كعادتهم؛ لازال العلمانيون يتربصون بأهل الخير والصلاح، ولا يفوِّتون فرصة أو مناسبة إلا ولمزوهم واستهزؤوا بهم؛ وبالتزامهم بشرع الله تعالى، تماما كما أخبرنا الله في كتابه أن {الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ، وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ، وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ، وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} (المطففين).
ومن خلال طريقتهم هذه؛ لا يأنف العلمانيون طبعا من استغلال بعض التصرفات الخاطئة أو الطائشة التي تصدر عن قصد أو غير قصد من بعض المتدينين؛ فهم لا يفوتون أبدا تورط مؤذن أو إمام مسجد أو ملتح عموما في قضية ما؛ إلا وصدروا هذا الخبر -وبالخط العريض- في الصفحات الأولى من جرائدهم، بغية التشنيع بهم؛ والقدح في تدينهم؛ وإسقاط الاحترام والتقدير الذي يحظى به المتدين داخل المجتمع المغربي.
ورغم أن جميع المغاربة؛ بل جميع المسلمين؛ يعلمون ألا أحد معصوم من الخطأ، فمقل ومستكثر، إلا أن الصحافة العلمانية تأبى إلا أن تركب على هذه الحقيقة، وتركز جل اهتمامها على تتبع الأخطاء والسقطات التي يقع فيها المتدينون، وتغض الطرف تماما عن محاسنهم الكثيرة.
والأخطر من ذلك كله؛ هو حينما تستغل هذه الصحافة مثل هذه التصرفات للقدح في الإسلام مباشرة وفي شرائعه، وتعمد بعد ذلك إلى تنفير الناس من أصحابها، ولو بالكذب والتلفيق والافتراء…!!
ومن ذلك؛ الخبر الذي نقلته جريدة “الأحداث المغربية” عن يومية الصباح التونسية ووكالات ومواقع كما ذكرت في العزو، وهي بدورها نقلت الخبر مترجما عن صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية الذي نشرته بعنوان: “في سجنان، السلفيون التونسيون يحكمون”.
ومفاد الخبر أن مجموعة من التونسيين السلفيين أسسوا إمارة سلفية في مدينة سجنان النائية، في غياب الأمن التونسي وضعف سيطرته على الأوضاع. وكل هذه الأمور مجموعة من المغالطات نشرتها القناة الوطنية التونسية أول ما نشر، والواقع خلاف ذلك كما صرحت ساكنة سجنان من غير السلفيين (انظر فيديو حول الموضوع في موقع القيروان)، والذين بين عدد منهم أن هذا التشنيع هدفه تشويه صورة المدينة حتى يبقى الحال كما هو عليه؛ يستفيد منه مجموعة من المرتزقة الوصوليين..
ومن الأمثلة المخزية على استهزاء جريدة الأحداث المغربية بالشرائع الإسلامية واستغلال صور بعض التصرفات العفوية للتنكيت بالإسلام والمسلمين، نشرها لصورة أخذت في الحرم المكي لزوجة منقبة تضع يدها خلف ظهر زوجها المبتورة قدمه؛ والذي وضع هو الآخر يده خلف ظهر زوجته واستند عليها ليتمكن من متابعة المسير.
إلا أن طاقم تحرير جريدة الأحداث عمد إلى التزييف؛ بل إلى الكذب الصريح؛ حيث قام مخرجهم الفني من خلال برنامج الفوتوشوب بإخفاء قدم الزوج المبتورة ووضع شريطا أحمرا عليها؛ كتب عليه تعليقا مشحونا بالسخرية والاستهزاء، وذلك حتى لا يتبين للناظر إلى الصورة المثيرة أن الرجل فاقد لقدمه اليمنى، وأنه فقط مستند على زوجته ليتمكن من القيام بالعمرة، وانظر الصورة الأصلية ليتبين لك ذلك، وليتبين لك أيضا الطريقة العملية التي تجسد بها هيئة تحرير يومية الأحداث قيم أخلاقيات مهنة الصحافة على أرض الواقع.
فمن خلال متابعتنا لهذه اليومية يبدو واضحا أن طاقم تحريرها مصر على المضي قدما في طريق مغايرة تماما لاتجاه ومرجعية المغاربة، فتطبيع العلمانية في المجتمع والرفع سقف المبيعات؛ هو الهاجس الوحيد الذي يضعه محمد البريني مدير اليومية نصب عينيه؛ فلا تهمه مرجعية ولا قانون ولا أخلاق ولا أعراف ولا حتى حقوق..
وهو ما يفسر الوضع المخزي والدرك المتردي الذي بلغه هذا المنبر، بسبب ما ينشر فيه من أفكار ماضوية بائدة وأخبار الجنس وصور العري بشتى ألوانه وأشكاله، بلغت بهم الجرأة في ذلك إلى نشر صور عاريات تظهر أثداؤهن بالكامل على الصفحة الساخنة.
فمتى يعي القائمون على جريدة الأحداث أن التحريف والتزييف والتلبيس ينفر القراء ويفقد المصداقية؟
ومتى سيخاطبون عقول المغاربة ويكفون عن دغدغة أعضائهم التناسلية؟
متى سيدركون أنهم يخاطبون شعبا مسلما ذكيا باستطاعته في أي لحظة أن يلقي بهم في مزبلة التاريخ إلى لا رجعة؟