أي إرهاب وتطرف علماني يعيشه المغاربة؟ الصحافة العلمانية المغربية تطالب بحرية التدين لليهود والنصارى وتَحرُم المسلمين منها وتحاصر المدارس التي تعظم قدْرَ الصلاة إبراهيم الطالب

في الوقت الذي مجَّت أسماعُ المغاربة أصواتَ العلمانيين النشاز المطالبة بحرية اليهود والنصارى والوثنيين في التدين داخل المغرب، وتيسير أمور دعوتهم إلى معتقداتهم، نراها تحاصر كل مظاهر التدين الإسلامي وتحاربه بدءً بالحجاب وانتهاء بالصلاة عماد الدين وركنه المتين.
في هذه الآونة الأخيرة تواطأت الصحف العلمانية على محاصرة بعض المدارس الخاصة التي تطبِّق مناهج وزارة التربية والتعليم، وتستجيب لكل اللوائح والقوانين المعمول بها في البلاد، لكن جرمها الوحيد أن أصحابها لهم شعر في ذقونهم أي ملتحون، امتثلوا في ذلك ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما وجدوا عليه آباءهم وأجدادهم، مما جعل العلمانيين يعتبرونهم من أتباع بن لادن والقاعدة، ويسقطون عنهم مغربيتهم، ليخلعوا عليهم الجنسية الأفغانية، وهذه الصحف هي “الصباح” و”بيان اليوم” و”الأحداث”، ومعلوم تطرفها العلماني ومواقفها الشاذة مما هو إسلامي، واهتمامها بتسويغ السحاق والشذوذ وأخبار السحاقيات والشواذ وتأييد مطالبهم، والدعوة إلى إطلاق يد المنصرين في المغرب.
فما الذي يدفع الكتاب العلمانيين إلى هذا التطرف والإرهاب؟
بداية يمكن إيجاز القول والاكتفاء بالتلميح إلى كون مطالب العلمانيين في المغرب ومنهجهم في محاصرة مظاهر التدين بشكل حثيث ودون كلل يتماهى إلى حد كبير مع المصالح الإستراتيجية الأمريكية والأوربية في المنطقة، وبرنامجها في التضييق على كل دعوة إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة وعقيدة الولاء والبراء التي تحافظ على تمايز المسلم عن غيره ليحافظ على عقيدته ودينه، وهذا كاف في اعتبارهم -العلمانيين- الطابور الخامس الذي ينفذ تعليمات أعداء الأمة والذي تُحكَم به الشعوب المسلمة المحتلة: فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال وغيرها من البلدان الإسلامية، وهو ما أصبح حقا وصدقا لا ينكره إلا مشاكس كبير الغباء أو منافق مريض القلب.
ماذا ينقم العلمانيون على هاته المدارس؟
سنحاول إطلاع القارئ الكريم على مقتطفات من كلام أحد كتاب بعض الجرائد العلمانية حتى يتَّضح له مدى الغيظ والحنق الممزوج بالعداء وكراهية الملتزمين بالسنة.
والعجيب أن الكتاب العلمانيين يتشدقون بمناسبة أو بدون مناسبة بالدعوة إلى محاربة العداء والكراهية، لكن إذا كانت ضد الآخر، والآخر في منظومتهم الفكرية هو اليهودي أو النصراني أو الوثني، ونترك القارئ الكريم مع المقتطفات:
بعد أن اعترف “جمال الخنوسي” في جريدة الصباح بالواقع المادي الممتاز لإحدى هاته المدارس بقوله: “يبدو فضاؤها الخارجي بألوان المؤسسات المحترمة التي تراعي ما توصل إليه علم النفس الحديث وآخر النظريات التربوية”.
نجده يستدرك قائلا: “لكن رغم البناية العصرية والحديثة، ينتمي النظام المعمول به داخلها إلى العصور الجيراسية السحيقة، وكأن الزمن توقف في المرحلة البدائية تلك، وبقي التخلف يعشش في أركانها، أو تخال نفسك وأنت تشهد تزاوج العلم والتخلف، الحضارة والبدائية، قد انتقلتَ في مركبة فضائية من وحي خيال مبدعي الأفلام الكرتونية إلى أقصى الكرة الأرضية، حيث يجلس “الملات” في ساحاتهم المتربة، ولحيهم المخضبة بالحناء، يوزعون فتاوى الذبح والتقتيل وقطع الرقاب”.
فلينظر القارئ الكريم أن مجرد تطبيق سنة إعفاء اللحية وتخضيبها أصبح جرما يحيل على الذبح والتقتيل وقطع الرقاب.
ويستطرد هذا الكاتب الموتور في وصف المدرسة قائلا: “مدرسة طالبان تمنع الاختلاط بين الجنسين، إذ تخصص أقساما للذكور وأخرى للإناث.. وتضع موظفات طائعات محجبات، بطبيعة الحال، مهمتهن “حفظ السلام” وجرجرة أي مرتد سولت له نفسه تبادل التحية والكلام.. لقوة “حفظ السلام” هذه، مهمة أخرى تتجلى في احتساب أيام الحيض لكل “تاركة للصلاة” لتعرف متى تبدأ ومتى تنتهي، ومتى يحق عليهن الصلاة كي لا يلعب الشيطان بعقولهن.. في مدرسة طالبان الصلاة إجبارية حتى على الأطفال..
يرغم بعض الآباء أبناءهم وفلذات أكبادهم على قطع مسافات طويلة داخل زحمة البيضاء ومشاكلها المرورية التي لا تنتهي. ويتجاوز سفرهم ساعة في الذهاب ومثلها في العودة، كل هذا من أجل التيمن ببركة بن لادن، واستنشاق رائحة بلاد أفغانستان، وزهور الأفيون الزكية التي تعبق بها جنبات المدرسة المباركة”.
وفي الأخير وكعادة العلمانيين يقوم كاتب المقال محذرا من المدرسة باعتبارها مؤسسة لتكوين إرهابيي الغد القريب محاولة منه لتشويه صورة مثل هاته المدارس التي تنأى بنفسها أن تكون مشجعة للجنس والإباحية، وإغراء منه لرجال الأمن بالتضييق عليها ومتابعة تحركات القائمين عليها، قال كويتبنا: “إن المدرسة التي تحدثنا عنها ليست أُمًّا كما يقول الشاعر الكبير بل مصنعا لنشر الانعزال والكراهية، وتفريخ الكفاءات المفخخة التي ستنفجر في أي وقت وحين، ومؤسسة لتكوين إرهابيي الغد القريب، في غفلة من الأعين “التي لا تنام”، لكنها تغفو في الكثير من الأحيان”.
هل صار تعظيم قدر الصلاة وتربية أبنائنا على المداومة عليها عاملا من العوامل المفرزة للتطرف؟
ولماذا يكذب هذا الموتور، أو بالأحرى، لماذا ينشر جهله، فالشاعر أحمد شوقي لم يقل: المدرسة أمٌّ، ولكن قال: الأمُّ مدرسة، وهل يتفق مع الشاعر إذا تجاوزنا له عن جهله حول قوله في نفس القصيدة:
أنا لا أقول دعوا النساء سوافرا*** بين الرجال يَجُلن في الأسواق
ربوا البنات على الفضيلة إنها*** في الموقفين لهن خير وثاق
فهل من يُسوِّغ السحاق ويبحث له عن الشرعية داخل المجتمع المغربي المسلم (أنظر ملف السحاقيات يبحثن عن الشرعية جريدة الصباح عدد 2372 بتاريخ 24-25/11/2007) ويدعو إلى السفور ويحارب الالتزام بالدين يستشهد بقصيدة تدعو إلى الفضيلة والدين والأخلاق ونبذ السفور، هذا يدل على أن كويتبنا لا يعرف معناها ولا مبناها، ولكنها الحماقة أعيت من يداويها.
الأسباب الفكرية والعقدية وراء تحامل العلمانيين على مثل هاته المدارس
المتتبع لما يجري على الساحتين السياسية والفكرية في المغرب يلاحظ بيسر أن السجال والتدافع هو الآن بين التيارات الإسلامية بمختلف أطيافها والتيارات العلمانية العربية منها والأمازيغية المستغرَبة، ولكون السياسيين يعتبرون أن مجالهم السياسي لعبة لا تعرف الأخلاق، فإننا سنقصي هذا الجانب من كلامنا، وإن كنا نرى أن الفكري هو المؤسس للسياسي خصوصا في الدول التي أقصت الشريعة الإسلامية واستبدلت القوانين العلمانية بها، وسأكتفي بإيراد بعض النقاط حتى نستوضح الأسس التي ينطلق منها العلمانيون في حربهم على مظاهر التدين ومحاصرتها، وليعذرني القارئ الكريم على الإطالة، فالموضوع لا يحتمل نشره على مرتين.
1- مرجعية العلمانيين العقدية
تتمثل في الفلسفات المادية الإلحادية من جهة، وفي المواثيق والمعاهدات ومقررات الأمم المتحدة وما يصدر عن المنظمات التابعة لها من اتفاقيات ونصوص، والتي هي بدورها أسست على الفلسفات والنظريات الإلحادية.
ولبيان أن الأمم المتحدة تدعو إلى عقيدة بديلة تنسف كل العقائد التي جاءت بها الرسل عن رب العالمين، تلك العقيدة التي يدين بها العلمانيون في أرجاء المعمورة، نسوق هذا النقل عن كتاب “عقيدة العالم الجديد” عن دار “هنتنجتون هاوس” لمؤلفه “قاري هـ. كا” الذي ينحدر من أصول ألمانية وكرواتية، يقول صاحب الكتاب: “إن المتأمل لمقررات صناديق الأمم المتحدة المتعددة ومفوضياتها المختلفة يستبين له بوضوح أن هناك سعياً حثيثاً لإنشاء نظام عقدي عالمي جديد، وقد تجاوز هذا النظام طور العمل في الخفاء، وبلغ طور العمل المعلن، وتعددت تصريحات بعض مسئولي الأمم المتحدة بشأنه، يقول “روبرت مولر” (Robert Muller) الذي عمل في الأمم المتحدة لمدة 38 عاماً، تدرج خلالها في مناصب عديدة، وكان مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة وعاصر ثلاثة من أهم أمناء الأمم المتحدة هم: “يو ثان”، “كورت فالدهايم”، “جافير بريز ديكويلار”، ولٌُقِّب “بالفيلسوف” و”رسول الأمل”، يقول: (لقد بدأت أعتقد جازماً أن مستقبل سلامنا وعدالتنا وتجانسنا في هذا الكوكب لن يكون رهناً بحكومة عالمية بل بوحي كوني، وحكومة كونية، بمعنى أننا نحتاج إلى تطبيق قوانين طبيعية تطورية استلهامية كونية)، ويقول: (لن تستطيع قوة بشرية أن تقضي على الأمم المتحدة، لأن الأمم المتحدة ليست مجرد مباني أو أفكار، ليست مخلوقاً من صنع البشر، إن الأمم المتحدة هي نور الهداية القادم من العالي المطلق،.. إن العالي المطلق سيقرع أجراس انتصاره في الأرض عبر القلب المحب المعِوان للأمم المتحدة)
ويستطرد “روبرت مولر”: (إذا عاد المسيح مرة أخرى إلى الأرض، ستكون زيارته الأولى للأمم المتحدة، ليرى أن حلمه بوحدة الإنسانية وأخوتها قد تحقق، سيكون سعيداً بمشاهدة ممثلين لكل الأمم: الشمال والجنوب، الشرق والغرب، الغني والفقير، المؤمن والكافر، الصغير والكبير، المحتاج والمسعِف، جميعهم يحاولون أن يجدوا أجوبة على الأسئلة المستديمة عن وجهة الإنسانية واحتياجاتها)، ويقول: (إن الأمر الذي لا مناص منه هو أن الأمم المتحدة عاجلاً أم آجلاً ستأخذ بعداً روحياً).
إذاً علينا أن نستوعب جيدا أن الأمر عند العلمانيين يتعلق بعقيدة بديلة، عقيدة كونية، أساسها تقديس الإنسان وليس تقديس الله سبحانه، يتساوى فيها الكافر ولو كان يحارب الله ويعادي رسله مع المؤمن التقي، هذه العقيدة تتعارض تمام التعارض مع عقيدة الولاء والبراء الإسلامية التي تعيق أي تقدم للعقيدة العلمانية، مما يفسر قيام العلمانيين في الوطن العربي عامة بالحرب على السلفيين والمتدينين سواء كان منهجهم يتبني القتال أم لا.
2- العلمانيون و”الإسلامفوبيا”
إن محاصرة الالتزام واندماج الملتزم بالدين في المجتمع، وبلوغه مناصب عالية في الإدارة، هو من أولى أولويات المنهج العلماني في محاربة الملتزمين بالسنة، وذلك للحيلولة دون وصولهم إلى مراكز القرار وإن كانوا أصحاب كفاءات وقدرات، حتى لا يسهموا في الإصلاح من منظور شرعي، لأن في ذلك محاربة للمد العلماني وهيمنته على المجتمع، وهذا كله من آثار “فوبيا” الإسلام التي أصابت العقل العلماني، فقد سبق أن كتب العفيف الأخضر وهو من العلمانيين التونسيين الحاقدين مشيدا بمقال لجمال هاشم بعنوان: “طالبان في المدرسة الحسنية لتكوين المهندسين من علوم البناء الحضاري إلى أفكار الحقد والهدم”(الأحداث المغربية 29/4/2003) وهو من كتاب الأحداث الحاقدين أيضا، قال الأخضر: “تعجب جمال هاشم من واقع أن بعض كليات الطب ومدارس الهندسة وكليات العلوم ومنها “المدرسة الحسنية” تخرج “طالبان مغاربة” لم تعصمهم معرفتهم بالعلوم الدقيقة من السقوط في كراهية المخالفين لهم في الدين والفكر والجنس والحضارة الغربية والحرية والديمقراطية وثقافة التسامح وحقوق الإنسان وحرية المرأة والطفل ومفاهيم الاختلاف والتعددية، فهي كما يقول جمال هاشم مرفوضة من مهندسي “طالبان” المغاربة مضيفاً: “إن مهندسي المدرسة الحسنية يدرسون مادة الكيمياء والفيزياء ولهم دراية بصنع المتفجرات وسيتحملون غداً مسؤولية الإشراف على مخزون المتفجرات الضرورية لشق الطرق وبناء السدود”.
3– أي نمط من المدارس يريده العلمانيون لأبناء المغاربة؟
نمط المدارس الذي يريده العلمانيون هو نفسه الذي أراده المحتل العلماني من قبل في بلاد المسلمين يقول المنصر “تاكلي”: “يجب أن نشجع إنشاء المدارس على النمط الغربي العلماني، لأن كثيراً من المسلمين قد تزعزع اعتقادهم بالإسلام والقرآن حينما درسوا الكتب المدرسية الغربية وتعلموا اللغات الأجنبية” كتاب الغارة على العالم الإسلامي، وذلك لتخريج جيل ممسوخ العقيدة والهوية، هذا الجيل وصفه القس “زويمر” في مؤتمر المنصرين في القدس السليبة بقوله: “إنكم أعددتم نشأً في ديار المسلمين لا يعرف الصلة بالله، وبالتالي جاء النشء طبقاً لما أراد له “الاستعمار”، لا يهتم بالعظائم، ويحب الراحة والكسل، ولا يصرف همّهُ في دنياه إلا في الشهوات، فإذا تعلّم فللشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات، وإذا تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات”.
فهل هذا التطابق بين مطالب العلمانيين ومكائد المنصرين وأعداء الأمة المحتلين لأرضها المستغلين لخيراتها هو توافق اعتباطي، أم هو توافق عن تراض وتشاور؟
أم أن العلمانيين لا يكادون يفقهون حديثا وينعقون بنظريات إصلاح المجتمعات الإسلامية كما يراها الغرب، دون وعي أو فهم؟
فكيفما كانت الإجابة فما على العلمانيين إلى أن يُطْبِقوا شفاههم على ألسنتهم التي لا تزيد المسلمين إلا خبالا، وعلى المسؤولين على أمن البلاد أن يعلموا أن التطرف العلماني هذا لن يزيد الفكر المتطرف إلا إذكاء وشراسة وانتشارا مما يستوجب منهم التصدي للإرهاب العلماني.
ألم ينتج تطرف “فرج فودة” العلماني وحربه على الإسلام متذرعا بحربه على التطرف الإسلامي اغتياله في سنة 1992؟
ألم يُقتل المخرج الهولندي “تيو فان خوخ” على يد مواطنه المسلم الذي تربى في بلاد العلمانية وذلك نتيجة تطرفه وإقدامه على كتابة آيات قرآنية بالخط العثماني على ظهر مومس وإدراجها لقطة في فيلمه؟
هذا ليس تسويغا مني للقتل والعنف فتطبيق الحدود في مجتمع تطبق فيه الشريعة الإسلامية هي من اختصاص ولي الأمر أو من ينيبه، فما بالك بزمن الفتن وكثرة الهرج، ولكن القصد التنبيه إلى فظاعة جرم تطرف بني علمان.
لذا، على المسؤولين أيضا أن يوقفوا هذا التسيب والإرهاب الذي يمارسه العلمانيون على المواطنين، ألم يأن لنا أن نعي أن في الرجوع إلى كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم كل الاعتدال والوسطية والنجاة والأمن والسلامة، فحسبنا الله ونعم الوكيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *