حرب المنابر العلمانية على أهل القرءان زينب أمرير

“رمضان سوق قام ثم انفض، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر”، ها هو ذا الشهر الفضيل يرحل عنا بعد أن انقضت أيامه وتسربت لياليه، انفض رمضان وقد خلف وراءه قلوبا نفضت الغبار عن سباتها ونبت الإيمان في أركانها بعدما سقيت بكلام الله طيلة شهر كامل بأصوات ندية حرك الله بها قلوبا، وأيقظ أخرى..

رأينا في رمضان أناسا على القيام صابرة، وعيونا من تدبر القرآن دامعة، وهذا لا شك يثلج صدر كل مؤمن ويفرح قلبه، لكن ليست كل القلوب يفرحها مثل هذه المشاهد الإيمانية، فتمت قلوب تطوف حول العرش، وأخرى والعياذ بالله تطوف حول الحش. (الحش: المرحاض).
ومن بين تلك القلوب قلوب مجموعة من الأفراد اعتدنا منهم الاستهزاء والسخرية بكل القيم والأخلاق والعقائد الشرعية، دأبوا على مناصرة المذاهب الغربية الإلحادية والتنكر لمقومات الهوية الإسلامية.
فقد نشرت مجلة نيشان في عددها 218 تحت ركن “دين” مقالا لصحفي جديد انضم إلى طاقم تحريرها قادم من جريدة “الأحداث”، -واللبيب تكفيه الإشارة- تحت عنوان “يالفقيه يامون أمور” وقد عمل هذا الصحفي بكل تعسف على أن يحول المشهد الإيماني المهيب للصلاة في مسجد الحسن الثاني إلى مشهد جنسي حيواني محض، بكون الغاية وراء حضور النساء إلى هذا المصلى الفسيح هو تعلقهم بشخص المقرئ عمر القزابري.
وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها هذا الصحفي إبراز انحرافه الفكري، فقد سبق له أن نشر مقالا في جريدة الأحداث بعنوان “وللدين نجوم” (العدد 3826 بتاريخ 02 شتنبر 2009) نبز فيه علماء الإسلام والدعاة وعرض بالمقرئ عمر القزابري بكونه يبحث عن الشهرة والنجومية على غرار نجوم الفن الساقطين.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هؤلاء المرضى -شفاهم الله- لا يملأ عقولهم وفكرهم إلا هذه المعاني الساقطة التي يشترك فيها الإنسان والحيوان، وأن عَطَنهم يضيق بالمعاني الإيمانية والمشاهد الربانية إلى درجة أنهم لا يرون في مشهد يقوم فيه أكثر من 200.000 مصل بين يدي رب العالمين خاشعين راكعين ساجدين إلا تعلق فتاة ما بالإمام، فاللهم طهر مغربنا ممن هذا حاله.
وباستخدام قليل من العقل يتضح لنا أن ترهات هذا الصحفي لا تخرج عن أمرين اثنين:
– إما أنها من نسج خياله ووحي شيطانه، وهو الراجح عندي.
– أو أنه كان يقف في مسجد الحسن الثاني بين صفوف النساء يرتدي خمارا وربما نقابا يستمع حديثهن.
ربما، ولم لا، فقد تعودنا الكذب الصراح من المنبر الذي صنع هذا الكاتب من خلال ركن “من قلب لقلب”.
يقول صاحب المقال أن “مشاعر الحياة” -كما وصفها- التي يشعر بها القائمات في صلاة التراويح خلف الإمام القزابري هي على ثلاثة أضرب:
الأول: أن ما تذرفه عيونهن من عَبَرات تأثرا بكلام الله وخشيته وحبا ورجاء لما عنده هو مجرد “تفريج نفساني مثله مثل من ذهب عند بْسِي” طبيب نفساني.
الثاني: استغرابه ممن تتناول فطورها داخل المسجد حرصا منها على أن تجد مكانا تصلي فيه. وعلل أن سبب ذلك هو فقط الشعور بأداء طقس ديني جماعي لا غير.
أقول كيف لمن أشرب قلبه هواه أن يدرك الغايات المرجوة وراء التبكير إلى بيوت الله؟
كيف لمن أعماه جهله بدينه أن يدرك قول رسول الهت صلى الله عليه وسلم: “إن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة، لا يَنهَزُه إلا الصلاة: لم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث فيه” متفق عليه، (يَنهَزه: أي يخرجه وينهضه)، وفي رواية “لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة”.
وأما الضرب الثالث حسب لغزيوي -وهو الأدهى والأمر- فهو قذفه المؤمنات الغافلات بكونهن ما ارتدن هذا المسجد إلا لأنهن وقعن أسيرات في حب إمامه.
وهذا الكلام ليس بغريب عمن ألف لسانه وقلمه الخوض في أعراض الناس بالإفك والبهتان، ألم يطرق يوما ما سمع هذا الكاتب قول الحق جل في علاه {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} النور، ألم يطرق سمعه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} الأحزاب، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ مِنْ ‏ أَرْبَى ‏ ‏الرِّبَا الاسْتِطَالَةَ ‏ ‏فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ” رواه أبو داود في سننه وهو في صحيح الجامع.
إن الهدف وراء نشر مثل هذه المواضيع معلوم، فغايتهم الوصول إلى تدنيس المقدس الذي هو الوحي، بالطعن في حامليه وتشويه صورتهم، وإقحامهم في نقاشات مبتذلة تهدم مكانتهم وتشوه صورتهم وتصد الناس عن الحق الذي يحمله دعاته، وهم في مقابل ذلك يرفعون مكانة الفن الساقط والغناء الفاحش، بل ويصرُّون على جعل أهله محط اهتمام الناس ومحور حديثهم في مجالسهم الخاصة والعامة.
وباختصار فهم يطبِّلون لموائد الشيطان ويصدون عن موائد الرحمن.
فإلى متى هذه الحرب القذرة على أهل القرآن ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *