مساهمة ثقافة حقوق الإنسان الدولية في انحلال الشباب وانحرافهم نبيل غزال

إن المؤتمرات والاتفاقيات الدولية وإن كانت في نصوصها تغيِّب عنصر الشباب كهدف وتقتصر على ذكر لفظة إنسان، إلا أن الحقيقة أن أغلب موادّها وتوصياتها تستهدف طبقة الشباب، فمؤتمر 1975م المنعقد في المكسيك دعا إلى حرية المرأة في الإجهاض، والحرية الجنسية للمراهقين والأطفال، ثم مؤتمر نيروبي عام 1985م، ثم مؤتمر القاهرة سنة 1994م، ومؤتمر بكين وبكين زائد 5 وبكين زائد10، فكل هذه المؤتمرات تعنى بالشباب، لأن أغلب المواضيع التي تتناولها توصياتها تهم مشاكل وأحاسيس وسلوكيات تعتري الإنسان خلال مرحلة شبابه.

الشباب هم أغلى ما تملك الأمة من طاقاتها؛ وهي القوة الاحتياطية التي تعدّ لتسلم شؤون الحياة بأكملها، وكيف ما يكون شباب الأمة يكون مستقبلها، لذا فإن العناية بجيل الشباب ورعايته، هي جزء من التخطيط لمستقبل الأمة ومصيرها.

غير أن شبابنا اليوم تواجهه مشاكل عدة من شأنها أن تهوي به في دروب الانحراف السحيق، فالبطالة، والمخدرات، وقلة فرص الشغل، والفقر، وارتفاع مستوى المعيشة بشكل مهول، مقابل انفتاح إعلامي وثقافي وقيمي على كل ما هو غربي، من شأنه أن يخبي هذه الطاقة، بل أن يحولها أداة هدم لمقومات العقيدة والأخلاق والسلوك.
ولعل أبرز ملامح هذا الخطر الزاحف وأكثره إلحاحاً علينا ما يتعلق بالجانب الأخلاقي، بتربية الأبناء وتنشئتهم على السلوك والقيم النابعة من ثقافتنا وهويتنا، في مواجهة السلوك والقيم الغربية، التي يعمل الغربيون ليل نهار على نشرها وتعميم نمطها في الحياة على العالم أجمع، قصد إخضاعه اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وفكريا.
ولذلك اتخذ الغرب من مؤتمرات المرأة والسكان، والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقيات حماية البيئة والتنمية المستدامة، أسلوباً مباشراً لفرض مفاهيمه حول الأسرة والزواج وحقوق المرأة، وحقوق الطفل والعلاقات الجنسية والإجهاض، والشذوذ وكل ما يتصل بالناحية الاجتماعية في الحياة، وأطلق من خلالها الدعوات لدول العالم من أجل رفع تحفظاتها على توقيع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، واتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
إن المؤتمرات والاتفاقيات الدولية وإن كانت في نصوصها تغيِّب عنصر الشباب كهدف وتقتصر على ذكر لفظة إنسان، إلا أن الحقيقة أن أغلب موادّها وتوصياتها تستهدف طبقة الشباب، فمؤتمر 1975م المنعقد في المكسيك دعا إلى حرية المرأة في الإجهاض، والحرية الجنسية للمراهقين والأطفال، ثم مؤتمر نيروبي عام 1985م، ثم مؤتمر القاهرة سنة 1994م، ومؤتمر بكين وبكين زائد 5 وبكين زائد10، فكل هذه المؤتمرات تعنى بالشباب، لأن أغلب المواضيع التي تتناولها توصياتها تهم مشاكل وأحاسيس وسلوكيات تعتري الإنسان خلال مرحلة شبابه، فالشذوذ الجنسي غالب ما يظهر على صاحبه في سن الشباب، وكذلك رفع سن الزواج متعلق بالشباب، وكذا الحرية الجنسية وغيرها.
ويمكن إجمال خطورة هذه المؤتمرات من الناحية الأخلاقية والاجتماعية والتعليمية والصحية في النقاط الآتية:
– الاعتراف بالشذوذ الجنسي، ومراجعة ونقض القوانين التي تعتبره جريمة.
– الدعوة إلى حرية العلاقات الجنسية المحرمة، واعتبار ذلك من حقوق المرأة الأساسية.
– توفير خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للمرأة.
– نشر وسائل منع الحمل ذات النوعية الجيدة، ومنع حالات الحمل غير المرغوب فيها، والدعوة إلى منع حالات الحمل المبكر.

– الاعتراف بحقوق الزناة والزانيات (الأمهات العازبات).
– السماح بأنواع الاقتران الأخرى غير الزواج.
– التنفير من الزواج المبكر، وسن قوانين تمنع حدوث ذلك.
– إنهاء تبعية المرأة والبنت من الناحية الاجتماعية.
– تشجيع التعليم المختلط.
– الدعوة إلى التثقيف والتربية الجنسية المفهوم العلماني.
– الدعوة إلى أن يكون السلوك الجنسي الآمن، والوقاية من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي جزءاً لا يتجزأ من خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، مع ضمان السرية والخصوصية للمراهقين والمراهقات فيما يتعلق بهذا الجانب، تسهيلا لممارسة حريتهم الجنسية.
– تيسير انتشار وتوزيع العازل الطبي بين الذكور على نطاق واسع وبأسعار زهيدة.
– الاعتراف بهذه العلاقات الجنسية المحرمة، والتي تسبب هذه الأمراض الجنسية.
– الدعوة إلى أن يكون الإجهاض غير مخالف للقانون، وأن يكون مأموناً طبياً..
فكل هذه التوصيات والمطالب متعلقة أساسا بالشباب، وأغلبها تحقق في الدول الإسلامية والباقي في طريق التحقق.
وعلى العموم فإن نشر مفهوم الحرية الفردية وثقافة حقوق الإنسان يحول دون إمكانية سن قوانين تكرس تنشئة الشباب على العفة والطهر والدين، حيث لا يمكنُ في ظل ثقافة حقوق الإنسان تجريم الزنا والشذوذ الجنسي والسحاق والتحول الجنسي والردة عن الإسلام والإجهاض والعري وترويج الأفكار المخلة بالاعتقاد، وكنتيجة لهذا كله لا يمكن الحديث عن الدين والأخلاق مع هيمنة ثقافة الحداثة الغربية المنسلخة من الدين.
هذه هي الحضارة التي يريدون تعميمها على العالم الإسلامي بفرض أفكارهم المتعلقة بحق الإنسان/الشباب في تغيير هويته الجنسية، ومن ثم الاعتراف رسمياً بالشواذ والمخنثين واللوطيين والسحاقيين بدعوى حماية الحرية الفردية؛ وحقه في الإلحاد والكفر بدعوى حرية الاعتقاد والتفكير.

ولا عجب حينئذ أن نرى القنوات الإعلامية والصحف والمجلات العلمانية تعرض ثقافة الجنس وفق المفهوم الغربي الذي يرى في منظومة قيمنا وأخلاقنا الإسلامية عائقا من عوائق التنمية، فتروِّج للمثليين الشباب كالشاذ “الطايع” والمتحول جنسيا “نور”، وتحتفي بهما في “المحافل” الوطنية والدولية، وتدافع عن مطالبهما.
والمضحك أن يصر العلمانيون على اعتبار الآثار السلبية للانفتاح الغربي من شذوذ وزنا ولواط وانتشار المخدرات.. ضريبة للتحرر وتحقيق مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي المنهجية نفسها التي اعتمدها الرئيس الأمريكي “جورج بوش” باحتلاله للعراق حين اعتمد استراتيجية “الفوضى الخلاقة” التي استقاها من اليهودي المهاجر إلى روسيا “ناتان شارنسكي” من خلال كتابه “قضية الديمقراطية”، والتي يدعو فيها أمريكا إلى استخدام الطائفية كوسيلة للقضاء على محاور الشر وتحقيق الديمقراطية في المنطقة العربية، فضريبة تحقيق الديمقراطية واحدة عندهم.
إن الغرب ومن ورائه الطابور الخامس/العلمانيون حين يستهدفون منظومة القيم والأخلاق الإسلامية في مجتمعنا يضربون شريحة الشباب قي مقتل، إذ يعمدون إلى إشغالهم بالشهوات والشبهات وما لا يعود عليهم بنفع، فينسفون فيهم مقومات الهوية والعقيدة الإسلامية، والقيم والأخلاق ليتم التحكم في حياتهم من جميع جوانبها الاقتصادية والسياسية والفكرية.
إن إشاعة ثقافة حقوق الإنسان بمفهومها العلماني المدافعةِ عن الزنا، والشذوذ الجنسي، والسحاق، والتحول الجنسي، والردة عن الإسلام، والإجهاض، والعري، والمروجة للأفكار المخلة بالاعتقاد من شأنها أن تنشر الانحلال والتفسخ بين الشباب، فكيف يمكن الحديث عن شباب يعوَّل عليه في القضايا المصيرية لأمته ووطنه كتحرير سبتة ومليلية والقدس وفلسطين والعراق؟
أليست نتائج إشاعة ثقافة حقوق الإنسان تتماهى مع نتائج حركة التنصير التي قام بها القساوسة في البلاد الإسلامية في بداية القرن العشرين؟
والإجابة عن هذا السؤال نسمعها من فم المستشرق القس “زويمر” حيث قال في مؤتمر القدس: “إن مهمة التبشير التي لأجلها ندبتكم الدول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست في تنصير المسلمين، فإن في ذلك هداية لهم وتكريماً، وإنما هي في إخراج المسلم من الإسلام وجعله مخلوقاً لا صلة له بالله وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليه الأمم في حياتها وبهذا تكونون بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية”
ثم بعد ذلك وجه خطابه إلى إخوانه القسيسين فقال: “إنكم قد ظفرتم ونجحتم أيما نجاح في مهمتكم ذلك لأنكم أعددتم جيلاً لا همة له إلا بالشهوات، فإن سما إلى أعلى المناصب ففي سبيل الشهوات، وإن جمع المال فلأجل الشهوات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *