لا شيء يعلو فوق صوت الشريعة الإسلامية د.محمد عوام

من حين لآخر تعلو بعض الأصوات الشاذة في المجتمع، والتي تمتح من الفكر والفلسفة الغربية المادية، مطالبة بتنفيذ المواثيق الدولية، ومدعية أنها فوق القوانين المحلية أو الوطنية، وفوق الشريعة الإسلامية، التي يعتبرها هؤلاء، مصدر التخلف والرجعية والماضوية، إلى ما هنالك من الاتهامات الجاهزة، مع استخفاف مقيت بقيم المجتمع المسلم.
ولم تكن هذه الطائفة المتغربة في يوم من الأيام وفية للأمة ولا للوطن المسلم، وإنما كانت دائما ولازالت، تركن إلى الغرب، فوجدناها تدعو بكل وقاحة وجرأة مخزية إلى الشذوذ الجنسي، والعلاقات السخطية، التي يسمونها ظلما وزورا بالعلاقات الرضائية بين الراشدين، ورفع القوانين المجرمة للإجهاض، وهلم جرا من المفاسد والرعونات، فأصبحوا بحق أصحاب مواخير ودعارة وفسق وفجور.
ونسيت هذه الطائفة خاصة “النسوة منهن” أن المغرب بلد مسلم، له قيمه وأخلاقه ومبادؤه، وله تاريخه وحضارته وهويته، وله قبل كل شيء إسلامه، فلم يكن في يوم من الأيام مبتوة الصلة عن الإسلام، الذي شكل فكره وهوية وعيه الجمعي، مهما غشيه من ضعف أو تقهقر، فلن تجد من الشعب من ينكر إسلامه، ويتبرم لعقيدته وقيمه، وهذه المظاهر نجدها في أعماق اللاشعور عند المغاربة، إلا هذه الشرذمة الشاذة، وهم قليلون، وعن الصراط المستقيم لناكبون.
ولهذا فالاستقواء بالمواثيق الدولية على الشريعة الإسلامية لا ينفع، ولا يجدي شيئا، لأنه يصطدم مع هوية المجتمع، ومع إسلامية الدولة، ومع البيعة التي من شروطها إقامة الدين وحراسة الدنيا، ومع تاريخ المغرب المسلم. فلا شيء يعلو البتة أمام أحكام الله تعالى القطعية الثابتة، ولا شيء ينقضها، لا من مواثيق دولية ولا غيرها، ولذلك فكل قانون أو مطالبة به يخالف شرع الله تعالى، وهو أحكم الحاكمين، ورب العالمين، وله الخلق والأمر، فهو باطل باطل باطل، لا يجوز للدولة أن تقره، ولا أن تسمح بأن يعلو فوق شريعة الرحمن.
وحينما تطالب هذه الشرذمة بتفعيل المواثيق الدولية المخالفة لشرع الله، فإنما تحدث بذلك شرخا في المجتمع، وتفكيكا لهويته، وتدميرا لقيمه، فتكون بذلك مرتمية في أحضان المستعمر، الذي لا يهدأ له بال، ولا يتاح له ضمير، منذ زمن غير يسير، حتى يحارب الإسلام ويفكك وحدة المسلمين، ويجعل منظومته القيمية والقانونية التي مرجعيتها فلسفته المادية، هي الحاكمة.
وهذا من غير شك له انعكاسات على المستوى الاجتماعي، وعلى الدولة المغربية نفسها، بالقضاء عليها، ومسخ هويتها، بإنشاء إثنيات متصارعة متفككة. ودعاة الجنسانية والمسخ البشري، دعاة إشباع الفروج والنهم الجنسي والإلحاد، هؤلاء أشد خطرا على الأمة والدولة من غيرهم. ومع الأسف أن الإعلام الوطني بعض منه، وعلى رأسهم القناة الثانية، لازالت في غيها تعمه، وفي ضلال مبين، خادمة للفكر الجنساني بالتشويه بالإسلام ورموزه، وبترويج الأفلام الضالة الساقطة، التي تدور رحاها حول الجنس والتطبيع مع الخيانة الزوجية وغيرها.
فلا يمكن مهما علت هذه الأصوات الضالة أن نقبل كمجتمع مغربي مسلم، أن تعلو المواثيق الدولية والمطالب الضالة على صوت الشريعة وأحكامها وثوابتها وقيمها ومقاصدها، وهذا من صميم عقيدتنا وشرعتنا. فالله تعالى يقول وهو أحكم الحاكمين: “وما كان لمومن ولا مومنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا.” فمن مقتضيات الإيمان ولوازمه الإيمان بأحقية شريعة الله تعالى في الحكم، ولا يقدم عليها أي شيء فهي تعلو ولا يعلى عليها، وهي السائدة وغيرها مسود وتابع لها. ولكن شرذمة الجنسانيين لا يعلمون.
ثم أختم أنه يجب على العلماء بكافة مجالسهم العليا وغيرها، نصرة للشريعة الغراء، أن يقفوا في وجه هذه الدعوات الضالة المغرضة، فهذه مسؤوليتهم وواجباتهم التي سوف يسألون عنها يوم القيامة، “يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم”، فالسكوت عن هذه الطائفة الضالة المخربة للمجتمع والمقوضة للدولة، والخادمة للاستعمار والاستكبار العالمي خيانة لله ورسوله وللمؤمنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *