إضاءات (ج2) ربيع السملالي

* حاول أن تنظر إلى مكتبتك على أنّها كتاب ضخم؛ يضمّ بين دفتيه أصنافًا من العلوم، وضروبًا من الفنون.. تقرأ كلّ يوم منه مائة صفحة أو أكثر، فإن لم تستطع فاكتفِ بخمسين، فإن لم تستطع فعليك بعشرين، وذلك أضعف الإيمان.
*****
* لا تمازح رجلا لا علاقة له بالأدب، فيعتقدك -لطبعه الخشن- صبيا يلهو ويدعو للعبث.
*****
* قرأتُ كتبَ النّاقد الأديب د.عبد الفتاح كيليطو كلَّها ولَم أَجِد أيّ كلمة فيها إساءة لدين الله، علمًا أنّه متعدّد الثّقافات، ومن كان في مثل توجهه قلّما يسلم من انحرافات، فهو باختصار عبقري عاقل متّزن، وهذا ما يجعل حبّي يزداد لهذا الرّجل يوما بعد يوم، وإعجابي بكتبه يحملني على وضعها في مقدّمة الكتب العشرة المبشَّرة بعقلي.
*****
* ومن النَّاس من يقرأ رواياتٍ كثيرة لبني الأصفر (الأعاجم) فيحاول بعد الانتهاء منها إسقاط بعض أفكارها على أرض واقعه البئيس، فتبوء محاولته بفشل ذريع، وحين يريد الرجوع إلى الأصل (لأنّه فضيلة) يجد نفسه قد نسي كلّ شيء كالغراب الذي زعمت بعض الأساطير أنه حاول تقليد مشية الحمامة ففشل، ولَم يستطع بعد ذلك أن يستردّ مشيته إلا بشق الأنفس..
*****
* يقول فيليب لوجون: ليس جميع النَّاس يزاولون الرّياضة من أجل المشاركة في نهائيات الأولمبياد..
قال ربيع: وهذا مثل رائع لابأس أن نسقطه على الكتابات (الفيسبوكية) ونقول: دعوا الناس تكتب وتنفّس عن نفسها وتفكّر بصوت مرتفع عبر هذه النافذة، وكفاكم مراقبة وحشر أنوفكم القَذِرة في أمور لا تمتّ لكم بسبب.. ومن تدخّل فيما لا يعنيه فحَظْر يحجبه ويلغيه.
*****
* بعض المدوّنين والمدوّنات على هذا موقع (فيسبوك) و(تويتر) لهم كتابات جميلة، وأفكار ناضجة، أستمتع صدقًا بما تجود به أقلامهم، لولا ذلك اللّحن الفاحش الذي يعتري الكثير من الكلمات التي تجعلني أنصرفُ عن خواطرهم في مرات كثيرة.. ونصيحتي لهم أن يدرسوا على الأقل كتاب (النّحو الواضح)، وبعده شرح المقدّمة الآجرومية.
*****
* ما على الكاتبة الواعدة إلا أن تستجيب لأهواء دُور النّشر، ونزوات أدعياء النّقد ليكتبوا عن خربشاتها ما يجعل الأغبياء يتهافتون على كتبها كتهافت الفراش على الضّوء!… أمّا إذا وضعت صورتها بأحمر شفاه وشعر ناعم منسدل على الكتفين العاريين، وصدر بارز كأنّه حُقّان، وابتسامة ميّتة تنطق بالإغراء فحينها يجب أن يُطبع من الكتاب آلاف النّسخ فيسرع الرّجال الأشاوس لالتقاط هذه الدّرة النّفيسة قبل أن تنفد من أسواق الإبداع، عفوا (النّخاسة) فيعضّ أنامل الحسرة عليها كما لو أنّه فقد كتاب (حصان نيتشه) للعظيم عبد الفتاح كيليطو.
*****
* قالت لي أم هند رأيت في المنام أنَّك صرت تدخّنُ!.. فهل أَجِد عندك تأويلا لها.
فقلت: نعم إنه كتابي السّابع: (إشعال النَّار في الرّوافض الأشرار)..
*****
* القراءة الجادة: هي أن تقرأ الكتاب بلهفة وتركيز كما لو كنت تبحثُ عن سطر فيه إنقاذ حياتك من مصيبة محقّقة.
*****
* قال لي أحدُ أصفيائي: كيف السَّبِيل أخي ربيع لاتّقاء ألسنة النَّاس وشرّهم؟
فقلت ساخرًا: لا تنافسهم ولا تتفوّق عليهم ولا تحدّث نفسك بذلك، وإن استطعتَ أن تستر نِعَمَ الله عليك كما تستر سيئاتك فافعل!.. وحينها ستسمع منهم أنَّك سيّدهم وابن سيّدهم..
ولله درّ سفيان الثّوري فقد طلب إليه رجل أن ينصحه، فقال: احذر النَّاسَ.. وأنا فاحذرني..
والأديب المنفلوطي يقول في نظراته (ج1 ص20): وكنت في شؤون عيشي في حالةٍ لا أستطيعُ معها أن أعتزل النّاسَ الاعتزالَ كُلَّه، ولا أن أختار لعِشرتي من أشاء من خيارهم وذوي المروءة فيهم، فلبستهم على عِلاّتهم فما حفظ لي صديق عهدًا ولا صان لي صاحب سرّا، ولا استدنت مرّة فنفّس عنّي دائن، ولا دنت فوفّى لي مدين، ولا ردّ لي مستعير عارية، ولا شكر لي شاكر صنيعة، ولا فرّج لي كربتي مفرّج إلاّ إذا استقطر ماء وجهي إلى القطرة الأخيرة منه..
*****
* لم أندم على شيء في مرحلة طلبي للعلم كندمي على الانشغال بكتب المشارقة وترك كتب المغاربة، فكنت كمن يلوذ بالسواقي ويترك البحار الزاخرة!.. وكل ذلك بسبب سوء التّوجيه وقلّة المطبوعات ورداءتها..
*****
* النّوم مُبكّرًا ليسَ من خصال الأدباء، والاستيقاظ بعد الثّامنة صباحًا لا يليق بمن يصبو إلى المعالي! لسان حالهم:
يا رفيق الفراش أكثرتَ نومًا….إنّ بعد الحياة نومًا طويلا
*****
* لا يذمّ قراءة الرّوايات بإطلاق إلاّ رجلان: الأوّل نشأ في بادية بعيدة، والثّاني: لا يعرف من الرّوايات إلا التّافه منها..
*****
* قراءة الكتب المطوّلة تدرّب الطَّالِب على الصّمت ومعرفة قدر النَّفْس، والتزام الحياد في الحكم على (الآخرين).
*****
* إذا أورثتك القراءة كثرة التّأمل والأسئلة عن الكون والحياة والإنسان فقد أصبحتَ مُفكّرًا!.. لكن حذارِ أن ترضى بالأجوبة الجاهزة والمستهلكة فتكون من الهمج الرّعاع المُتّبعين لكلّ ناعق.. والزم كتابَ ربّك ففيه شفاؤك.
*****
* في كتاب النظّرات للمنفلوطي (ج1 ص38) مقالة جيّدة بأسلوب أدبي فاخر عن الخمرة أم الخبائث، حذَّر منها بطريقة منطقية عقلانية حوارية، تغنيك عن الخطابات الوعظية الصّارمة التي تُبتدأ بحرام وتنتهي بلا يجوز بدون مقدّمات..
يقول فيها على لسان مُدمنها في ص:40:
صدّقتُ أنَّ في الشّراب أربع مزايا: السّعادة، والصّحة، والفصاحة، والإقدام، فوجدتُ فيه أربع رزايا: الفقر، والمرض، والسّقوط، والجنون.
*****
* من تناقضات بعض القرّاء المسلمين أنّهم يُسرفون في مدح بعض كتب عمالقة الأدب الغربي (وهم كُفَّار أصليون ومنهم ملحدون لا يعترفون بوجود إله) وفِي المقابل تجدهم يضيقون ذرعًا بل يفرّون من كتب الغزالي وابن رشد وابن سينا بدعوى أنهم من المبتدعة والمرتزقة ومن أعداء المنهج السلفي.
*****
* تزوجي قارئًا عاشقًا للكتب لعل الله يكرمكما بالشهادة فتسقط الرّفوف والمجلدات فوق رؤوسكما ذاتَ غضب.. (ابتسامة).
*****
* حين كنت أتدرّب على سياقة السّيارة في مدرسة للتّعليم علّمونا كلّ شيء إلاّ دعاء الرّكوب، ودعاء السّفر، ودعاء الدّخول إلى القرى والمُدُن..
*****
* لا تستهن بتوتير وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي، فبسببه قد تؤلّف كتابًا، أو تلتزم بفريضة، أو تقلع عن إثم، أو تكفّ عن تبني بدعة، أو تغيّر منهجك المنحرف إلى غير رجعة [إن أنت أحسنت اختيار الكتَبَة والمدوّنين والقرّاء].. أما التّعرف على عادات الناس وأعرافهم وتقاليدهم فلن تجدها نابضة بالحياة في غير هذه المواقع حتى لو قرأت (معجم البلدان) لياقوت، و(عجائب المخلوقات للقزويني)..

https://www.facebook.com/rabia.essamlali

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *