المقرئ أبوزيد*: لهذه الأسباب نحن متلبسون بحالة خذلان كاملة لإخواننا في الأقصى

لاحظنا تعاطيا وتفاعلا ضعيفا مع الأحداث الأخيرة بالمسجد الأقصى، بخلاف السنوات السابقة، رغم خطورة الوضع، سواء من طرف الحركة الإسلامية، أو من طرف التيارات والأحزاب اليسارية والقومية، في نظركم ما أسباب ذلك؟
الحركة الإسلامية التي تورطت في مسؤوليات تنفيذية، اضطرتها إلى أن تعيد ترتيب أولوياتها، وإلى أن تخفض سقف مطالبها، لأنها تحولت من سلطة المعارضة والاحتجاج، إلى سلطة المسؤولية..
نعم ما قلته صحيح مائة بالمائة، نحن نعيش حالة من البرود، النفسي والفكري والحركي، تجاه ما يجري في القدس الشريف، وفي بيت المقدس، نحن جميعا في حالة من البرود والعجز والاستسلام، وخفض الأيدي، غير مفهومة، منا نحن الذين كنا نتنادى ونتصايح، ونبادر للخروج إلى الشارع، لإعطاء التصريحات وعقد التجمعات، كل واحد منا الآن ينكر من نفسه، هذا الوضع غير الطبيعي وغير العادي، وهو وضع ينبغي أن يسمى باسمه إنه وضع خذلان.
نحن اليوم متلبسون بحالة خذلان كاملة لإخواننا غير مبررة ولا مفهومة منا نحن، فأحرى أن تكون مفهومة أو مبررة منهم، أنا أحسب والله أعلم في محاولة مني للفهم، أن السبب الرئيسي فيما يجري في الأمة من التشظي والتشرذم والتمزق والانشطار، أولا الانقسام داخل فلسطين الذي أصبح انقساما مؤبدا، والذي يبدو أن جميع الأطراف قد استدرجت إليه، من السماح بفوز حماس في غزة ومنعها من الفوز في الضفة، ثم تكريس الانقسام بينها وبين فتح، ومرورا بمؤامرات التيار العلماني المتطرف المتصهين داخل فتح، والذي يقوده محمد دحلان، إلى الوضع المخزي للنظام المصري، الذي رفع شعار محاربة الإرهاب، وهو في الحقيقة يمارس خنق وإبادة صامتة لأهل غزة، ثم الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج، التي انصرفت إلى مناكفة قطر ومن ورائها تركيا، عوض أن ترعى القضية.
وانتهاء بالحركة الإسلامية التي تورطت في مسؤوليات تنفيذية، اضطرتها إلى أن تعيد ترتيب أولوياتها، وإلى أن تخفض سقف مطالبها، لأنها تحولت من سلطة المعارضة والاحتجاج، إلى سلطة المسؤولية، مع جو الخريف العربي، الذي جعلنا نعيش هذا التقهقر والانهيار منذ محاولة قلب النظام في مصر التي كانت محاولة ناجحة، إلى محاولة قلب النظام في تركيا التي كانت فاشلة.
هذا هو المحيط العام الذي يحيط بالقدس، وهو الذي ينتهزه الإسرائيليون اليوم، لمزيد من التصعيد والتأزيم والتآمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ـــــــــــــــــــــ
* د. المقرئ الإدريسي أبو زيد: مفكر إسلامي وعضو حزب العدالة والتنمية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *