أثار، مؤخرا، كتاب “أفول الغرب” للدكتور حسن أوريد “زوبعة في فنجان” بتعبير مؤلفه. سبب هذه القضية، مطالعة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب لهذا الكتاب، وفق ما أكدته صورة له.
أثير كلام كثير حول الكتاب، وقليل من أصاب موضوعه وعبر عن مضمونه كما هو. والحقيقة، أن كتاب أوريد، حسب ما تنطق به استشهادات الكتاب، أطروحة نقدية ظهرت في الغرب نفسه.
جوهر التحليل الذي يتقدم به أوريد أن “الرأسمال المالي أصبح يتحكم في كل شيء، الثقافة، الحقوق، الديمقراطية، الإعلام، السينما، الفكر، الجنس، إلخ”. أزمة في الغرب، انعكست في مرآة منكسرة، لمجتمع مأزوم هو العالم العربي.
ينبه أوريد النخب العربية لهذه الأزمة، من خلال تسعة فصول: باسم الاقتصاد، نهاية نهاية التاريخ، العلم والعلموية، هل حررت الثورة الجنسية الإنسان؟، الصورة الحاجبة، الديمقراطية بين المال والإعلام، التكنوقراطي سادن الحداثة، العيش المشترك على المحك، العالم العربي أو الصورة المنكسرة للغرب.
في الكتاب تفاصيل كثيرة، لا غنى عنها لتشخيص الأزمة. كثيرون يقولون بأزمة الغرب، لا يعرفون أسبابها ولا تفاصيلها ولا أبعادها. يجدون في “أفول الغرب” ضالتهم، فيا ليتهم يقرؤون!
مكتبتك في تاريخ المغرب
نقدم للقارئ الكريم، في هذا العدد، كتابا جديدا من كتب تاريخ المغرب. يختص الكتاب بالتأريخ للقضاء، المراكشي منه بالضبط.
الكتاب من منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، تأليف الأستاذ المهتم بتاريخ مراكش ومآثرها وأعلامها، أحمد متفكر.
قدم المؤلف لكتابه بمقدمة هذه محاورها: القضاء، حكمة القضاء، القضاء لغة، القضاء في الاصطلاح الشرعي، قالوا في القضاء، عزوف بعض العلماء عن تولي القضاء، أصغر القضاة سنا، قاضي القضاة، قاضي الجماعة، قضاء الجماعة بمراكش.
ثم أخذ ذ. متفكر يعرض ترجمات مختصرة لعدد من قضاة مراكش، حسب الترتيب الأبجدي لأسمائهم، وحسب ما توفر له من معطيات مفيدة، محددا الحيز الزمني لبحثه في الفترة الفاصلة بين العصر المرابطي واستقلال المغرب.
يقول صاحب الكتاب في تمهيده: “ومما شجعني على إخراج هذا الكتاب هو خلو المكتبة المغربية من مؤلف يؤرخ لقضاة مدينة مراكش العريقة، يضم ما تفرق في كتب التراجم من معلومات ونوادر ومواقف عن قضاة مراكش الشرعيين من العصر المرابطي إلى استقلال المغرب سنة 1956”.
فنون
النقاش الغائب عن النقاد السينمائيين!
(متابعة)
يجب أن تهتم السينما المغربية أيضا ب:
– سينما الدين:
تشخص الدين، في مشاهدها، كوسيلة لغايات الاستقرار والأمن والسلم والتعايش وحماية الخصوصية المغربية. تبرز معالم التدين المغربي، لا تخلط بينها وبين توجهات دخيلة، فتجهز على الأصيل والدخيل، من حيث لا تدري.
كثيرة هي معالم التدين المغربي التي يبقى التركيز السينمائي عليها نادرا، إن لم نقل منعدما أو شبه منعدم، منها: “حياة الصوفي المغربي”، “الأدوار الاجتماعية والنفسية لإمام المسجد”، “نشأة المالكية المغربية وتطورها”… الخ.
– سينما المكون البشري:
حيث يجب تسليط الضوء على مختلف فئات المكون البشري المغربي، في إطار ما يجمع وحدتها ويعززها، لا ما يشتتها ويفككها.
من أمثلة ذلك، العلاقات التي كانت قائمة بين اليهود والمسلمين المغاربة، قبل تدخل الاستعمار الفرنسي بسياسة “المحميين”، وقبل تدخل الصهيونية بسياسة “التهجير القسري إلى إسرائيل”.
ومن تلك الأمثلة، حياة الأمازيغ واندماجهم في الوحدة المغربية، بل وصناعتهم لتلك الوحدة، مبايِعين (الأدارسة) وحاكمين (المرابطون والموحدون).
– سينما المجتمع:
وهذه سينما تسلط الضوء على المشاكل الاجتماعية، لا بعين تفاخر بها وتسعى إلى تعزيزها، بل بعين تمتعض منها وتسعى إلى تجاوزها والتخلص منها.
ولا يجب أن تتحول هذه السينما إلى أداة فتنة، إلى معول في يد المجتمع على النقيض من دولته؛ بل تمرّن هذا المجتمع على الوعي بواقعه الاجتماعي، وتصريف حركته في هذا الواقع بما لا يهدد الدولة، وبما يحافظ على استقرارها، وقوتها على النقيض من خصومها الأجانب (=الاستعمار الجديد). (يتبع)
نافذة على مشروع الفكري
مشروع العلامة عبد الله دراز (14)
ثالثا: ميزان السنة والبدعة في فكر العلامة دراز
في الأصول الأربعة للبدعة:
للبدعة أربعة أصول، في تصور العلامة دراز:
– تدخل العقل في الدين:
فهناك من يستغني بالعقل عن النقل، وهذا مذموم. و”هناك من يتدخل بعقله فيما ليس فيه نص من كتاب أو سنة، أو إذا كان ظاهر النصوص مما تنكره بديهة العقول. وهذان اتجاهان، ليسا مذمومين ولا محمودين مطلقا”. في الأول، وجبت مراعاة “المقاصد السامية للشريعة الإسلامية”. وفي الثاني، وجب “التأويل ليتناسب النص مع اليقينيات الضرورية”، ووجب –قبل ذلك-“التمييز بين الضروريات والنظريات والغيبيات، ومعرفة ترتيبها، وكيفية توصل العقل إليها، حتى لا تضيع حقيقة غيبية بأخرى ضرورية، والعكس، وهكذا دواليك”. (محمد عبد الله دراز، الميزان بين السنة والبدعة، إعداد وتحقيق أحمد مصطفى فضلية، دار القلم، الطبعة الأولى، 2003، 83-84)
– تحكيم الهوى في الدين:
وهنا، تزيغ “النفس عن فطرتها السليمة”، وتصبح لعبة في “يد الأغراض والشهوات الدنيا، فتهوى بها نازلة عن مطالبها القدسية إلى طلب الحظوظ العاجلة”. (نفسه، ص 98)
– عدم الرسوخ في علم العربية:
فمن يجهل “مفردات اللغة العربية، وطرائق العرب في تركيبها، وأساليبهم في المحاورة والمخاطبة بها (مثل: التكلم بالعام وإرادة الخاص به)”، سيسقط لا محالة في تغيير الشرع، إذا همّ باستنباط الأحكام. (نفسه، ص 142-144)
– الجهل بمقاصد الشريعة:
فعند غياب نص جزئي لاستنباط حكم جزئي، وجب “إرجاع الجزئيات إلى كلياتها”، “فلا يقال قد وجدنا من النوازل والوقائع المتجددة ما لم يكن في الكتاب ولا في السنة نص عليه، ولا عموم ينتظمه”. (نفسه، ص 150-151)
(يتبع)