في إطار حملة وطنية للوقاية من وباء كورونا، تمكن المغرب حتى الساعة من تلقيح أكثر من ثمانية مليون مواطن ضد الجائحة.
وقد أثنت عدد من الدول على الحملة المغربية، من جهة التنسيق للحصول على اللقاح من جهة، وتطعيم المواطنين من جهة أخرى، هذا من حيث النظرة من خارج الحملة، أما من داخلها، فهناك اختلالات يجد تداركها.
فمن خاض تجربة التطعيم داخل أحد الأحياء الشعبية، التي تمثل الأكثرية، سيدرك جيدا أن الشعارات التي يتم تسويقها شيء والواقع شيء آخر تماما.
إذ تمثل حملة التلقيح واقعنا المغربي بشكل مصغرا، بكل تفاصيله وتلاوينه..
فداخل مراكز التلقيح بهذه الأحياء؛ تغيب بشكل شبه كامل الإجراءات الاحترازية من تباعد وارتداء الكمامات..
وعلى اعتبار أن المغربي بعقليته صار المتحكم في الحملة، والمقدمين هم من يستقبل المواطنين على أبواب المراكز، فلا تسل عن:
المحسوبية والزبونية..
وعن سلوكات المواطنين ومحاولات بعضهم “الغميق” على حق الآخر بأساليب وأشكال تنم عن رجعية وتخلف..
وعن الألفاظ النابية التي تسمعها من هنا وهناك عندما ينشب خلاف لأتفه الأسباب..
وعن تأخر المؤطرين المشرفين عن الحملة في الوصول إلى مراكز التلقيح، وإجبار كثير من الموظفين والمستخدمين والأجراء المرتبطين بمواعيد عمل على الانتظار لساعتين أو ثلاث..
هذا الواقع الذي عشته وعاشه بكل تأكيد آخرون غيري، يعكس الحقيقة التي يجب أن نواجهها والوضع المزري الذي يجب أن نعمل جميعا من أجل تغييره.
مشكلتنا ليست في القوانين ولا الضوابط ولا الاحترازات الموضوعة، وإنما في وعي وعقلية وثقافة عامة سائدة، اعتادت على اللانظام والفوضى وحب الأنا والتسلط..
وتغيير هذا الوضع يحتاج أولا إلى إرادة حقيقية للدولة في التغيير، ومن تم العمل بشكل كبير ومركز على عقلية المواطن، عبر محوري التعليم والإعلام، خاصة الإعلام الاجتماعي، ثم عبر كل القنوات الأخرى التي تبث الوعي وتبعث على اليقظة..
وما دام إعلامنا الوطني لازال غارقا في التفاهة و”الحموضة” والتسويق لنماذج شاذة عن هوية وقيم المغاربة، وقطاع التعليم لم يستطع بعد تلمس طريق الإصلاح والانعتاق من تبعية الأجنبي.. فيبدو أن طريقنا لازال طويلا وينتظرنا عمل صعب وشاق..