الأدب مـع كتـــاب الله

إن من أعلى مقامات الأدب الأدب مع الله تبارك وتعالى، ومِن الأدب مع الله تعالى الأدَب مع كِتابه تعالى وتقدَّس. فهو كلامه سبحانه وهو أعْظَم ما في الوجود.
ومِن الأدب مع القرآن:
1- أن لا يُهْجَر قال ابن القيم: هَجْر القرآن أنواع:
أحدها: هَجْر سَمَاعه والإيمان به والإصْغَاء إليه.
والثاني: هَجْر العَمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به.
والثالث: هَجْر تَحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدِّين وفُروعه.
والرابع: هَجْر تَدَبّره وتَفَهّمه ومَعْرفة ما أراد الْمُتَكَلِّم بِه منه.
والخامس: هَجْر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلب وأدوائها، فيطلب شِفاء دائه مِن غيره ويَهْجُر التداوي به.
وإن كان بعض الهجر أهْون مِن بعض. اهـ.
2- تَعَاهُد الفَم بالسِّوَاك عند قراءة القرآن، لقوله عليه الصلاة والسلام: “طَهِّرُوا أفْوَاهَكم للقرآن”. رواه ابن المبارك في الزهد، والحديث أورده الألباني في الصحيحة.
قال البيهقي في تعظيم القرآن: (تنظيف الفم لأجل القرآن بالسواك والمضمضة ومنها تحسين اللباس عند القراءة والتطيب).
3- أن لا تُقْطَع القراءة، ولا يَتَشَاغَل القارئ بِغير التلاوة.
روى البخاري من طريق نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه، فأخذت عليه يوما فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان، قال: تدري فيم أنزلت؟ قلت: لا، قال: أنزلت في كذا وكذا ثم مضى.
وقال النووي: ومما يعتنى به ويَتأكد الأمْر بِه: احترام القرآن مِن أمور قد يتساهل فيها بعض الغافلين القارئين مُجْتَمِعين؛ فمن ذلك: اجتناب الضحك واللغط والحديث في خلال القراءة إلاَّ كلاما يُضْطَر إليه، وليمتثل قول الله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)… ومن ذلك العبث باليد وغيرها، فإنه يناجي ربه سبحانه وتعالى، فلا يَعبث بِيديه، ومِن ذلك النظر إلى ما يلهي ويبدد الذهن. اهـ.
4- احترام أهل القرآن
نقل البيهقي عن الْحَليمي قوله: “تعظيم أهل القرآن وتوقيرهم كتعظيم العلماء بالأحكام وأكثر” اهـ.
5- آداب متفرقة
قال البيهقي في تعظيم القرآن: قال أبو عبد الله الحليمي رحمه الله: وذلك ينقسم إلى وجوه:
منها: تعلمه.
ومنها: إدمان تلاوته بعد تعلمه.
ومنها: إحضار القلب إياه عند قراءته والتفكر فيه وتكرير آياته وترديدها أو استشعار ما يبهج البكاء من مواعظ الله ووعيده فيها.
ومنها: افتتاح القراءة بالاستعاذة…
ومنها: أن لا يقطع السورة لمكالمة الناس ويقبل على قراءته حتى يفرغ منها.
ومنها: أن يحسن صوته بالقراءة أقصى ما يقدر عليه.
ومنها: أن يرتل القرآن ولا يهذه هذا.
ومنها: أن لا يقرأ القرآن كله في أقل من ثلاث.
ومنها: أن يعلم القرآن من يرغب إليه فيه ولا يترفع عنه بل يحتسب الأجر فيه ويغتنمه.

6- احترام المصحف
ويندرج تحته:
أ– أن لا يوضع شيء على المصحف، فإنه يعلو ولا يُعْلى عليه.
ونَقَل البيهقي عن الْحَلِيمي قوله: “لا يحمل على المصحف كتاب آخر ولا ثوب ولا شيء إلا أن يكون مصحفان فيوضع أحدهما فوق الآخر فيجوز”.
ب – أن لا يُتناول باليَد اليُسْرى تكريما للمصحف، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعجبه التيمن في تَنَعّلِه، وترجّله، وطُهوره، وفي شأنه كلِّه. رواه البخاري ومسلم.
جـ – أن لا تُمَدّ الأقدام باتِّجاه المصاحف تكريما له.
د – تحاشي المصحف عند العطاس أو تنظيف الأنف خشية أن يصيبه شيء من الأذى.
هـ – أن لا يضع المصحف مقلوبا في الرف أو عند سجود التلاوة قال تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
ألا يلقى المصحف في الرف إلقاء كأي كتاب مما قد ينجم عنه صوتا وفي ذلك أذية لقدره.
و – أن لا يوضع على الأرض ولا يُجتَاز مِن فوقه بل يرفع في الرف إن كان ذلك في المسجد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *