هل صراعنا مع اليهود في فلسطين إسلامي أم علماني؟ الأستاذ الحسن بن الحسين العسال

قال الله سبحانه وتعالى:

“سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ، وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً، ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا، وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً، ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا، إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا” الإسراء.
“{من المسجد الحرام} وهو مسجد مكة {إلى المسجد الأقصى} وهو بيت المقدس الذي بإيليا معدن الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل عليه السلام، ولهذا جمعوا له هناك كلهم فأمهم في محلتهم ودارهم، فدل على أن محمدا هو الإمام الأعظم، والرئيس المقدم، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين. وقوله تعالى: {الذي باركنا حوله} أي في الزروع والثمار {لنريه} أي محمداً {من آياتنا} أي العظام.
ثم يخبر تعالى أنه قضى إلى بني إسرائيل في الكتاب، أي تقدم إليهم وأخبرهم في الكتاب الذي أنزله عليهم أنهم سيفسدون في الأرض مرتين، ويعلون علواً كبيراً، أي يتجبرون ويطغون ويفجرون على الناس، كقوله تعالى: {وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين} أي تقدمنا إليه، وأخبرناه بذلك، وأعلمناه به. وقوله {فإذا جاء وعد أولاهما} أي أولى الإفسادتين {بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد} أي سلطنا عليكم جنداً من خلقنا أولي بأس شديد أي قوة وعدة وسلطة شديدة، فجاسوا خلال الديار، أي تملكوا بلادكم وسلكوا خلال بيوتكم، أي بينها ووسطها، وانصرفوا ذاهبين وجائين لا يخافون أحداً وكان وعداً مفعولاً.
ثم قال تعالى: {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها} أي فعليها، كما قال تعالى: {من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها}. وقوله: {فإذا جاء وعد الآخرة} أي الكرة الآخرة، أي إذا أفسدتم الكرة الثانية وجاء أعداؤكم {ليسوءوا وجوهكم} أي يهينوكم ويقهروكم، {وليدخلوا المسجد} أي بيت المقدس {كما دخلوه أول مرة} أي في التي جاسوا فيها خلال الديار، {وليتبروا} أي يدمروا ويخربوا {ما علوا} أي ما ظهروا عليه {تتبيراً عسى ربكم أن يرحمكم} أي فيصرفهم عنكم، {وإن عدتم عدنا} أي متى عدتم إلى الإفساد {عدنا} إلى الإدالة عليكم في الدنيا مع ما ندخره لكم في الآخرة من العذاب والنكال، ولهذا قال: {وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً} أي مستقراً ومحصراً وسجناً لا محيد لهم عنه.
هذا الكلام ليس من كيسي بل هو من علم المفسر الكبير ابن كثير، فكأن الآيات نزلت اليوم، وهي تجيب بوضوح عن ماهية الصراع.
ولأن بني علمان لا يفهمون إلا من خلال أعداء الأمة، هذا إن كانوا يفهمون أصلا، فنقول لهم هاكم من ذاك الجانب:
إسرائيل
كان اسم سيدنا يعقوب عليه السلام إسرائيل، وإسرائيل تعني بالعبرية عبدالله، فإسرا تعني عبد، وإيل تعني الله، إذن: إسرائيل تعني عبد الله.
والخلاصة أن الدويلة السرطانية سمت نفسها على أساس ديني.
التلمود
يدعي اليهود أن موسى عليه السلام ألقى التلمود على بني إسرائيل فوق طور سيناء، وحفظه عند هارون، ثم تلقاه من هارون (يوشع)، ثم (إليعازر) وهلم جرا.. حتى وصل الحاخام يهوذا حيث وضع التلمود بصورته الحالية في القرن الثاني قبل الميلاد وذلك على ما يزعمون، والحقيقة أن التلمود هو موسوعة تضم كل شئ عن هواجس وخرافات بني إسرائيل. ويعطي اليهود التلمود أهمية كبرى لدرجة أنهم يعتبرونه الكتاب الثاني، والمصدر الثاني للتشريع.
والتلمود هو دستور بني يهود لأنه لا دستور علماني لهم. وبنو علمان من بني جلدتنا يدعون زورا وبهتانا أن الدويلة السرطانية، دويلة مؤسسات دستورية.
البقرة الحمراء
يدعي بنو يهود أنهم إذا وجدوا بقرة بمواصفات معينة،فإنها الإشارة لهم على هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه. وقبل سنوات اكتشف اليهود هذه البقرة الحمراء، حيث ولدت بأحد المزارع. وقاموا بإعداد المذبح المقدس لها وتم تدريب عدد من الحاخامات على طريقة التطهير والذبح والحرق لبقرتهم بل إنهم قاموا بتصميم الهيكل الذي سيبنونه على أنقاض الأقصى بعد تدميره ولكن ظهرت مشكلة عطلت هذه العملية إذ مع بلوغ البقرة تبين أن بها بقعة مائلة للسواد في جلدها وهذا حسب معتقداتهم ينفى أن تكون هذه البقرة هي المقصودة إذ يجب أن تكون البقرة حمراء بالكامل.
ويرى اليهود أنه إذا تأكدوا من أن هذه البقرة هي فعلا البقرة المرجوة أنه يجب عليهم هدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه. وتساعد الحكومة في التحضير لهذا اليوم وتهيئة العالم الإسلامي للقبول بأن يبنى هيكل اليهود.
قال الله سبحانه وتعالى:
“وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ، قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ، قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ، قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ” البقرة.
هكذا يعصي بنو يهود الله تعالى في ذبح بقرة، وبعد آلاف السنين يطيعون الشيطان في ذبح بقرة لم يأمر بها الله، بل ليتمموا جريمة اغتصاب فلسطين والاستحواذ على الأقصى بالكامل.
وبالمناسبة إن حفريات اليهود تحت المسجد الأقصى وصلت إلى منبر المسجد.. هذا منذ زمن ولا نعرف إلى الآن أين وصلت هذه الحفريات .
العلم الصهيوني ونجمة “داود” السداسية
إن نجمة داود هي رمز يتخذها اليهود شعارا لهم ولدولتهم و يضعونها بين خطين متوازيين لونهما أزرق والنجمة أيضا زرقاء اللون والنجمة ترمز إلى اليهود أو إلى بني إسرائيل والخطين يرمزان إلى نهري النيل والفرات لأن اليهود مؤمنون بأن الله سبحانه وتعالى، حسب افترائهم ووحي الشيطان لهم، قد وهبهم الأرض الواقعة بين نهري النيل والفرات.
ونجمة داوود تسمى أيضا بخاتم سليمان وتسمى بالعبرية ماجين داويد بمعنى “درع داوود” وتعتبر من أهم رموز هوية الشعب اليهودي.
أورشليم
اسم أورشليم مكون من قسمين “أور” معناها بلاد أو منطقة و”شليم” معناها سلام أي دار السلام وهي ترمز لأورشليم السماوية مسكن الله مع الناس، حسب اعتقاد اليهود، فالعاصمة المزعومة أيضا أصلها ديني.
يهودية الدويلة السرطانية
برز مصطلح يهودية “الدويلة الإسرائيلية” في السنوات الأخيرة بوتيرة متسارعة، وذلك على الرغم من أنه ليس حديث العهد، بل ظهر في أدبيات المؤتمر الصهيوني الأول الذي أنهى أعماله في نهاية أغسطس/ آب 1897 في مدينة بازل السويسرية.
وفي يوم الأربعاء 16/7/2003 اتخذَّ الكنيست الإسرائيلي قرارا بضرورة تعميق فكرة يهودية الدولة وتعميمها على دول العالم ومحاولة انتزاع موقف فلسطيني إلى جانب القرار المذكور.
وطرح شارون أفكارا لإسكان أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة في العراق وتجنيسهم بالجنسية العراقية، وأكد مرارا أن [إسرائيل] دولة يهودية نقية وهي لليهود في [إسرائيل] وكل العالم.
الحرب على غزة والحضور الديني المكشوف
كل العالم رأى بأم عينيه كيف كان الحاخامات يتمايلون أمام الدبابات حاملين التوراة بخشوع وتضرع لشياطينهم.
وخلال الحرب وزع الحاخام الخاص بالجيش “الإسرائيلي” كتيبا على الجنود الذين يقاتلون في غزة يحتوي على فتوى دينية يهودية تعارض الرحمة بالأعداء.وأكد على أن إظهار الرحمة إزاء “عدو قاس” “هو شيء لا أخلاقي بصورة فظيعة” وأبلغ الجنود بأنهم يحاربون “قتلة”.
هل الصراع إسلامي أم علماني؟
إن كل من يريد أن يجعل صراعنا مع بني يهود في فلسطين صراعا غير ديني فليقنعهم أولا بذلك، وليسأل”شاشيتهم”وعلمهم وعطلهم وديمقراطيتهم وشعارهم الذي يلقنونه لأطفالهم كل صباح في المدارس، وليسأل ديمقراطيتهم.
وبعد ذلك ستأتيه الإجابة صارخة أن صراعنا مع بني يهود صراع ديني وليس سياسيا كما يسوِّق بنو علمان ليطفئوا حمية الدين عند المسلمين، ويرمى بقضية اغتصاب القدس وفلسطين في ربيدة من ربائد[1] النسيان.
إن الصبغة الإسلامية التي تتمتع بها القضية الفلسطينية هي التي جعلتها في سويداء القلب، وفي قلب الصراع بين الحق والباطل، بين الإسلام والكفر، بين الشرق والغرب. إنه الإسلام المجيد الذي لولاه بفضل الله لاستسلم العرب للمفاوضات العبثية والسلام الاستراتيجي الموؤود شعوبا وحكاما، ولقبلوا بالفضلات، ورضوا بالفتات الذي يتفضل به بنو يهود عليهم. لولا هذا الإسلام لما انبعثت القضية كل مرة -كالعنقاء- من تحت الرماد ومن تحت الأنقاض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الربائد ما يسمى اليوم بالأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *