القومية البربرية الأمازيغية إبراهيم بيدون

كان للنعرات العرقية والقبلية والقومية دور كبير في تفتيت أوصال المجتمعات منذ العهد الجاهلي، حتى جاء الإسلام فحاربها وجعلها من دعوى الجاهلية، واعتبرها دعوة نتنة لقبحها وما يؤول إليه أمرها من تقاتل وتدابر وتنافر بين عناصر الأمة الواحدة، فعاشت الأمة في ظل آصرة العقيدة الإسلامية موحدة قوية منيعة الجانب، يجتمع تحت رايتها العربي والفارسي والرومي والحبشي.. في مودة ورحمة وإخاء، فكانت لها القوة وحققت المجد الذي أذعنت له الجبابرة والقياصرة والكياسرة..
لكن يأبى أقوام ذوو عصبيات عرقية نتنة إلا أن يحيوا نارا أطفأتها أخوة الإيمان، ومحفزهم الذي يحركهم رفض علو راية الإسلام خفاقة فوق ربوع الأرض، بدءا من عصبية الفرس الذين أخذتهم العزة بالإثم حتى أحدثوا ومجدِدُهم اليهودي عبد الله بن سبأ دينا سموه زورا وبهتانا إسلام أهل البيت، مرورا بالقومية العربية التي رفع لواءها نصارى ويهود الشام لهدم خلافة الإسلام الخلافة العثمانية، وقد حققوا ذلك بمعية العدو الصليبي الذي عمل بعد سقوط الخلافة على تقسيم الدول الإسلامية إلى دويلات تتعصب للتراب أكثر من تعصبها للقومية العربية، بله التعصب لعروة الإسلام..
وبعد فترة القومية العربية جاء الزمن الذي تعلن فيه القومية البربرية الأمازيغية حقها في التربع على كراسي الموائد السياسية العالمية، وانتشال الأعراف الوثنية من مزبلة التاريخ -إن صح هذا التعبير- التي طهرها الإسلام من النتن القديم لتقديمها دساتير وقوانين اجتماعية ينبغي إحياؤها من جديد، ومن أجل تحقيق ذلك خاضت الحركة الأمازيغية كل أشكال الاحتجاج وفرض الذات من أجل الاعتراف بها وبحقوقها التي اغتصبها الغزاة العرب المسلمون على حد زعم منظريهم، فمن تنظيم الجمعيات المدنية إلى تأسيس المنظمات الحقوقية إلى إقامة الكونغرس العالمي الأمازيغي الذي يعتبر أكبر منظمة بربرية تدعو إلى القومية والعصبية وتواجه الاستبداد المخزني العروبي، بعد ذلك انتقلت الحركة الأمازيغية إلى عقد المؤتمرات داخل ترابها الوطني وخارجه من أجل تسييس قضيتهم، ثم انتقلت هذه المؤتمرات إلى الدول الأجنبية اسبانيا بالخصوص، ثم عقد الندوات واللقاءات مع البرلمانات والأحزاب الأوربية المتطرفة، ثم إقامة مؤتمر عالمي كمؤتمر شعوب بلا دولة الذي انعقد بكورسيكا ضم أقليات وأعراق غير البربر الأفارقة، إلى مد يد الود والإتباع للدول التي كانت بالأمس راعية للحملة الإمبريالية الغربية كاسبانيا وفرنسا بالنسبة للفصيل الفرنكفوني، أو الولايات المتحدة الأمريكية كنشطاء الكونغرس العالمي الأمازيغي الأكثر تطرفا..، والذين صاروا يعدون كطابور خامس خصوصا بعد مدِّ أيديهم للكيان الصهيوني وانتصارهم له على حساب القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب وليس البربر..
ومن هنا نعلم أن العصبية العرقية لهؤلاء الأمازيغ لا تعترف بالانتماء الديني لأمة الإسلام، لأن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة الإسلامية من جاكرتا إلى الرباط بل إلى كل مسلم في أنحاء المعمور بغض النظر عن انتمائه العرقي، وذلك لما للأرض المباركة والمسجد الأقصى من تقديس ديني، وهو ما لا يوجد عند هؤلاء الذين يحترمون اليهود أكثر من احترامهم للرموز الإسلامية.
فهل لهؤلاء الذين يتكلمون عن الحقوق الأمازيغية انتماء عقدي ووطني إسلامي، أم أنهم لا يدينون إلا لعقيدة الكاهنة وامبراطورية تمازغا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *