محمد بن إبراهيم السباعي (1245-1332/1829-1914)

 

هو محمد بن إبراهيم بن محمد، الحفيد السباعي الحاجي العبيدي الحسني الإمام المحدث الفقيه الأصولي اللغوي الفقيه الذي تمشي تحت علم فتياه العلماء الأعلام، حامل لواء الفتيا، ومالك أزمة المنقول والمعقول من غير شرط ولا ثنيا… الذي تزينت بدروسه المساجد والمدارس، واحتاج إلى منطوقه ومفهومه كل مذاكر ومدارس، وجمع شمل العلوم ونسق نظمها، ورفع منار الإفادة ونشر أعلامها، مفرد زمانه إلا أنه قام مقام الجمع، المستغرق لأوقاته في الإفادة والتصنيف لما يشنف السمع الساعي في ذلك أشرف المساعي، أبو عبد الله من أهل مراكش رحمه الله.
ولد رحمه الله في أواسط العشرة الخامسة من القرن الثالث عشر، وقد ترعرع وشب في أحضان العلم، حتى أصبح نجما لامعا، ورمزا من رموز العلم متفردا، إذ أصبح له باع كبير في الحديث وفي التفسير والأصلين والعربية والتاريخ، والفقه، وكان له ثقة بنفسه كثيرا، حيث يستنبط الأحكام من النصوص يستدل بالمعقول على المنقول، ويعارض ويرجح ويرد ويزيف، ويقول: “نحن رجال وهم رجال” انتهت إليه رئاسة الفتوى في مراكش.
وقد كانت ترد عليه الأسئلة، فيجيب عنها حالا وارتجالا دونما تسويد في ذلك، نظرا لكثرة رصيده المعرفي، وكان يجتمع حوله أذكياء الطلبة ونقادهم، فيشفي غليلهم، إذ يبقى في درسه الفقهي 3 ساعات.
كانت قراءة المترجم رحمه الله أولا بدمسيرة على العالم أبي عثمان سعيد الدمسيري الملقب ببولواح لازمه مدة انتفع به كثيرا، أخذ العلم رحمه الله عن شيوخ وقته بمراكش وفاس وغيرهما، وأجازه منهم أعلام، منهم العلامة الحافظ مولاي الصادق العلوي، وشيخ الجماعة العلامة المشارك أحمد المرنيسي المتوفى عام 1277، والشيخ العلامة ذو القريحة الوقادة محمد بن المدني كنون، أخذ عنه صحيح البخاري عن آخره درسا، والشفا، وممن أخذ عنه جميع البخاري سردا العلامة عمر بن سودة، وممن أخذ عنهم الفقيه شيخ الجماعة كلها بعصره فذ الزمان في دهره أعجوبته في صناعة التدريس وتحقيقه وتحريره محمد بن عبد الرحمن الفيلالي المتوفى عام 1275، ومعاصره طيب الأخلاق أحمد المرنيسي، ثم الفصيح اللافظ عمر بن سودة، ثم الحافظ اللافظ قاضي الجماعة مولاي محمد بن عبد الرحمن العلوي، والفقيه الحافظ السيد محمد المكناسي المتوفى عام 1283، والفقيه محمد كنون، وهؤلاء هم العمدة الكبرى المذكورون في إجازته العامة.
قال في ترجمته العلامة عبد الحي الكتاني رحمه الله في معجم شيوخه: “كان عالما كبيرا، وصدرا شهيرا، حافظا نقادا موفور الحظ في الحديث والتفسير، والأصلين، والعربية والتاريخ متقدما في الفقه حافظا له مستحضرا لقواعده يقيس الأشباه والنظائر ويستخرج من النصوص المسائل، يعارض ويرجح ويرد ويزيف، وانتهت إليه رئاسة الفتوى في مراكش مع كثرة من كان بها من الشيوخ إذ ذاك، بل وكانت ترد عليه الأسئلة من كافة أنحاء المغرب، كما كان رحمه الله دؤوباً على التدريس صيفاً وشتاء لأزيد من نحو نصف قرن بمدينة مراكش التي استقر بها بعد أن رجع إليها من فاس، فلاقى قبولا كبيراً، وأخذ عنه جل معاصريه، وكان يحرص على حض الطلبة وتحريك همهم على العلم والأخذ، وكثيراً ما ينشد في دروسه:

قالت مسائل سحنون لقـارئـها      بالدرس يدرك مني كل ما استترا

لا يدرك العلم بطال ولا كسل      ولا ملول ولا مَن يألف البـشـرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *