جدل “فرصة والمؤثرين” مستمر.. رشيد حموني*: فرص الشغل لا تحتاج إلى اشهار ولا إلى تسويق لأنه منتوج مبيوع حاوره: عبد الصمد إيشن

 

إننا بكل موضوعية، أمام حكومة يمينية نيو ليبرالية، بكل تأكيد، ولسنا أبداً أمام حكومة كفاءات كما تدعي زوراً وبهتاناً.

 

1ـ انتقدتم استعانة الحكومة بالمؤثرين في الترويج لبرنامج فرصة، ما هي أوجه الانتقاد في هذه المبادرة؟

لستُ أنا وحدي من استهجن تلك الطريقة المُبتذلة. أنا كنتُ واحداً من ملايين الناس الذين استغربوا كيف للحكومة أن تعمد إلى تسويق “مبادرة” جد محدودة الأثر، عدداً ونوعاً، بكل تلك الزوبعة و”الهيلمان”، وكأنها حققت إنجازاً عظيماً.

ولا تنس أنَّ برلمانيين ومناضلين وقادة من داخل صفوف أحزاب الأغلبية لم يُعجبهم ذلك التطبيل والتهليل الذي اعتقد أصحابه من خلاله أنهم في حملة دعائية، وليسوا في مكانٍ يُلزمهم بإيجاد الحلول، وليس بتلميع الصورة المهزوزة لدى الرأي العام.

الترويج لفرصة بتلك الطريقة الرعناء، انتقادُنا له يعود أولاً إلى المبالغ المالية الضخمة التي صُرفت في تلك الدعاية، وهي مبالغ كان الأجدر أن تعزز برنامج فرصة الذي تحول إلى “همزة”.

وثانيا: المُفترض في الحكومة أن لديها قطب إعلامي عمومي، وأمامها صحافة خاصة واسعة. إذن فالحكومة لا تثق في الإعلام، ولجأت إلى ما يُسمى بالمؤثرين. والاعتقاد السائد هو أن الأمر يتعلق بمكافاة أو بمحاباة أو بشراء الصمت، حيث الكثيرون ممن ساهموا في تلك الدعاية هم أنفسهم من شارك في الحملة الانتخابية للحزب الذي يقود الحكومة.

ثم ثالثا: المغاربة يعانون من غلاء الأسعار، في صمت وألم. وعندما يرون أن حكومتهم تطلب منهم التقشف و”تزيار السمطة”، ولكن هي “مبرعة راسها ف الأرباح وصحابها ف أموال الإشهار”. فهذا يُسمى استفزاز من شأنه أن يزيد في الاحتقان.

رابعا: فرص الشغل لا يحتاج الى إشهار ولا إلى تسويق لأنه منتوج مبيوع والدليل أنه في ظرف 10 أيام تم التوصل ب100 ألف طلب عبر المنصة لاختيار10آلاف .

 

2ـ ضمن أحد تصريحاتكم أكدتم على أن “الشباب المغربي في حاجة لفرص الشغل لا للتأثير”، هل الحكومة الحالية في نظركم تختبئ وراء المؤثرين للتغطية عن “فشلها” في إيجاد فرص الشغل والاستجابة لمتطلبات الشباب المغربي؟

ذلك ما لا شك فيه.

يكفي أن تعود للاطلاع على البرنامج الحكومي، وإلى الوعود الانتخابية لأحزاب الأغلبية، لتستكشف حجم وسقف هذه الوعود.

وكثير من خبراء الاقتصاد أكدوا أنَّ الحكومة تبيع الوهم للمغاربة. ولا يمكنها بنسبة النمو هذه، ولا بحفاظها على النظام الضريبي كما هو، ولا بعدم محاربتها للفساد والريع، أن تنجح في خلق مليون منصب شغل الذي التزمت به.

وحتى عندما أحدثت برنامج “أوراش”، اتضح أنه برنامج يشبه “الإنعاش الوطني”. ويتساءل الجميع: ما مصير أولئك الشباب الذين سيشتغلون لمدة بضعة أشهر بأجرة زهيدة؟

أما برنامج “فرصة”، فحتى لو افترضنا أنه سينجح، ما ذا تساوي 10 آلاف شاب أمام ملايين المعطلات والمعطلين؟

والحقيقة أن الحكومة لو كانت جادة، لعملت على اتخاذ قرارات اقتصادية كبرى، من شأنها أن تُحدث رجة في الصناعة والفلاحة والخدمات، وكان لينعكس ذلك على مناصب الشغل.

أما والحالة هاته، فنحن أمام حكومة ضعيفة، عاجزة، يخترقها تضارب المصالح، وتزيد بتصرفاتها من غليان الشارع. والمؤلم أنها تدَّعي، “بلا حيا بلا حشمة”، أنها حكومة “الدولة الاجتماعية” وأنها “حكومة سياسية قوية”… ويا ليتها كانت كذلك، لنصفق لها من موقع المعارضة، ولن نجد حرجاً في ذلك.

 

3ـ هناك أموال طائلة تصرفها الحكومة في الخدمات الإعلامية، وفي مكاتب الاستشارة والدراسات، هل تتفقون مع من يقول بضرورة إنهاء هذا النوع من التدبير، خاصة والمغرب في ظرف أزمة؟

أثناء الأزمات، أي حكومة تحترم نفسها وتحترم الشعب، تقوم بإجراءات تقشفية من حيث ميزانيات مشتريات وإنفاق الإدارات العمومية والوزارات، وتعمل على خفض نفقات السفريات والتظاهرات واللقاءات، كما تقوم بالتقليص من نفقات الدراسات، ولا تحتفظ منها سوى بتلك التي لها طابع الاستعجال أو الأهمية الهيكلية. وبالمقابل تقوم بتعزيز ميزانية الاستثمار العمومي لتقوية الطلب الداخلي والحفاظ على القدرة الشرائية للأسر وعلى حياة المقاولة الصغرى والمتوسطة.

أما هذه الحكومة، فإنها تسبح ضد التيار.  وتتصرف كأنه لا أزمة لدينا، حيث ملايين الدراهم لا زالت مخصصة للسيارات الفارهة ومصاريفها والدراسات التي لا جدوى منها، وللدعاية وتلميع الصورة، ولاقتناء لوازم المكاتب المكيفة   إلخ…

أولا، هذا السلوك فيه ضياع للمال العام الذي يؤديه دافعو الضرائب. وثانيا هذا السلوك يبعث على مزيد من الغضب والاحتقان والغليان. وثالثا: هذا السلوك هو بمثابة “وضع مساحيق للتجميل فوق وجه قبيح”

والحكومة، عوض أن “تزير السمطة على راسها”، فهي “مزيرا السمطة” فقط على المواطن الذي يكتوي بلهيب أسعار المازوط والبنزين والماطيشة والنقل ومصاريف الأبناء والمدرسة والدواء….

ليأتي الناطق الرسمي ليخاطب المواطنين بقوله “للي عندو شي سيارة يتحمل مسؤوليتها”.

واش هاد الحكومة عايشة ف المريخ؟ ألا تعرف أن الموظف “يتقاتل” و”يطيح وينوض” باش يشري سيارة اقتصادية بالكريدي، لكي يتنقل بها إلى العمل أو ليقل أبناءه إلى المدرسة؟

ولكن، لا عجب، حين نعرف أن أغلب وزراء الحكومة أتوا من عالم المال والأعمال والشركات العملاقة والماركات العالمية… ولن يعرفوا أبداً آثار الفرق بين 9 دراهم و14 درهم.

إننا بكل موضوعية، أمام حكومة يمينية نيو ليبرالية، بكل تأكيد، ولسنا أبداً أمام حكومة كفاءات كما تدعي زوراً وبهتاناً.

ـــــــــــــــــــــــــ

*برلماني ورئيس فريق نيابي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *