من جديد علمانية تونس تسخر من المقدسات

لا دين للعلمانية إلا معاداة الدين، ولذا فإن رعاتها ودعاتها لا يدَعُون فرصة ولا موقفا إلا استثمروه للطعن في ثوابتنا ومحكمات ديننا، وبنظرة على الوضع في تونس يتضح هذا الأمر، حيث حرص التيار العلماني المتشدد منذ نكبته التي مُنِي بها -بسقوط طاغيتة بن علي- حرص هذا التيار على الثأر لماضيه، والتفنن في معاداة الإسلام، والتحرش بأهله واستفزاز مشاعرهم، وكان آخر هذه الأفعال ما حدث في قصر العبدلية في مدينة المرسى شمال العاصمة “تونس”، حيث أقيم معرض فني تحت عنوان “ربيع الفنون” تم فيه الإساءة للذات الإلهية ولشخص النبي صلى الله عليه وسلم، ولمقدسات ديننا الحنيف.
وتضمن المعرض رسومًا مزعومة للنبي صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج على براق، ورسومًا عن الذات الإلهية، وأخرى عن الكعبة، وعن محجبات يتعرضن للرجم، وصورة لعبارة سبحان الله مرسومة بالحشرات…! وغير ذلك من الرسوم المبتذلة؛ ما أدى إلى غضب واستياء كبير لدى الشعب التونسي، وغيره من الشعوب الإسلامية.
وردّا على هذا الحدث تجمع العشرات من أتباع التيار السلفي أمام قصر العبدلية في مدينة المرسى للاحتجاج على عرض هذه اللوحات، وطالبوا بمقاضاة المسئولين عن هذا المعرض؛ لما فيها من إساءة للإسلام واعتداء على الآداب العامة، ثم تبع ذلك دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي منادية بالتجمع والتنديد بهذه الرسوم، وفي مقابل ذلك نادى أنصار العلمانية ومؤيدوها بوقفات تضامنية مع أصحاب المعرض، كما ذهب عدد من الرموز السياسية لمساندة الفنانين ودعم ما يسمونه “حرية التعبير”!! وعلى رأسهم رئيس الحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي وشقيقه القيادي بنفس الحزب عصام الشابي.
وعلى الرغم من أن حزب النهضة الإسلامي ليس طرفا في هذا الأمر إلا أنه قد وجهت له انتقادات شديدة، وأبدى كثير من أنصاره أسفهم على موقفه السلبي تجاه استفزازات العلمانية المتشددة، وأكدوا أن هذه هي الفرصة الأخيرة أمام النهضة -حركة وحزبا- لتثبت غيرتها على الدين خاصة بعد أن خذلتهم بالتراجع عن تبني الشريعة مصدرًا رئيسًا للتشريع بالدستور الجديد.
من ناحيتها، طالبت كتلة «حركة النهضة» الإسلامية في المجلس الوطني التأسيسي بتضمين دستور تونس الجديد بندا «يجرم الاعتداء على المقدسات الدينية»، التي قالت إنها «أسمى من أن تكون موضوعا للتندر والعبث والتطاول». وقالت إن «حرية الإبداع وحرية الإبداع الفني ليستا مطلقتين من كل الضوابط، ويجب على من يمارسهما أن يستحضر عقيدة وأخلاق الشعب التونسي الذي يدين بالإسلام».
من ناحيته، دعا وزير الشؤون الدينية التونسي، نور الدين الخادمي، إلى فتح تحقيق قضائي فيما تضمنته لوحات فنية عرضت الأحد الماضي في مدينة المرسى من «اعتداءات وإساءات للدين الإسلامي».
وقال في تصريح للتلفزيون الرسمي إن «حرية الإبداع مكفولة في الإسلام لكن الاعتداء على مقام الذات الإلهية أو المقدسات الإسلامية ينذر بتهديد للوحدة التونسية والسلم الاجتماعي».
في المقابل يرى مراقبون أن هذه الأفعال أفعال مفتعله، قد خطط لها من قبل التيار العلماني المتشدد في تونس، لإحراج الإسلاميين واستدراجهم إلى مواجهات بقصد تشويه صورتهم أمام الرأي العام العالمي، إلى جانب هذا ففي الأمر مكاسب أخرى منها:
– أن فيه استدراجا للتيار السلفي التونسي، وهذا ما حصل بالفعل، حيث تظاهر العديد من السلفيين منددين بما عُرض من لوحات في هذا المعرض، ثم تلا ذلك أعمال عنف من قبل الشرطة.
– كذلك استطاع صانعو المعرض تسليط الضوء عليهم عالميا، والظهور بمظهر المعتدى عليهم، وفي هذا مكاسب، قد تمكنهم من الحصول على مزيد من الامتيازات، إن استمر النهضة في أسلوب التهدئة، دون إعمال سلطة القانون، التي تخول له معاقبة أصحاب المعرض لتعديهم على المقدسات.
– قد يكون لعرض هذه اللوحات في مثل هذا التوقيت علاقة بالانتخابات المصرية، بحيث يستفيد المرشح العلماني في مصر إعلاميا بما يحدث من أعمال عنف -مدبرة- في تونس؛ لتشويه صورة التيار الإسلامي في مصر، وعلى رأسهم الإخوان المسلمين والتيار السلفي.
يشار إلى أن التيار العلماني في تونس دائم الاستفزاز والتهجم على المقدسات، فقبل أحداث هذا المعرض، خرج أحد العلمانيين الموالين لنظام “بن علي” بتصريحات تمس من الذات الإلهية ومن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، وقبل هذا بشهور وقعت اعتداءات على القرآن الكريم والمساجد في منطقة بن قردان جنوب شرق تونس، حيث تم تمزيق نسخ من القرآن، وإلقائها في دورات المياه، بالإضافة إلى تدنيس عدد من المساجد، وفي تونس العاصمة أقدم شخص على رسم نجمة إسرائيل السداسية على الرخامة الحائطية لجامع الفتح بعد انتهاء صلاة الجمعة، وقبل هذا قامت قناة نسمة الخاصة ببث فيلما كرتونيا يجسد الذات الإلهية، ما أدى إلى مظاهرات واستياء عام في تونس وغيرها من البلدان الإسلامية.
(مركز التأصيل للدراسات والبحوث)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *