مراقبة العبد لربه وعلمه بأنه بصير به يورثه الاستحياء منه سبحانه، لأنه يعلم أن الله تعالى يراه فيستحيي أن يراه على حال لا ترضيه جل في علاه، ولله در القائل:
إذا ما دعتك النفس يوما إلى ريبة — والنفس داعية إلى العصيان.
فاستحي من نظر الإله وقل لهـــــــا — إن الذي خلق الظلام يراني.
قال الإمام ابن رجب رحمه الله تعالى:” راود رجل امرأة في فلاة ليلا فأبت فقال لها ما يرانا إلا الكواكب قالت فأين مكوكبها.
وأكره رجل امرأة على نفسها وأمرها بغلق الأبواب فقال لها هل بقي باب لم يغلق قالت نعم الباب الذي بيننا وبين الله تعالى فلم يتعرض لها.”([1]).
ومما يروى أن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى مر على رجل فسمعه يقول:
إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلا تَقُلْ … خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيْبُ
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفَلُ سَاعَـــــــــــةً وَلا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيـــــــــبُ
فبكى رحمه الله تعالى وسمع وهو يرددها.
يقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى:
“حظ العبد من حيث الحس من وصف البصر ظاهر ولكنه ضعيف قاصر إذ لا يمتد إلى ما بعد … وإنما حظه الديني منه أمران:
أحدهما: أن يعلم أنه خلق له البصر لينظر إلى الآيات وإلى عجائب الملكوت والسموات فلا يكون نظره إلا عبرة، قيل لعيسى عليه السلام هل أحد من الخلق مثلك فقال من كان نظره عبرة وصمته فكرة وكلامه ذكرا فهو مثلي.
والثاني: أن يعلم أنه بمرأى من الله عز و جل ومسمع فلا يستهين بنظره إليه واطلاعه عليه ومن أخفى عن غير الله ما لا يخفيه عن الله فقد استهان بنظر الله عز و جل، والمراقبة إحدى ثمرات الإيمان بهذه الصفة فمن قارف معصية وهو يعلم أن الله عز و جل يراه فما أجسره وما أخسره ومن ظن أن الله تعالى لا يراه فما أظلمه وأكفره”([2]).
———————————–