التأطير الديني في البعد الافتراضي أمين أمكاح

أمام تنامي ظاهرة العولمة في عصرنا، نجد تراجعا لتأثير الخطاب الديني خصوصا على مستوى التطبيق، وذلك للتوتر الحاصل بين الجانب المعتقدي والممارستي السلوكي عند الشباب، على الرغم من شبه الإجماع على استنكار الظواهر الصادمة للشعور الديني.
ومن هنا يمكن أن نتساءل: هل لازال الدين والمعتقد يؤثر في حياتنا كأفراد ومجتمعات في ظل التحولات والتطورات السريعة القائمة؟
وما هو موقع التأطير الديني عبر العالم الافتراضي المسيطر؟
إن الدين معطى أساسي في تحديد وتشكيل هوية الفرد، فيتصل وينفعل ويتغير بالمؤسسات والبنى الاجتماعية الأخرى (الأسرة والطبقات الاجتماعية والمؤسسات السياسية…)، ومع اعتبار الأنترنيت عالما افتراضيا، ومؤسسة هيمنت على باقي المؤسسات التربوية المتمثلة في الأسرة والمدرسة والمجتمع؛ لا ينكر أحد دور التأطير الديني في توفير الأمن الروحي والقومي والاستقرار الاجتماعي والطمأنينة الإنسانية.
فبعيدا عن المبادرات الرسمية التي تعنى بهذه القضية، وفي ظل الضعف القائم في استهداف هذا التأطير لشريحة محدودة من الشباب، خصوصا أن هذا الموضوع في بعده الافتراضي المتمثل في مواقع التواصل الاجتماعية والمواقع الإلكترونية الدينية، وما يتجلى في العالم الواقعي المؤسساتي التنظيمي بكل تجلياته وأنماطه وصيغه سحب البساط منه، فأصبح العالم الافتراضي هو المسيطر والطاغي.
في الوضع الراهن تجلت الأزمة التي تكمن في فقد السيطرة على الواقع المعاش والعجز على استيعاب جميع أفراد المجتمع في عملية التأطير هذه.
وفي ظل ما أسهمت فيه مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة في توفير مساحات آمنة للشباب للتعبير عن آرائهم ووجهة نظرهم، وتعاطيهم للمسائل الدينية بكيفيات مختلفة، باختلاف درجة الموضوعية في التعامل مع الأمور الدينية، لا سيما وأن تكوين الهوية مرتبط ارتباطا وثيقا مع عامل أساس وهو المعتقد الديني؛ فنجد أن مجموعة من المقالات استعرض فيها مدونوها مواضيع مثيرة وتصل درجة الجرأة المتعلقة ببعض الفتاوى سواء الجنسية أو غيرها مما هو غير مألوف، والحديث هذا نفسه يقال على مستوى المقاطع التي تنشر على اليوتيوب.
من هنا يمكن أن نخلص إلى أنه من الضروري تطوير طرق التواصل والوصول إلى الشباب من أجل هيكلة وتجديد فعال للخطاب الديني، يتماشى ويتفاعل أمام متطلبات العصر، لاحتواء هذه الفئة المهمة التي تمثل اللبنة الأساس في المجتمع، وعدم تركهم وإهمالهم ليكونوا فريسة للتطرف والضياع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *