متى يمسك ومتى يفطر؟

يجب على المسلم في نهار رمضان الإمساك عن الأكل والشرب والجماع:

قال الله سبحانه: “فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ” .
“فأذن في المباشرة؛ فعقل من ذلك أن المراد الصيام من المباشرة والأكل والشرب” .
وقوله تعالى: “وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ” فسّرته السنة:
عن عائشة رضي الله عنها: “أن بلالا كان يؤذن بليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم؛ فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر».
والمقصود بالفجر هنا؛ الفجر الصادق:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الفجر فجران: فجر يُحَرِّم الطعام وتحل فيه الصلاة، وفجر تحرم فيه الصلاة -أي صلاة الصبح- ويحل فيه الطعام» .
فهناك فجر تحرم فيه صلاة الصبح، ويحل فيه الأكل للمتسحر، وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه: كاذب، يذهب طولا ولا يذهب عرضا، وهو بياض مستطيل يشبه ذنَب الذئب، وصفة الصادق؛ أنه يذهب عرضا ولا يذهب طولا، “وهو أحمر مستطير، معترض على رؤوس الجبال والشعاب، منتشر في الطرق والسكك”، فهذا الفجر هو الذي ينبغي أن يؤذن عنده الأذان الثاني ليمسك المسلم عن المفطرات.
أي :أتموا الإمساك عن المفطرات إلى أول الليل، وهذا مبيَّن في السنة أيضا:
عن عبد الله بن أبى أوفى رضي الله عنه قال:” كنا مع رسول الله صلى الله عليه في سفر في شهر رمضان، فلما غابت الشمس، قال: «يا فلان انزل فاجدح لنا». قال: يا رسول الله عليك نهارا. قال: «انزل فاجدح لنا». قال: فنزل فجدح. فأتاه به فشرب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال بيده: «إذا غابت الشمس من ههنا وجاء الليل من ههنا فقد أفطر الصائم».
قال العلامة النووي رحمه الله: “معناه أن رسول الله وأصحابه كانوا صياما في شهر رمضان، فلما غربت الشمس أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالجدح ليفطروا، فرأى المخاطَب آثار الضياء و الحمرة التي بعد غروب الشمس، فظن أن الفطر لا يحل إلا بعد ذلك، واحتمل عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرها فأراد إعلامه بذلك”.
قال: “وفيه بيان انقضاء الصوم بمجرد غروب الشمس واستحباب تعجيل الفطر”.
وبالنسبة لبعض الدول التي يكون فيها النهار أطول من الليل بكثير على مدار السنة، حيث يكون الليل مثلا ثلاث ساعات فقط، في حين يكون النهار واحد وعشرين ساعة، فحكم أهلها أنه يجب عليهم الصوم لأنهم شهدوا الشهر؛
فهذه الآية تدل على أن من شهد رمضان من المكلفين وجب عليه أن يصوم، سواء طال النهار أو قصر، فإن عجز عن إتمام صيام يوم وخاف على نفسه الموت أو المرض جاز له أن يفطر بما يسد رمقه ويدفع عنه الضرر، لأنه اضطر لذلك، ثم يمسك بقية يومه، وعليه قضاء ما أفطره في أيام أخر يتمكن فيها من الصيام.
مسألة:
إذا كان الصائم في الطائرة، واطلع بواسطة الساعة أو الهاتف، عن إفطار البلد القريبة منه، وهو يرى الشمس بسبب ارتفاع الطائرة، فليس له أن يفطر؛ ؛ وهذه الغاية لم تتحقق في حقه مادام يرى الشمس. وأما إذا أفطر بالبلد بعد انتهاء النهار في حقه، فأقلعت الطائرة ثم رأى الشمس فإنه يستمر مفطراً؛ لأن حكمه حكم البلد التي أقلع منها وقد انتهى النهار وهو فيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *