نيل المنى

 

ومقصد الشارع في  المسـبب    وقوعه عند وقوع السبـب

وقصد ذا خالف قصد الشارع    فليس في البطلان من منازع

وليس هذا من قبيل  الـرفض    فينسب الاصل به للنـقص

«ومقصد الشارع في» شأن المسبب هو «وقوعه» وحدوثه «عند وقوع» وحدوث «السبب» وأما «قصد ذا» أي هذا الشخص الذي قصد أن لا يقع المسبب بعد كسبه سببه على وجه الكمال،  فأنه قد «خالف قصد الشارع» وبذلك يكمن قصده ذاك فاسدا «فليس في حصول «البطلان» له «من منازع» أو مخالف من أهل العلم، «وليس هذا» القصد «من قبيل» وباب «الرفض»  للعبادات «فينسب» هذا «الأصل» المبحوث فيه -وهو القصد المذكور به بسببه- يعني بسبب كونه من قبيله وبابه «للنقض» والهدم للمسبب المذكور وإنما لم يكن هذا من قبيل الرفض المذكور، لأن الرفض إنما يصح في أثناء العبادة إذا كان قاصدا بها في البداية امتثال الأمر، ثم أتمها على غير ذلك، بل بنية أخرى ليست بنية عبادته التي شرع فيها، وذلك كالمتطهر ينوي رفع الحدث، ثم ينسخ تلك النية بنية التبرد، أو التنظف من الأوساخ البدنية،

وأما بعد ما تمت العبادة وكملت على شروطها فقصد أن لا تكون عبادة، وأن لا تترتب عليها أحكامها الشرعية كالإجزاء غير مؤثر، بل هي على حكمها، كما لو لم يكن ذلك القصد، فالفرق بين ما يجري فيه الرفض، وهذا الذي نحن فيه بين، واضح.

هذا إذا كان المتسبب قد أتى بالسبب على تمام وكمال، بحيث توفرت فيه الشرائط، وانتفت عنه الموانع.

وإن يكن في فعله ذاك السبـب    لم يأت باستكمال ما فيه وجب

فإن ذا لا يدرك المسبـــبا     بكل حال شــاء ذاك أو أبى

إذا الوقوع أو سواه  ما لــه     فيه اختيار فيرى قد  نـــاله

ومع ذا السبب عند الشـارع     ما استكمل الشروط دون مانع

«و» أما «إن يكن في فعله» أي كسبه «ذاك السبب» على خلاف ذلك،  إذا «لم يأت باستكمال» ما به كما له وتمامه وهو ما «فيه وجب» لتحقيق ماهيته الشرعية من توفر شرائطه، وانتفاء موانعه «فإن ذا» أي هذا الذي أتى بالسبب على هذه الصورة «لايدرك المسببا» ولا يحصل له كسبه «بكل حال» سواء شاء حصول «ذاك المسبب» أو «أبا»ه «إذ الوقوع» للمسببات «أو» بمعنى ـ الواو ـ أي و «سواه» وهو عدم الوقوع «ما» ليس «له» أي لذلك المتسبب «فيه اختيار» أو تصرف فيرى أي يبصر «قد ناله» وحصله لذلك، «و» يزاد «مع» هذا أمر آخر يعضد هذا الذي ذكر -وهو أن قصد المتسبب لا تأثير له هنا وهو أن « السبب عند الشارع» إنما هو «ما استكمل» أي استجمع «الشروط» الشرعية فيه على تمام و«دون» وجود « مانع» يمنع من تأثير تلك الشروط،  أو من جريان الحكم في محلها.

ومنه حفظه لذلك السبـب   فلا يرى في غيره له أرب

والأمن معه من لحوق التعب   وراحة النفس من المسبب

«فصل»

في ذكر بعض ما ينبني على هذا الذي تقدم وهو أن المسببات مخلوقة لله تعالى من أمور:

قال الناظم «ومنه» أي ما يبنى على أن المسببات من خلق الله تعالى أن المكلف المتسبب إذا علم ذلك وعلم أنه ليس له إلا كسب الأسباب، واستقر في نفسه فإنه يكون همه فقط هو «حفظه لذلك السبب» ومحافظته عليه والنصيحة فيه، إذ حاجته محصورة في تحصيله «فلا يرى» ولا يوجد «في غيره» أي غير ذلك السبب «له أرب» أي حاجة،  وقصد.¹

«فصل»

ومما ينبني على ما ذكر -أيضا- أنه يحصلا «الأمن  معه من لحوق التعب» تعب الدنيا «و» كذلك فيه «راحة النفس» من الاشتغال ب«المسبب» والاهتمام بأمره، وحصر الهموم في هم واحد وهو كسب السبب فقط. ²

 
——————
 ¹- انظر الأصل 1 /162-163
²- انظر الأصل 1 /162-163

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *