مشروع ضم الصحراء الشرقية للجزائر الفرنسية 1899م ذ.إدريس كرم  

ملخص:

يتحدث الموضوع عن أشغال المؤتمر الجغرافي الفرنسي المنعقد بالجزائر سنة 1899 لمناقشة إنشاء خطوط سكة حديدية صحراوية تصل بين موانئ تونس والجزائر والسودان والتشاد وتنبوكتو، واستل الكاتب من عروض التدخلين، ما تعلق بخط وهران تمبكتو المخترق للواحات، والمحاذي لواد الساورة، والذي تبين أنه لا يمكن إقامته إلا بعد ضم، اتوات، وكورارا، وغيرها من الأراضي المغربية التي تركتها اتفاقية لالة مغنية الموقعة بين المغرب وفرنسا سنة 1845 حول الحدود والتـي تركت مجالا رعويا للرحل المغاربة القاطنين بسفوح الأطلس وأعالي كير، مما حدَّ من التحركات الفرنسية لاحتلال الصحراء جنوب وهران، وشرق تافلالت، وسمح للسلطات المغربية في فكيك وتافلالت بمراقبة تحركات الشركات الفرنسية والقوات المرافقة لها بتلك الجهات، ومنعها بالقوة، من القيام بأية إنشاءات، مما أعجزها عن تنفيذ مخطط الاختراق الصحراوي، وهو ما تم الإشارة له في الخلاصة.

الكلمات المفاتيح:

توات، كورارا، الطوارق، واد الساورة، خط السكة الصحراوي، تمبكتو، خريطة مسحية لما بين الأطلس والنيجر، السكة اختراق استراتيجي، واحات اتوات بها ملايين النخيل، الصحراء بها جواهر، الحاجة لدراسة الصحراء، مؤتمر القناطر والجسور 1809.

الموضوع:

المستعمرات الفرنسية ودول الحماية

الجزائر

* النقل الصحراوي ومؤتمر الجغرافية بالجزائر

قرأنا في عددنا الأخير ما صدر عن مؤتمر الجغرافية بالجزائر المتعلق بمسألة النقل الصحراوي والذي نذكر به:

1- يجب إجراء عملية احتلال البلاد الخلفية للجزائر في أقرب وقت ممكن، وبالأساس، واحات توات، “وذلك من أجل السيطرة على الطوارق، وهو أمر سهل، بل أسهل مما يتصور، والذي تأخر بسبب كسلنا، وتراجعنا في تنفيذه سنة بعد أخرى، بأكثر الطرق إزعاجا، بالرغم من المناداة بذلك طيلة عشرين سنة، لأن ذلك الاحتلال هو ما يجعلنا نخترق إفريقيا، من الشمال للجنوب”(ص:5).

2- يجب أن يتم بشكل عاجل تمديد الخطوط الصحراوية، ولاسيما المنطلقة من عين الصفرة، لتوات عبر ديفيريي، دون المساس بالشبكة الجزائرية التونسية سواء الذاهبة للغواط، أو الذاهبة للحدود المغربية.

3- يجب تنظيم بعثات علمية على وجه السرعة لإنشاء خارطة وتسوية الأراضي بين الأطلس والنيجر شمال تمبوكتو.

4- إجراء نفس الدراسة شمال بحيرة التشاد…

افتتح المؤتمر السيد لافريير، الحاكم العام للجزائر بالقول، بأن معالجة موضوع النقل الصحراوي لا يجب التعامل معه كحلم متخيل بعيد المنال، مصرحا بأنه كان موجودا كرؤية حقيقية للدولة، لكنه أضاف في انتظار انتهاء الأشغال الهندسية التي ستكون كافية للقيام بالأعمال الاستكشافية، الجزائر لا تشهد بؤر تحديات ملحة، سواء في واد ريره، أو نواحي توات، لذلك يمكننا بالفعل توقع اليوم الذي تكون القاطرة قادرة فيه على التحرك على القضبان نحو وركلة، ونتبع معمرينا في تلك الواحات، حيث أعطتنا الاتفاقات الدبلوماسية الحق في رفع علمنا، وبالتالي يمكننا ربط الاختراق الاستراتيجي، بالتغلغل الاقتصادي، وإنشاء النقل الصحراوي…

وقف المؤتمر مندهشا من المتحدث من وهران عن الملايين من أشجار النخيل، ومئات الآلاف من سكان توات المثبتون قرب مسار كلمترات النقل الصحراوي.

إذا أردنا متابعة الأثر الغربي، فإن الفكرة التي تعطى لتوات والمجموعات المجاورة، المستندات العلمية اللازمة حول بلاد الشمال الغربي لإفريقيا، مجموعة من قبل السيد لمارتنيير والقبطان لاكروا، والتي ليست بجنة، ولا بلد ألف ليلة وليلة، بل هي واحات لمجموعات من الثوار، يشجعون المغرب على السخرية منا فنبقى أمامه كمن يتوقف عند أعتاب بلد محترم ممنوع دخوله، وعليه يكون احتلالنا لتوات، ضروريا ليس لإنتاج ثروة، قد لا تكون موجودة، ولكن للأمن.

وكما نرى المؤتمر حُمِّل بكثير من الأوهام الجريئة الأحكام المفترضة، كان لديه انطباع بأنه سيكون مضايقا عندما يتم التأكيد على حقائق معاكسة، مع وفرة متساوية من الحجج، ترفضها المحكمة موقتا، وتطلب الوقت للقيام بجردها، كان هذا هو وضع المؤتمر، المشكك فيه من قبل المفرطين في اقتفاء أثر حماسة المتنافسين: فلاماند وأغيستين، الذي يرى بعض المتحمسين لاحتلال الصحراء، أن في سافلة وديانها، تم العثور على حجارة خضراء، وأن أجزاء من الصحراء مرصوفة بالزمرد، وأن الطوارق مثل التنين الذي يحرس الكنز، ونحن لم نعرف بعد لِمَ لا يقوم هؤلاء الرحل ببيعنا هذه الحجارة، التي لم تجمع وتراكم، من أجل تحسين شيء من بؤسهم…

لذلك لا بد من إنشاء سكة حديدية صحراوية بواد الساورة، تؤدي لتوات بالخصوص، التي وقع فيها منذ سنوات مذبحة، راحت ضحيتها بعثة فلاتير، والتي يجب نشر البوليس بها لبث الأمن، ذلك أن “الجزائر لن تستكمل إلا بجذب مشروع واد الساورة، وبعده كرارا وتوات، وعين صالح، لمجال العمليات الفرنسية على حد قول المستكشف الألماني جرار إيتولفس”.

وهي حقيقة، كان يجب الاعتراف بها منذ زمن بعيد؛

وكان ينبغي السماح بحل مسألتها تحت إدارة حكم السيد كومبو.

إن خط السكة الحديدية هو بحق خط استراتيجي وسياسي، ينطلق من جنوب وهران، لتوات، عبر ضفاف واد الساورة، مطلا على المغرب، من شأنه إعطاءنا ميزة هائلة، تتمثل في تأكيد سياستنا تجاه هذا البلد وتجعله مركزا مهما لسكان الصحراء.

فالجزائر لا تقود لأي مكان، كما يقول أوكيستين برنار؛

لكنها تلزمنا في هذا الصدد بقوة الطبيعة، لذلك فهي لا تمثل لنا مهمة جزائرية، بل مهمة إمبراطورية..

والخلاصة هي أننا بحاجة لدراسة الصحراء، وتوسيع سكة الاختراق الصحراوية، لأنهما الهدفان اللذان -بدا أنهما سائدين في مؤتمر الجزائر- سيمكننا من القول بالإعداد للنقل الصحراوي.

المؤتمر يرى بأنه يجب عدم متابعة السيد برنار في رأيه التشاؤمي القائل: قبل أن نتساءل من أين يجب أن يمر الخط الصحراوي؟ نتساءل هل يجب أن يمر من مكان ما بالنسبة لغالبية المؤتمرين يجب أن يتوقف هذا التشكك في الحال لأنه يعطل بالتأكيد حل انطلا ق الخط الصحراوي من مكان ما.

إجمالا الدراسة الصحراوية الواجبة لمد الخط الحديدي المخترق للصحراء، هي أول ما يجب على المؤتمر التوصية بالقيام به، فهي تتقارب مع الرأي الصادر عن المؤتمر الجغرافي بالجزائر سنة 1899 المتعلق بالطرق والجسور، والذي تم افتتاح دراساته الكبرى عام 1879 من قبل السيد دفلايسين، الذي بعث في 20 يونيو 1881 رأيا يقول:

“بما أنه لا يمكن الاقتراب من مشروع سكة حديدية عابرة للصحراء، إلا بعد احتلال دائم ونهائـي للصحراء الجزائرية، لذلك من الضروري تأجيل أي قرار بشأن اختيار البدء في خط هذه السكة الحديدية، ومتابعة مشاريعه التمهيدية، طالما لم يكن محققا لفائدة سياسية واستراتيجية”.

(إفريقيا الفرنسية 1899/ص:147-149).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *