الحجاب فريضة إلهية وشرعية ربانية وسنة إيمانية ماضية وباقية إلى يوم الدين؛ على رغم أنف الزيغ والضلال، وأهل الشرك والإلحاد، لا يترك العمل به إلا محروم، ولا يمنع منه أو ينتهي عنه إلا مخذول. جاء الأمر به في الآي والسنن، وأجمع أهل العلم عليه في قديم وحديث الزمن، وهو شريعة رب الناس للناس، خالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم، وباعثهم بعد الموت فمحاسبهم، فيجزي كل نفس بما كسبت.
والحجاب لغة: المنع، وهو ما يحجب النساء ويسترهن، فيمنعهن من أعين الرجال؛ فإذا كانت المرأة في بيتها فحجابها بيتها، وإذا خرجت لحاجتها فحجابها ما تستر به جسدها من اللباس السابغ، وله شروط دلت عليها نصوص الشريعة؛ فمن ذلك أن يكون اللباس سابغًا ساترًا لجميع بدن المرأة، وليس في هذا خلاف بين أهل والعلم إلا في تغطية الوجه والكفين، ومنها أن يكون صفيقا سميكا أي لا يكون رقيقا، بحيث يشف عما تحته، ومنها أن يكون واسعا فضفاضا، ومنها أن لا يكون معطرا أو مبخرا، وأن لا يكون زينة في نفسه، وفي الحجاب مزيد العفة والطهارة في المجتمع وهو ما تحرص عليه الشريعة في مصادرها ومواردها. قال الله تعالى: “وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِن” (الأحزاب).
وأول من وجه إليه ذلك الكلام من النساء هن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، والنساء من بعهدهن تبع لهن، وأول من وجه إليه ذلك الكلام من الرجال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأطهار الأبرار، والرجال من بعدهم تبع لهم في ذلك.
وقد تعرض الحجاب لحملات كثيرة من الكارهين لله ورسوله ودينه حتى قال قائل منهم: “لن تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه امرأة ويغطى به القرآن” (غلادستون، رئيس وزراء إنجلترا في ذلك الوقت). وقد تآمر على الحجاب الغرب الكاره لدين الله، والمتغربون من أبناء جلدتنا، وما تعيشه أمتنا اليوم ما هو إلا حلقة من حلقات التدافع بين الحق والباطل ولكل منهما دعاته ورجاله.