ستر العورة شرط لصحة الصلاة

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: “وأجمع العلماء على أن ستر العورة فرض بالجملة على الآدميين” انتهى من “الاستذكار” (5/437).
ومع هذا الوجوب، فعلى المسلم أن يجتهد في ستر عورته بما يغلب على ظنه عدم ظهورها من غير تشدد واتباع للوساوس، فالشيطان كما يدخل للإنسان من باب شهواته فيزينها له حتى يوقعه في ترك ما أمره الله به أو فعل ما نهاه الله عنه، كذلك للشيطان مدخل آخر وذلك بإيقاع المسلم في التشدد والمبالغة المجاوزة للحد فيقع الإنسان بهذا في الوساوس التي تؤدي به في النهاية إلى الملل والتضجر من اتباع الأوامر بسبب ما يعانيه من هذه الوسوسة وهذا غرض الشيطان منه.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: “ومن كيده -أي الشيطان- الوسواس الذي كادهم به في أمر الطهارة والصلاة عند عقد النية، حتى ألقاهم في الآصار والأغلال، وأخرجهم عن اتباع سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وخَيّل إلى أحدهم أن ما جاءت به السنة لا يكفى، حتى يضم إليه غيره، فجمع لهم بين هذا الظن الفاسد، والتعب الحاضر، وبطلان الأجر أو تنقيصه” انتهى من “إغاثة اللهفان” (1/219).
فالحاصل كما على المسلم عدم التساهل في أمور دينه، كذلك عليه عدم التجاوز في تحقيق ما أمر به إلى حد الوسوسة.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض المصلين يصلون بسراويل غير فضفاضة وفي حال الركوع والسجود تنكشف عورتهم من جهة الإليتين، وهو ما يمكن أن يؤثر في صحة الصلاة.
فقد أمر الله تعالى من أراد الصلاة أن يتخذ زينته، فقال: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف/31 .
فالمصلي مأمور بالتزين للصلاة، لا كما يفعله كثير من المسلمين -للأسف- يصلي بثياب لا تستر العورة أو بثياب النوم أو ثياب المهنة، ولا يتجمل للصلاة، فإن الله تعالى جميل يجب الجمال .
واعتبر العلماء أقل حد لأخذ الزينة هو ستر العورة، ولذلك نصوا على أن ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة، فلا تصح الصلاة مع كشف العورة .
ومقتضى قولهم: “ستر العورة” أن الواجب هو سترها، وأنه مهما حصل الستر صحت الصلاة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *