من المصائب التي حلت بالمجتمعات الإسلامية فشوّ التبرج والعري الذي هو مطلب من مطالب سدنة الفكر الغربي والتيار العلماني، فالعري هو مفتاح لما يريده الغرب وفاسقي المسلمين من أصحاب الشهوات والمستفيدين منها؛ كأصحاب المراقص والملاهي الليلية؛ والفنادق وتجار الرقيق الأبيض؛ والمومسات وسماسرة الدعارة؛ واللوبيات المتخصصة في الجنس داخل بلاد المسلمين وخارجها.
..إذا تعرى الإنسان انتصر الشيطان، فالتعري هو الجانب البهيمي في الإنسان، هو الغريزة الحيوانية قبل التهذيب، فإذا سمح الإنسان لنفسه بالتعري سهل عليه ارتكاب كل ما يمليه عليه شيطانه من آثام وموبقات، وفقد حِسَّ التمييز بين ما هو مقبول دينيا وأخلاقياً واجتماعياً وعرفياً، وبين ما هو مرفوض وغير مقبول بكل مقاييس البشرية، وقد يجد لذلك أعذاراً واهية، وأفكاراً عرجاء خرقاء لا تستقيم.
وقد كشفهم الله سبحانه وتعالى لنا وبين لنا حالهم؛ بعد أن فصل وبيَّن الأحكام الشرعية المنظمة للعلاقة بين المرأة والرجل بقوله سبحانه وتعالى: “يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً، يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً” النساء.
والميل العظيم لا يتحقق إلا بشيوع الفاحشة ودواعيها، مما يفضي إلى استحلالها، كما وقع في بعض البلاد الإسلامية من إباحة القانون للزنا إذا كان عن تراضٍ.
إن معصية العري هي مصدر كثير من الويلات والشرور التي يعاني منها مجتمعنا اليوم، ولا زال الشيطان وأعوانه يعتمِدونها أسلوبا ومكيدة ناجعة في إضلال بني آدم وإخراجهم من النور إلى الظلمات، وفي نشر الفتن بين الناس، وتحطيم قيمهم الدينية والاجتماعية، وهم في كل يوم يبتكرون نوعاً جديدا من التعري باسم الموضة والأزياء، حتى ينطلي على المسلمين تزيينهم الشيطاني.
فالرقص مثلا يزينونه باسم الفن، والسباحة والعَدْو بلباس البحر باسم الرياضة ورفع علم البلاد، ومهرجانات الرقص وعبدة الشيطان باسم الثقافة، والعري في الشوارع والطرقات باسم الحرة الفردية؛ والاستهزاء بالدين والإلحاد باسم حرية التعبير..، وهي معان ومصطلحات اختيرت بعناية فائقة ووظفت لتزيين الموبقات والكبائر والمحرمات؛ تنفيذا لقسَمِ الشيطان حين توعد الإنسان بقوله: “قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ”، والمعنى: ربِّ بسبب ما أغويتني وأضللتني لأحسِّنَنَّ لذرية آدم معاصيك في الأرض؛ ولأضلنهم أجمعين عن طريق الهدى.
فإذا تعرى الإنسان انتصر الشيطان، فالتعري هو الجانب البهيمي في الإنسان، هو الغريزة الحيوانية قبل التهذيب، فإذا سمح الإنسان لنفسه بالتعري سهل عليه ارتكاب كل ما يمليه عليه شيطانه من آثام وموبقات، وفقد حِسَّ التمييز بين ما هو مقبول دينيا وأخلاقياً واجتماعياً وعرفياً، وبين ما هو مرفوض وغير مقبول بكل مقاييس البشرية، وقد يجد لذلك أعذاراً واهية، وأفكاراً عرجاء خرقاء لا تستقيم.
إذا كان التبرج في الإسلام منهيا عنه وهو دون التعري بكثير “وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى” (الأحزاب) فماذا يمكننا أن نقول عن التعري الكلي في الشواطئ، وشبه الكلي في الأسواق والشوارع، لقد كانت المرأة في الجاهلية تتبرج، ولكن جميع الصور التي تروى عن تبرج الجاهلية الأولى تبدو ساذجة أو محتشمة حين تقاس بتبرج أيامنا هذه.
إن التعري هو إذاية للمرأة قبل غيرها، فهو يعرضها لمضايقات كثيرة أيسرها التحرش وسماع الكلام الفاحش والبذيء، والمغازلة الهابطة الدنيئة التي تخدش كبرياءها، أما إن كانت بعض النساء تزعم أنها ترتاح لكلام ونظرات الساقطين الشهوانية إلى جسدها المكشوف بدون أدنى شعور بالخجل فذاك قبح عقلي وفكري وأخلاقي، وخواء وجداني وروحي.
قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: “صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا”، ومعنى “كاسيات عاريات”: التي تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهاراً لجمالها، فهن كاسيات بالاسم، وعاريات في الحقيقة.
فحري بالمرأة الراجية سلامتها في الدنيا والآخرة أن تمتثل لأمر ربها وسنة نبيها؛ وتعلم أن من يسعى إلى تعريتها وتجريدها من ثيابها لا يريد تمتيعها بحريتها وحقوقها -كما يدعي- بل يريد أسرها في أغلال الشهوات ليستفيد من بدنها ويحقق أهدافا مادية محضة؛ وهو من وراء ذلك كله يخدم خطة الشيطان الرجيم كما سبق ذكره.