لماذا هذا الإصرار على تشويه سمعة المغرب؟ أحمد اللويزة

قبل نهاية العام الذي ودعناه تم تنظيم المهرجان الدولي للسينما بالمغرب بمدينة مراكش حيث مرقد يوسف بن تاشفين.

وكان التنافس قائما على من يحوز جائزة أحسن فيلم وأحسن ممثل وأحسن مخرج وأحسن، وأحسن..، مع أن الكل لا يخرج عن دائرة القبح إذا ما وضع في ميزان الشرع وإن أجمع عليه أهل الفن إذ لا اعتبار لإجماع العوام والطغام.
وكعادة المغرب وفي كل الملتقيات السينمائية المحلية والإقليمية والدولية يشارك بإنتاجاته وأفلامه المبتدعة من زمرة من المخرجين الذين يحاولون أن يكونوا أكثر جرأة من الذين علموهم الجرأة أصلا. والمثير في الأمر أنه في كل الدورات تطغى سينما الجنس على إبداعات المغاربة وكأنه ليس هناك ما يمكن أن يبدعوا فيه غير هذا الموضوع الذي اكتشفوه أخيرا ليعبروا عن مدى انخراطهم في مشروع الحداثة العالمي الموجه إلى المسلمين بالخصوص، وليتلقوا الدعم الخارجي والسند القوي في نشر ترهاتهم فرضها على الجمهور بدعوى الإبداع.
قيمة المرء ما يحسنه مثل قديم ينطبق على هؤلاء المخرجين الحدثاء السفهاء الذين يخربون عقيدتنا وأخلاقنا وقيمنا ويجعلوننا عرضة للألسن الحاقدة التي تروج عنا بأننا شعب الخنا والفجور والانحراف، وأحسنهم حالا من يعبر عن حالنا بعبارة لطيفة براقة “المغرب أكثر البلدان الإسلامية انفتاحا”، وهذه بلا شك عبارة تحمل بين سطورها لمزا وهمزا لا ينتبه إليه إلا الغيورون على هذا الوطن المكلوم بضربات أهله وذويه من الذين يخربون بيوت عزه ومجده بأيديهم وأيد الفاسقين والمستبدين. ويزعمون وبترصد أن سينما الجنس سبيل الرقي والتقدم والرخاء والعيش الكريم. وعنوان الانفتاح والتسامح والوسطية وما إلى ذلك مما تحويه أسطوانة حديثة الإنتاج يروج لها عند كل حدث وفي كل مجال ليرسخوا في أذهان الأجيال القادمة صورة مغلوطة عن حقيقة المصطلحات الآنفة الذكر.
في كل مهرجان يشارك المغاربة بأفلام ليست لها أدنى قيمة إلا قيمة التكلفة المالية المرتفعة التي تنفق عليها من طرف المركز السينمائي السخي على كل الأعمال الإباحية والساقطة التي تنتج بأموال ضرائب الشعب التي لم يقيض لها أمناء بعد يضعونها في حقها ويتقون الله عز وجل فيها، فالمال الذي يتصرف فيه السفهاء شرعا ينبغي أن يمنعوا منه وإن كان مالهم الخاص يتملكونه تملكا صحيحا، فكيف بمن يتصرف في أموال غيره بسفاهة وحماقة قل لها النظير؛ مثل الفيلم الذي مول بالمال المغربي ليظهر خريطته مفصولة من ترابه الجنوبي ليعرض في أحد مهرجانات الشمال. لكن من يأخذ على أيدي هؤلاء تصديقا لقوله تعالى ” ولا توتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما”.
من جهة أخرى فمثل هذه الأفلام تكرس النظرة المشينة التي أصبح ينظر بها إلينا كثير من شعوب العالم والتي ساهمت في نشرها بنات المغرب المنحرفات الداعرات المنتشرات على مختلف ربوع العالم يحملن معهن صورة سيئة عن بلد مسلم عربي قام على الإسلام والعفاف والوقار والعلم. وهكذا تتضافر الجهود بين البغايا المنتميات إلى هذا الوطن وبين مخرجي الأفلام الوقحة ليس لمحو وصمة العار التي انطبعت على جبين كل مغربي صار متهما في عرضه وأهله وشرفه، ولكن لتأكيدها عند من لازال عنده شك في ذلك أو ربما لا يعلم بذلك حين تجوب العالم تلك الأفلام التي ليست لها أية قيمة عند نقاد السينما كالفيلم الذي دوخ به صاحبه لجنة التحكيم والجمهور وسماه صاحباه ” الرجل الذي باع العالم” وقد باعا به كرامتنا على رصيف الإبداع الزائف. إن هؤلاء المنتمون إلى هذا البلد بالميلاد، الغرباء عنه هوية وثقافة ومرجعية يجدون الدعم المالي والمعنوي لنفث قاذوراتهم عبر ما يسمونه إبداعا، فإن كان هذا إبداعا، فليخسأ الإبداع إذن.
إن المثير في كل هذه الفوضى الأخلاقية التي نعيشها والتي تتكرر سنة بعد أخرى، أنه لا رادع لها رغم كل الأصوات المختلفة المشارب التي بحت بالاستنكار والشجب لهذه التفاهات التي تزيد جرأة أكثر كلما زاد إنكارها وانتقادها. وكأنه لا عين ترى ولا أذن تسمع، وكأن الذين تولوا المسؤولية لا تعني عندهم الكرامة شيئا ولا يساوي الشرف عندهم جناح بعوضة. إلا أن يكون هذا تواطؤا مفضوحا من جهات عدة أو أمرا مفروضا لا قدرة على التخلص منه أو ربما أشياء أخرى لا نعلمها والله بها عليم فهو يمهل ولا يهمل. نسأله أن لا يؤاخذنا بما يفعل السفهاء منا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *