الصلاح والإصلاح

أمر الله بالصلاح والإصلاح، وأثنى على المصلحين، وأخبر أنه لا يُصلِح عمل المفسدين، فيُسْتدل بذلك على أن كل أمر فيه صلاح للعباد في أمر دينهم ودنياهم، وكل أمر يعين على ذلك فإنه داخل في أمر الله وترغيبه، وأن كل فساد وضرر وشر، فإنه داخل في نهيه والتحذير عنه، وأنه يجب تحصيل كل ما يعود إلى الصلاح والإصلاح، بحسب استطاعة العبد، كما قال شعيب ـ عليه السـلام ـ “إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْـلاحَ مَا اسْتَطَعْـتُ” أي: “فيما آمركم وأنهاكم، إنما مرادي إصلاحكم جهدي وطاقتي”.

وهذه القاعدة من أهم القواعد، فإن القرآن يكاد يكون كله داخلاً تحتها، فإن الله أمر بالصلاح في آيات متعددة والإصلاح، وأثنى على الصالحين والمصلحين في آيات أخر.
والصلاح: أن تكون الأمور كلها مستقيمة معتدلة آخذة سبيلها الذي سنه الله مقصوداً بها غايتها الحميدة، التي قصد الله إليها. فأمر الله بالأعمال الصالحة وأثنى على الصالحين، لأن أعمال الخير تصلح القلوب والإيمان، وتصلح الدين والدنيا والآخرة، وضدها فساد هذه الأشياء، وكذلك في آيات متعددة فيها الثناء على المصلحين ما أفسد الناس، والمصلحين بين الناس والتصالح فيما بين المتنازعين، وأخبر على وجه العموم أن الصلح خير.
فإصلاح الأمور الفاسدة: السعي في إزالة ما تحتوي عليه من الشرور والضرر العام والخاص.
ولذا كان الإصلاح هو: أن تسعى في إصلاح عقائد الناس وأخلاقهم وجميع أحوالهم بحيث تكون على غاية ما يمكن من الصلاح.
وأيضا يشمل إصلاح الأمور الدينية والأمور الدنيوية وإصلاح الأفراد والجماعات وضد هذا الفساد.
فالإفساد قد نهى الله عنه وذم المفسدين، وذكر عقوباتهم المتعددة وأخبر أنه لا يصلح أعمالهم الدينية والدنيوية.
ومن أهم أنواع الإصلاح: السعي في إصلاح أحوال المسلمين..، فكل ساعٍ في مصلحة دينية أو دنيوية، فإنه مصلح، والله يهديه ويرشده ويسدده، وكل ساعٍ بضد ذلك فهو مفسد، والله لا يصلح عمل المفسدين.
ومن أهم ما حث الله عليه: السعي في الصلح بين المتنازعين، كما أمر الله بذلك في الدماء والأموال والحقوق بين الزوجين، والواجب أن يصلح بالعدل، ويسلك كل طريق توصل إلى الملائمة بين المتنازعين، فإن آثارالصلح بركة وخير وصلاح، حتى إن الله أمر المسلمين إذا جنح الكفار الحربيون إلى المسالمة والمصالحة أن يوافقوهم على ذلك متوكلين على الله.
وأمثلة هذه القاعدة لا تنحصر، وحقيقتها: السعي في الكمال الممكن حسب القدرة بتحصيل المصالح أو تكميلها أو إزالة المفاسد والمضار أو تقليلها: الكلية منها والجزئية، والمتعدية والقاصرة، والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *