نعم لفتح نقاش حول الإرث ولا لاستفتاء المجلس العلمي الأعلى حول التماثيل! عبد الله مخلص – هوية بريس

ما إن كشف عمدة مدينة طنجة البشير العبدلاوي، عبر شريط فيديو، أن جماعته طلبت فتوى من المجلس العلمي المحلي بطنجة حول إمكانية تشييد تمثالين للرحالة وعالم الاجتماع محمد اللواتي الطنجي المعروف بابن بطوطة، والحاكم اليوناني “هرقل” الذي توجد مغارته في طنجة، حتى خرجت كثير من المنابر الإعلامية، ذات التوجه العلماني، لتستنكر بشدة استفتاء جهة دينية رسمية حول موضوع متعلق بالفن.
“كشك” التابعة لمجموعة “آخر ساعة” التي أنشأها إلياس العماري سارعت إلى الاتصال بمهدي قطبي، مدير مؤسسة متاحف المغرب، والذي يوصف بأنه متحرر إلى أبعد الحدود، وقد أبدى قطبي بالمناسبة “استغرابه من إقدام عمدة مدينة طنجة المنتمي لحزب العدالة والتنمية، على مراسلة المجلس العلمي الأعلى ليستفتيه عن رأي الدين حول وضع نُصُبين بالمدينة”، وأكد قطبي أنه “لا علاقة للدين بالفن مهما كان نوعه”.
الأحداث المغربية في عددها ليوم الخميس 27 أبريل 2017 وتحت عنوان: (ابن بطوطة وهرقل ينتظران الفتوى!) اعتبرت أن كلا القرارين الصادرين عن كل من إدريس الأزمي، عمدة فاس، القاضي بمنع الاختلاط في صالونات الحلاقة، وقرار عمدة طنجة البشير العبدلاوي باستفتاء المجلس العلمي لبناء التماثيل، امتدادا لمرجعية حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح بتصريف أحكام دينية في تدبير الشأن العام والسياسي، بشكل لا أثر له في القانون المعمول به.
أما الجريدة المتطرفة “كود”، النسخة الإلكترونية لـ”نيشان” البائدة، فكتبت بالدارجة وبلغة (قلة الحياء): “للي استنتجتو من هاذ العجب، هو أن هاذ السيد سايط ليه الريح في… واسير آسي العمدة البيجيديست الله يعطيك الحككة وقلة الظفران” اهـ.
وفي الإطار نفسه أصدرت “الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب” بيانا اعتبرت من خلاله أن مجرد استفتاء الجهة الدينية الرسمية (المجلس العلمي لطنجة والمجلس العلمي الأعلى) سلوكا “يمتح من الفكر الداعشي المناقض للفن والإبداع”.
لا أريد أن أطيل في نقل كلام هذه المنابر حول تصرف دستوري مؤسساتي قانوني عادي، لكن ما أود أن أشير إليه هو أن سدنة الكهنوت العلماني يرفضون رفضا تاما تدخل الدين في أي من مناحي الحياة، ويعتبرون ذلك مسا بمقدساتهم، والتي يرفضون بالمناسبة مجرد فتح النقاش حولها.
ففي الوقت الذي يتجرؤون فيه، وبشكل سافر، على المطالبة بتغيير حكم الله في الإرث، ويتهمون المسلمين المدافعين عن شرع الله المقرر في كتابه بالتطرف والداعشية، نجدهم على الطرف الآخر لا يقبلون بمجرد “رأي” من جهة دينية رسمية في أمر يعدونه هم من ثوابتهم إن لم نقل مقدساتهم (الأصنام)، وأكثر من ذلك فهم يتداعون من كل حدب وصوب لإخراس الأفواه وقمع الحريات واضطهاد الأفراد وتعطيل المؤسسات.
واضح أن لكل ثوابته ومقدساته التي يدافع عنها، ويوالي ويعادي عليها، لكن الفارق بين الطرفين هو جلد الفاسق وعجز الثقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *