الكشف عن حقيقة العلاج بالطاقة…Reiki ذ طارق الحمودي

كتبت هذا عندما لاحظت وجود بعض المراكز المختصة في هذا إما علاجا أو تعليما في الرباط والدار البيضاء، والغريب في الأمر أن بعض المعالِجات المغربيات تلقت ذلك بالإسناد إلى ماكاو السابق الذكر! وتستمر عملية انتشار هذه المراكز تحت عين المؤسسات المعنية بالأمن الروحي المغربي..

ترددت مدة في الكتابة عما انتشر اليوم من أنواع العلاجات البديلة أو الموازية، ومنها على وجه الخصوص ما يسمونه “العلاج بالطاقة”، وقريب منها العلاج باليوغا البوذية، وقد احتجت للمراجعة المؤلفات فيه، والنظر في حقيقته، وتأملت في ذلك تأمل المستبصر، الراد للفروع إلى أصولها، إلى أن تحققت الأمر في ذلك بعيدا عن تدليسات بعض الكتاب والباحثين، فإنه ينبغي أن يعلم الباحث الجاد أن مباشرة المصادر آمن من مراجعة الوسائط، فإنها غالبا ما تمارسا أنواعا من التمويه والتجويد.
يعد العلاج بالطاقة، أو Reiki طريقة تطبيب مستوحاة من الفلسفة الباطنية البوذية، استخلصها وكشفها واستخرجها من الكتب البوذية القديمة المخطوطة مع راهب ياباني -مع مداومة للتأمل الصوفي في عزلة وتخلي- اسمهMikao Sunuai Usui من بوذية الزين Zen، وهي إحدى أشهر مدارس البوذية في العالم، ويقوم هذا العلاج على أسس باطنية تنبني على اعتقاد وحدة الوجود الصوفية، وترى أن “الله” تعالى عبارة عن طاقة كامنة في الكون مثل ما هو مقتضى عقيدة الطاو اليابانية أيضا.
ويقوم دور المعالج على الربط بينها (Rei) النازلة وبين المريض عن طريق اللمس أو المحاذاة باليد بإحدى الحركات الرمزية الثلاثة المعروفة، ويعتبر المعالج نوعا من الشامان النسوي كما تشير إليه أحد أجزاء رمز الريكي باللغة اليابانية، ويصحب هذه العملية في الأصل التكلم بتعويذة Mantra، وهي تعويذة هندوسية مقدسة تقرأ أثناء عملية العلاج ثلاث مرات مع كل حركة رمزية مع ذكر اسم المريض.
تثير انتباهك مثل هذه الإضافات الغريبة الموحية بوجود وسائط أخرى في العملية، ويبدو من شكل العلاج وما يصاحبه من حركات وأقوال أن الجن جزء أساس في أصل العملية عند واضعها، فإن علم أن الشياطين أحد أهم العناصر الخفية في وصفات العلاج الوثنية ذات الإيحاءات الروحية لم يستغرب مثل هذه الممارسات المصاحبة للريكي، وإغفال مكون (الشياطين) في كثير من هذه الأمور يضيق مساحة الفهم والوعي، خصوصا ما يزعم أصحابه أنه كرامات من كل الديانات الصوفية في العالم من الصين إلى المغرب، فهي غالبا من فعل الشياطين.
قد يمارس المؤمن بهذه الطريقة العلاج على نفسه، ويصل في بعض مستويات العلاج إلى التأمل البوذي على طريقة بوذية الزين المسماة “الزازين”، وهذا انفلات قبيح، يوصل الممارس إلى مجاوزة حدود العقيدة والشرع والدخول في مساحات ديانات وثنية.
من الملاحظات اللطيفة في هذا، أن هذه الحصص لا يبتدأ أصحابها بتسمية الله تعالى وطلب عونه واستجلاب لطفه، لأن الممارس لا يكون قصده الاستعانة بالله تعالى بل بالممارسة نفسها، وقد يتوهم العلاج بالإيحاء النفسي، ولا يكون شيء، ومثل هذا مثل ما نعرفه من العلاج بالذبح للأموات والطواف بقبورهم وزيراتهم مع أذكار بدعية يؤول الأمر فيها غالبا إلى استحضار الجن وجعلهم جزءا من العملية.
خلاصة الأمر أن هذا النوع من العلاج قائم على أسس وثنية كفرية، فلا يجوز ممارسته بحال، ومن يدعي أنه يمارسه بدون استحضار هذه العقائد فإنه يمارس شيئا آخر غير “الريكي” وهو أقرب إلى الشعوذة والكذب على الناس لأخذ أموالهم.
كتبت هذا عندما لاحظت وجود بعض المراكز المختصة في هذا إما علاجا أو تعليما في الرباط والدار البيضاء، والغريب في الأمر أن بعض المعالِجات المغربيات تلقت ذلك بالإسناد إلى ماكاو السابق الذكر! وتستمر عملية انتشار هذه المراكز تحت عين المؤسسات المعنية بالأمن الروحي المغربي، فمثل هذه الممارسات قنوات تسريب خطيرة لأفكار واعتقادات فاسدة في حق الله تعالى وحق الوحي وحق الأنبياء، وليست هذه الممارسات القنوات الوحيدة للتسرب الباطني، فهناك من يريد أن يعيد العقائد الوثنية الأمازيغية لتنافس المعتقدات الإسلامية كما فعل حمو بوشخار في مقدمة ترجمته لكتاب René Basset الذي صرح بأن الدعوة إلى الثقافة الأمازيغية محمولة على قاطرة الدعوة إلى عودة الوثنية الأمازيغية!
الملاحظ أن أمثال هذه التسربات الباطنية تجد لها منفذا من جهة من يجهلون يدينهم أو من لا دين لهم، أو عن طريق جهات تقصد إلى ذلك عمدا، والخطير في هذا أن هذه الممارسات تجر معها حمولات أقبح، دينيا واجتماعيا وسياسيا أيضا، فالبوذية مثلا والتي تمثل أساس العلاج بالريكي لها موقف سلبي ونظرة دونية كما يقال اتجاه المرأة، والعجيب أن الذين يتخذون هذه الممارسات الروحية لا يعرفون ذلك، فالبوذية في أصلها تؤسس لمجتمع ذكوري بامتياز.
هل يمكن أن يكون العلاج بالريكي مدخلا لنوع من التبعية والتشوه الثقافي، أو ربما أعلى من ذلك، وجواب هذا تجده في ما كتبه أحمد المكاوي في “الدور الاختراقي والاستعماري للطبابة الأوروبية في المغرب”. ونصيحتي أخيرا أن يحذر من هذا النوع من العلاج الذي صار بعض الغافلين يجعلون له لباسا إسلاميا،وهو نوع من التسرب الباطني الوثني، والذي يجهل حقيقته كثير جدا من الناس.
عندنا معشر المسلمين ثقافة علاج رقية راقية وعالية، فيها الغناء والكفاية، فهي ربانية المصدر، نبوية البيان والتبليغ والممارسة، وفيها من أغراض التوحيد ما يرفع أمراض النفوس، ويهذب الطباع، ولكن القوم لجهلهم بما ينفعهم، يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم والله المستعان.
يراجع لهذا: “الموسوعة الهندوسية”، باللغة الإنجليزية، و”الإرث السانسكريتي، قاموس السانسيكريتية”، باللغة الفرنسية، و”فن والممارسة الروحية للريكي” لباتريس غروس، باللغة الفرنسية و”الريكي” لميشيل ماتيو، باللغة الفرنسية. و”الدور الاختراقي والاستعماري للطبابة الأوروبية في المغرب” لـ”أحمد المكاوي”، و”أبحاث في دين الأمازيغ” لـ”ريني باسيه”، ترجمة حمو بوشخار، و”من قاموس الأديان، الهندوسية البوذية السيخية” لـ”أسعد السحمراني” وغيرها. وبرنامج وثائقي عن أنواع العلاج البديل على قناة ميدي1 بالغة الفرنسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *