهذا ضعف في الشخصية ظاهر، وانفصام في النفس مهول، تتكبل معه الإرادات وتصدأ بسببه القلوب فلا يدري المرء ما يقول ولا يعي ما يكتب، نسال الله السلامة والعافية.
فإن تغضبوا من قسمة الله حظكم فلله إذ لم يرضكم كان أبصرا

المنهج العلماني الفاسد
لا يمكن بحال أن نسلخ هذه العناوين من سياق المنهج العلماني الفاسد الذي ينطلق في تصوراته من تهويل الذات وتهوين الآخرين حتى ولو كانوا أنبياء معصومين؛ أو أمهات للمومنين؛ أو صحابة مرضيين؛ لأن أصحاب المنطق أولئك ضاقت نفوسهم بأصل هذا النور الذي نقله الخلفاء الراشدون -وهم راشدون رغم أنف القمئ- فتطيروا بهذا النبي الأمين ومن معه فتنكبوا صراطه وعاندوه وأهانوه إذ هانت نفوسهم ودرنت قلوبهم، فحاربوه وآذوه هو والذين معه وأوغلوا بصدورهم في حقده ولمز أصحابه.
وهذه هي التركة المهينة لأعداء الفضيلة، وربابين الشماتة لا يزالون يوزعونها بينهم خلفا عن سلف فازدادوا بها فقرا إلى فقرهم، فاضطرهم الحال أن يقترضوا من خارج ذواتهم ما يسدون به عوزهم فتوسلوا إلى أمثال بوهندي صاحب المقالة المخزية التي وسمها بعنوان سيعظُّ عليه أنامله أسفا يوم يعرض على الله (أكثر أبو هريرة)!!! والهالك خليل عبد الكريم صاحب المؤلفات المشينة كسلسلة (شدو الربابة بمعرفة أحوال الصحابة) وهي في ثلاثة أجزاء وكلها نيل من رسول الله عليه الصلاة والسلام والطعن في أصحابه وله كتاب (مجتمع يثرب) وصف فيه أهل المدينة بالسذاجة والأمية وانعدام الحضارة!! -وقد أفضى إلى ربه فيقاضيه بما يستحق-، ونصر حامد أبو زيد صاحب نقد الخطاب الديني الذي تولى كبر الانتهاكات الجسيمة في حق الديانة..

أسبوعية الأيام على خطى العلمانيين والروافض
ها هي دعوة أولئك تتجدد على صحيفة أسبوعية “الأيام”، يريدون تغيير منطق الكارتوغرافيا ليصير الجنوب شمالا والشمال جنوبا، وهذا من بلادة عقولهم وإذا تبلدت العقول لم يعد للكلام مجال، فإن الخلفاء نجوم الأمة وأمنتها، لكن خفافيش البصائر يزعجها النور؛ ولذا تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تستخفي في الظلام وراء العناوين العريضة التي تنم عن قلوب مريضة، وحق للخفافيش ألا تنال من هذا النور، ويكفيهم نارهم التي أوقدوها بخبيث أفكارهم، وأشعلوها بسوء ظنهم، وليس يخبوا أوارها إلا وقد أتم الله نوره ولو كره المعاندون.
وقد أراد هؤلاء بصرح الخير هدما فما اسطاعوا، وإنما سطع من خميم أنفسهم سربال العدوان لدين الله ولرسوله وللصحابة الكرام، فلما جبنوا أن يظهروا بين القوم عراة من لباس الولاء للدين والهوية، طفقوا يتقنعون بقناع التحقيق في الوقائع التاريخية بالمنطق المادي الماركسي؛ والبوليسي التعسفي المتجرد من المصداقية والعلمية؛ فراحوا يقذفون بأسهمهم من وراء جدر لئلا يفضحوا -وقد فضحوا-، وسيعود الرمي على النزعة إن شاء الله؛ شأنهم شأن أجدادهم وتلك سنة الله..
وهؤلاء قوم أهمتهم أنفسهم وهيجهم شيطانهم أو أهاجوا هم شيطانهم، فقد ظنوا بالله ظن الجاهلية وظنوا بنبيه ظن السوء، فماذا يبقى إن كان الخلفاء الراشدون فيهم شارب الخمر والمغتصب للخلافة ومثير الفتنة وحارق المصاحف والقائمة طويلة.
ألم يان للعلماء أن يعوا أن الدين أضحى نوع هزل عند هؤلاء.. به يمرحون، ملئوا أعمدتهم اتهامات باردة وطعونات آثمة وفتح الباب لكل ناعق.
لكني أبشرك أيها القارئ الكريم أن التاريخ ولله الحمد علمنا أن كل كلمة خرجت زورا وأريد بها إفك وبهتان لا تكتب لها الحياة حتى تموت؛ لأنها ولدت من ضمائر ميتة؛ وعقول بليدة؛ وزورتها أياد وضيعة، ملئت بها الصحف مدادا كما ملئت من قبل نفوس كاتبيها على هذا الدين سوادا.
رجاء.. وأمل..
وأخيرا رجائي من الأقلام التي أزعجها تفسير آية من كتاب الله ألا تكسر وأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام يطعن فيهم..
وأملي ألا يجف حبر من رأى أن تفسير آية يهدد الأمن الروحي للمغاربة..
ثم أملي ثالثا ألا تخشع الأصوات التي أغضبها تفسير آية فطفقت تنادي بإصلاح الشأن الديني؛ وأصحاب رسول الله يلمزون وتنتهك حرماتهم.
فمن هاهنا يبدأ الإصلاح وهؤلاء المرضيون هم من نقل إلينا الدين فالدفاع عنهم دفاع عن الدين وتثبيت للهوية والحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *